صحيفة وصف -تحقيق عبدالله العريفي: في شهر رمضان من كل عام تظهر جدلية العلاقة بين الصيام فيه وبين إنتاجية الموظف في العمل رغم أنه لا توجد دراسات أو إحصائيات تظهر تأثير الصوم على إنتاجية الموظف في شهر رمضان، ومع أن قياس الإنتاجية في شهر رمضان يحتاج لدراسات موسعة لمعرفة العوامل المؤثرة عليها سواء في القطاع العام أو في القطاع الخاص وأساليب معالجة تدني تلك الدافعية والتي تعتمد على الوقوف على أسباب تلك المشكلة ومن ثم وضع الحلول واختيار الأساليب لمعالجتها إلا أن الكثير من التقديرات تشير إلى انخفاض معدلات الأداء والإنتاجية في شهر رمضان في كل عام، مما يتطلب أن تسعى الإدارات على اختلافها إلى إنشاء بيئة عمل فعالة وحيوية تساعد على تعزيز إنتاجية الموظفين في كافة الأوقات وزيادة التحفيز الذي يُعد غيابه من أهم أسباب تدني الإنتاجية مع ضرورة وضع التحفيز المادي والمعنوي وتكثيف البرامج التدريبية الداخلية والخارجية. عادات سلبية مراجع كان في طريقه لإحدى الإدارات لإنجاز معاملة له، تحدث قائلاً: الشعور بالتعب والإرهاق بسبب الصوم يختلف من شخص لآخر، اذ ان سبب شعور بعض الصائمين بالتعب يرجع إلى بعض العادات السلبية خلال شهر رمضان مثل السهر إلى أوقات متأخرة أو تناول وجبات دسمة وكثيرة بشكل غير صحي مع أن شهر رمضان هو شهر العطاء والبذل والعمل وليس شهر الضعف والكسل وهو ليس عائقاً عن أداء أي عمل أو التقاعس عن إتقانه وتقاعس بعض الموظفين في أعمالهم وتراخيهم عن إنجازها بسبب عدم فهمهم للمعنى الحقيقي للصيام وعدم إدراكهم لأهمية الإخلاص في العمل مع أن الإنسان بطبيعته يملك القدرة ولديه القدرة على التكيف مع الأجواء والظروف التي يتواجد فيها ولكن الملاحظ مع الأسف الشديد أن الأداء لمعظم الموظفين في معظم الدوائر خلال رمضان يصل إلى مرحلة الكساد الوظيفي لدى الكثير من الموظفين بالإضافة إلى أنه يُلاحظ في بعض الدوائر أن بعض الموظفين لا يتحملون أي كلام أو توجيه وقد يكون ذلك بسبب تغير بعض الظروف المحيطة بهم مثل الاختلاف في ترتيب اليوم مما يُؤدي إلى حدوث نوع من الاضطرابات السلوكية مما يؤدي إلى انفلات الأعصاب أو حدوث مشاحنات، كما أن أغلب الموظفين لا يكون متواجداً في أثناء وقت الدوام وغالباً ما يكون الجواب من قبل زملائه في العمل عندما يسأل عنه المراجع: «بيرجع بعد شوي» وتمر الدقائق والساعات ويقارب الدوام على نهايته والموظف لم يرجع وتبقى المعاملة عالقة وانتظار رجوع ذلك الموظف لا يزال مستمراَ وربما لا ينتهي، فالموظف لا يزال غائباً عن عين المراجع والدوام يوشك على الانتهاء. سلوكيات الموظفين موظف آخر في إحدى الإدارات قال: سلوكيات الموظفين تتغير من خلال تغير بعض العادات وخاصة عادات السهر وقلة عدد ساعات النوم الأمر الذي بدوره ينعكس بشكل سلبي على أداء الموظفين والعاملين في رمضان بشكل عام مما يؤثر على إنتاجيتهم، فيصعب على الموظف الصائم في رمضان أداء أعماله اليومية بفاعلية حيث تنخفض لديهم مستويات الطاقة ويميلون إلى الشعور بالتعب والإرهاق. وأضاف بـأنه يُعاني عند الاستيقاظ صباحاً للذهاب إلى عمله، ولا أستطيع الاستيقاظ للوصول إلى عملي وعندما أصل إليه أقوم بتأجيل المعاملات المتراكمة أو أوزعها بين زملائي في القسم وهم يقومون بدورهم بتأجيلها لأوقات أُخرى وربما إلى مابعد رمضان، وليس الموظف وحده هو من يعتقد أن شهر رمضان هو شهر الراحة وانخفاض الإنتاجية ولكن هناك أيضاً المراجع يعتقد أن رمضان هو شهر راحة للموظف في الإدارات، لذا فإن تراجع إنتاجية الموظف بمختلف القطاعات خلال رمضان يُعد أمراً طبيعياً بالنظر إلى تقليل ساعات العمل وهو ما يعني حدوث فرق في الإنتاجية، كما أن نقصان مدة النوم أيضاً تؤدي إلى فقدان التركيز لدى البعض وبالتالي يتأثر الأداء في العمل بسبب قلة التركيز. تغير جذري وتقول إحدى الموظفات: في شهر رمضان يتغير نمط الحياة تغيراً جذرياً، ولكن تغيير وقت الدوام الحكومي إلى الساعة العاشرة صباحاً هو مضيعة للوقت ويشجع على عدم الإنتاجية في العمل، والأفضل أن يبقى الدوام عند الساعة الثامنة صباحاً كالأيام العادية وينتهي وقت صلاة الظهر عند الساعة الثانية عشر ظهراً، مؤكدة أن الدوام الباكر يمنح الموظف والموظفة على حد سواء فرصة أكبر لتقديم إنتاجية أكبر من الوقت المعتاد وكذلك يمنح الموظفة فرصة للعودة لمنزلها لمتابعة متطلبات المنزل في هذا الشهر الفضيل، وهذا يتطلب توعية في وسائل الإعلام المختلفة لفترة من الزمن حيث أن هذا الدوام سيضبط ساعات النوم لدى المجتمع وسيعمل على تلاشي سلبيات النوم في فترة النهار والسهر المتواصل في فترة الليل. تغيير صورة العمل من جانبه يوضح حمود الباشان أن أسباب ضعف إنتاجية الموظف تعود إلى مؤثرات صحية وسلوكية واجتماعية وإعلامية ونفسية قد أثرت عليه وتعود عليها قبل رمضان وأثناء رمضان اذ أن أساليب معالجة تدني تلك الدافعية يكون بتغيير صورة العمل في أذهان الناس إلى صورة إيجابية وخصوصاً في رمضان، وتقليل ساعات العمل لما لها من آثار نفسية وإعطاء حوافز معنوية ومادية والعمل مقابل الأفضلية في وقت التمتع بالإجازات الاختيارية، وبعض الأشخاص يُشكل لهم الأكل متعة والحرمان منه لفترة طويلة يجعل سلوكهم غير منضبط ويستثارون بسرعة فيغضبون ويتصرفون بغير عقلانية، فهؤلاء تُقدم لهم دورات تدريبية وحثهم على ضبط النفس والصيام يساعد بشكل كبير في ذلك. خدمة المراجعين ويؤكد عبدالله عريشي أن إنتاجية الإنسان المسلم وإنجازه في العمل سواء كان صائماً أو مفطراً فالواجب أن تكون متميزة لأنه يؤدي عبادة لله سبحانه وتعالى ، ودين الإسلام شامل لكل أمور الحياة والعبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، فإنجاز الأعمال وخدمة المراجعين عمل عبادي لله سبحانه قبل أن يكون مهمة وظيفية يقوم بها الموظف ولو أحسن الإنسان النية والمعاملة للناس لوجد راحة نفسية ورضا عن الذات. وأضاف أن من أسباب تراجع الإنتاجية هو السهر وليس الصوم، ويمكن أن الإخوة المدخنين أكثر تذمراً وغضباً في التعامل مع الآخرين عن غيرهم مع أنه من المفترض أن الصائم أكثر إنتاجية وسمواً في أخلاقه وتعامله مع الآخرين والرسول – صلى الله عليه وسلم – والصحابة – رضوان الله عليهم – خاضوا أكثر الحروب وهم صائمون، فهل نقارن إنتاجية العمل في الحر والصوم والجوع والعطش مع ما نحن فيه من نعم عظيمة وأجواء مكيفة في السيارة والمكتب والبيت، وإذا أردنا أن نغير من تلك السلوكيات في العمل فعلينا غرس قيمة العمل وأنه عبادة لله، وأن حسن المعاملة وإنجاز العمل عبادة نثاب عليها قبل أن نستلم عليها الراتب. دعت أصحاب العمل للاستفادة من «قيمة رمضان» في تحسين أداء الموظفين دراسة تؤكد أن العمل ست ساعات أكثر إنتاجية من ثمان ساعات! أكد تقرير لشركة «أكسفورد» للاستشارات الإستراتيجية أن العمل لأسابيع أقل يمكن أن يعمل على زيادة سعادة الموظفين ومشاركتهم على المدى البعيد. وأشار التقرير إلى أن أسابيع العمل الأقل خلال شهر رمضان ربما تعود بالنفع على أرباب العمل في شكل إنتاجية أفضل وأكثر للموظفين على مدار السنة. ودعا التقرير-وفق صحيفة « الاتحاد «- الشركات إلى عدم الاعتقاد بأن رمضان يُعد بمثابة فترة غير منتجة للشركات، مؤكدة عدم صحة الاعتقاد بأن الشهر يتسبب في انخفاض الأداء، والعمل لساعات أقل، وفقدان الفعالية الإنتاجية بصفة عامة، ونصح التقرير قادة الأعمال أن يستمدوا القيمة من رمضان عبر التركيز على تحسين الكفاءات، والاستفادة من الأنشطة غير الرسمية لزيادة المشاركة، وتبني التغيير من أجل زيادة الإبداع والابتكار داخل المؤسسة. وأكد التقرير أنه ليس بالضرورة أن تُترجم ساعات العمل الكثيرة إلى زيادة في الإنتاجية، مسترشداً بتجربة اليابان، حيث تم تخفيض ساعات العمل باستمرار منذ أوائل سبعينيات القرن الماضي، ومع ذلك استمرت إنتاجية الشركات والعمال في الارتفاع خلال هذه الفترة، وفي بريطانيا عندما اضطرت الشركات إلى العمل ثلاثة أيام في الأسبوع بسبب إضراب عمال المناجم خلال سبعينيات القرن الماضي، ووجد الخبراء أن الإنتاج لم ينخفض سوى بنسبة 6 % منوهاً بأن معظم الدراسات تشير إلى انخفاض الإنتاجية بشكل كبير بعد 8 ساعات من العمل، وتتحقق النسبة الأكبر من الإنتاجية ما بين ساعتين إلى 6 ساعات من العمل، حيث توصل العاملون في المكاتب إلى أنهم يكونون عرضة بشكل خاص لتدهور الأداء بعد 6 ساعات مفيدة من العمل يومياً، مقارنة بعدد 8 ساعات للوظائف التي تعتمد على الجانب اليدوي بدرجة كبيرة، وطالبت « أكسفورد « بالتركيز على تحسين فعالية ساعات العمل، خصوصاً أن ما يبدو أنه مكسب على المدى القريب لدى الأشخاص الذين يعملون بما يتجاوز طاقاتهم في الأماكن التي يكونون فاعلين فيها حقاً، يمكن أن يقابله مشكلات على المدى البعيد، كاستنفاد طاقات الموظفين، ووقوع الأخطاء، ووجود مشكلات في الاحتفاظ بالموظفين وتعيينهم، إضافة إلى تضاؤل العائدات الإنتاجية بدرجة كبيرة . يحق لمن تأخرت معاملته اللجوء للقضاء الإداري للمطالبة بالتعويض أكد بخيت آل غباش محام ومستشار قانوني أن سن القوانين هو انعكاس للواقع الاجتماعي، فهو بمثابة هندسة للعلاقات الاجتماعية داخل مجتمع ما، وقد راعت الجهات المعنية في الدولة البعد الاجتماعي وكيفية تعاطي المجتمع مع شهر رمضان خاصة فيما يتعلق بقيام الليل وتأخر فترة النوم، ومن خلال ذلك جاءت فكرة أن يبدأ الدوام في وقت متأخر من النهار وتخفيض المدة إلى خمس ساعات يومياً. وأضاف أن الفاعلية ليست مرتبطة بوقت بداية فترة العمل أو نهايتها بقدر ماهي مرتبطة بالكفاءة الإدارية من حيث توجيه مهارات العاملين وتوجيه المهام الوظيفية اليومية لضمان الأداء الفعال للجهة الحكومية سواء أكان ذلك في شهر رمضان أم في غيره من أشهر السنة، وأما يتعلق بحقوق المراجع فبدون أدنى شك أن الجهات الإدارية عموماً وعلى وجه الخصوص تلك التي تقدم خدمة للمواطنين أو المقيمين يقع على عاتقها تقديم الخدمة المناسبة في الوقت المناسب، وعدم قيامها بتلك الخدمة في الوقت المناسب طالما توافرت شروط إنهاء المعاملة قد يعتبر من قبيل القرارات الإدارية السلبية والتي تعني عدم قيام جهة الإدارة باتخاذ إجراء كان من الواجب عليها اتخاذه، مما يجعل هذا التصرف خروجاً عن المشروعية، ويحق لمن أصابه ضرر منه اللجوء للقضاء الإداري للمطالبة بالتعويض.
مشاركة :