مواعيد الضمان والحكومة الإلكترونية - فهد السلمان

  • 1/24/2014
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

شكا لي أحد المستفيدين من المعونات المقطوعة في الضمان الاجتماعي معاناته مع مواعيد الصرف، وعدم انتظامها، ما دفعني للاستعانة بعلّامة الزمان قوقل، لأكتشف أنني في مواجهة حقيقتين.. الأولى أن الرجل كان مُحقاً فيما ادّعاه فهنالك العديد من الشكاوى بهذا الخصوص، ومن بينهم معاقون وأرامل وعجزة، وحتى على مستوى المعونات الشهرية أحياناً، والثانية أن الضمان الاجتماعي هو الجهة الوحيدة تقريباً التي لا تزال تعلن عن مواعيد الصرف عبر الصحف في كل مرة مما يعني عدم انتظام الصرف في مواعيد ثابتة. كلنا نعرف أن الضمان الاجتماعي حق كفلته الدولة وأنظمتها وميزانياتها لشرائح اجتماعية معينة، وليس منّة ولا هبة، مثلما ندرك في الوقت عينه حساسية صرف هذه المعونة على اعتبار أن جزءاً منها هو أموال زكاة يجب أن تصرف في وجوهها المعتبرة، لكن كل هذا لا يُلغي تقصير وزارة الشؤون الاجتماعية في بلوغ آلية تنظيمية تضمن مواعيد ثابتة للصرف سواء المعاشات الشهرية أو المعونات المقطوعة، ونحن نعيش زمن الحكومة الإلكترونية. هؤلاء المستحقون مواطنون أصيلون، لهم في هذا الوطن مثل ما لغيرهم من الأثرياء والميسورين الذين لو تأخر استحقاقهم نصف ساعة لأقاموا الدنيا ولم يُقعدوها، رغم أنهم لن يذهبوا بتلك الأموال فور استلامها لشراء الطعام، وإسكات صرخات الجوع في بطون أطفالهم، وإنما للتأكد فقط من تصاعد مدّخراتهم. هؤلاء.. ومنهم المتعففون الذين تعرق جباههم رغم حاجتهم حتى عند السؤال عن الموعد، لا ينتظرون المعونة ليقتحموا بها أبواب مساهمة جديدة، ولا ليفكوا بها موديلاً جديداً من إحدى الوكالات، ولا ليبدّلوا بها تسريحات نسائهم، أو ينفقوها في متجر عطور، وإنما ليسدّوا بها حنك مؤجّر ثرثار لا يزال يتربص بهم بالباب يُهددهم بإلقائهم وسقط متاعهم في عرض الطريق، أو ليضعوها في يد تاجر الجملة، أو عامل البقالة الذي توقف عن إقراضهم قوت يومهم. يا وزارة الشؤون فكروا رجاءً "مأجورين مشكورين" على هذا النحو في هؤلاء الناس الذين يستحقون بالفعل جهد تفكيركم، وبادروا في تطويع هذه الإمكانيات الهائلة من التقنية وأنظمة الأتمتة، وسخاء الحكومة لإيصال حقوقهم إليهم دون الحاجة للإعلانات في الصحف عن المواعيد، (نحن نعرف أنكم تعملون)، وإنما لأن أكثرهم وإن كان من بينهم من يستطيع أن يقرأ فإنه سيظل يعتبر الصحف ترفاً لا يليق بوضعه، أما أن تكون الذريعة هي المزيد من تحرّي الدقة، فهذه حجة فات زمانها أو هكذا يُفترض مع القرون الوسطى، ومع نظام التأدية، والمعروض والصادر والوارد وورق الكربون، في زمن سيادة الآلة الرقمية، وبرامج وأنظمة الكمبيوتر.

مشاركة :