تحت هذا العنوان نعرض لحلقات يومية متتابعة على مدار أيام الشهر الفضيل، نقدم من خلالها وصفاً للأيام الاخيرة في حياة بعض الشخصيات التي كان لها اثر واضح في تاريخ الأمة الاسلامية، لنتخذ منها العبرة والعظة... والله أسأل التوفيق والسداد. وتحرك أتباع ابن سبأ في البلدان بدعوتهم الخبيثة ودعوا مؤيديهم في السر الى ما هم عليه من الخروج على الولاة والخليفة والعمل على عزل عثمان عن الخلافة وبذلك أفسد «السبئيون» في الارض وأفسدوا المسلمين ومزقوا كلمتهم وزعزعوا وحدتهم وهيجوا الناس على الولاة والامراء ونشروا الافتراءات ضد الخليفة عثمان نفسه، وكانوا بهذه الجرائم المنظمة والمدروسة بمهارة يريدون غير ما يظهرون ويسرون غير ما يعلنون ويهدفون الى عزل عثمان والقضاء على النظام الاسلامي لتحقيق اغراض شيطانهم عبد الله بن سبأ واعوانه من اليهود والنصارى والمجوس. كان نزول الخوارج السبئيين في المدينة وحصارهم لعثمان في الثامن من ذي القعدة سنة خمس وثلاثين، ولما كانت الجهة الاولى من احتلالهم المدينة خرج عثمان يخطب خطبة الجمعة ويصلي بالناس، فصلى بالناس وبعدما انهى الصلاة قام على المنبر وكان في المسجد الخوارج السبئيون وبعض الصحابة والمسلمين، ولما صعد عثمان المنبر قال: يا هؤلاء الاعداء الله الله اتقوا الله، فوالله ان اهل المدينة ليعلموا انكم ملعونون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فامحوا الخطايا بالصواب، فإن الله عز وجل لا يمحو السيئ الا بالحسن، فثار السبئيون في المسجد جميعا وحصبوا الصحابة والمسلمين بالحجارة وأخرجوهم من المسجد وطردوهم وشتموهم وحصبوا عثمان رضي الله عنه بالحجارة فسقط عن المنبر مغشيا عليه وحمل وأدخل داره، وهو مريض مغمى عليه، واستعد مجموعة من الصحابة لقتال الخوارج السبئيين، ولو كانوا اقل وأضعف منهم، ومنهم سعد بن ابي وقاص، وأبو هريرة، ومحمد بن مسلمة، وزيد بن ثابت، والحسن بن علي بن أبي طالب، وعبد الله بن الزبير وآخرون، فلما علم عثمان بذلك ارسل اليهم وأمرهم بالكف عن القتال ووضع السلاح والعودة الى بيوتهم فنفذوا امره من باب السمع والطاعة، ولكنهم كانوا مكرهين. وبعدما صُرع عثمان رضي الله عنه في تلك الجمعة استمر يصلي بالناس إماما في المسجد ويصلي خلفه المسلمون، والخوارج السبئيون، وبعد ذلك بأيام منعه الخوارج السبئيون من الصلاة وحصروه داخل بيته ومنعوا احدا من كبار الصحابة من ان يصلي بالناس اماما، وتقدم أمير خوارج مصر «الغافقي بن حرب العكي» فصلى بالناس اماما وصلى خلفه الخوارج، اما اهل المدينة فقد لزموا بيوتهم، ولما حاصر السبئيون عثمان كان حوله مجموعة من الصحابة يدافعون عنه فيهم عبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وأبو هريرة، والحسن والحسين، ومروان بن الحكم، وآخرون. ولو اذن لهم عثمان بالقتال لقاتلوا ولكنه اثر القتال وقال لهم: أقسم على من لي عليه حق الطاعة ان يكف يده، وان يعود الى منزله. وجاء زيد بن ثابت رضي الله عنه وقال لعثمان: ان هؤلاء الانصار بالباب يقولون ان شئت كنا أنصار الله مرتين. فقال له عثمان: لا حاجة لي بذلك كفوا أيديكم ولا تقاتلوا. وأرسل الخوارج السبئيون احد قادتهم الى عثمان ليتنازل عن الخلافة - وهو الاشتر النخعي - فقال له عثمان: ماذا تريدون؟ قال الاشتر: ثلاث ليس من احداهن بد، قال عثمان: ما هن؟ قال الاشتر: ان تخلع نفسك من الخلافة وتقول للناس هذا أمركم فاختاروا من شئتم، فإن أبيت فعليك ان تقتص من نفسك، فإن أبيت فإن القوم قاتلوك لا محالة. قال له عثمان: اما ان اخلع لهم امرهم فما كنت لأفعل ذلك، وما كنت لأخلع سربالا سربلنيه الله، وقميصا قمصنيه الله ولا اترك امة محمد بعضها على بعض، واما ان اقتص لهم من نفسي فما فعلت ما يوجب القصاص، وان قتلتموني فلم ارتكب ما يوجب قتلي، ووالله لئن قتلتموني فإنكم لا تتحابون بعدي أبدا، ولا تصلون جميعا بعدي أبدا ولا تقاتلون العدو جميعا بعدي أبدا. - البداية والنهاية. (تتبع غداً إن شاء الله).
مشاركة :