شهر رمضان يمتاز بأنه شهر المراجعات، فقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يراجع القرآن مع جبريل عليه السلام في كل رمضان، والمراجعة تعني بأن يتأكد نبي الله من مواقع الآيات ومن المنسوخ منها، حتى يصبح ما أنزل عليه من آيات كاملا، كما أراد الله لها. إن كان رسولنا الكريم - ص - الذي يسمع الوحي مباشرة من جبريل عليه السلام، يحتاج إلى مراجعة ما سمع، فلماذا تعطلت المراجعات في أمة الإسلام منذ عقود طويلة؟ لماذا ليس لدينا مجموعة من الأئمة الثقاة يراجعون ثقافتنا، حتى ينقوها من الشوائب التي تتراكم عليها، ليس في كل عام ولا في كل شهر بل في كل يوم. لقد عانت أمة الإسلام بعد عهد الخلفاء الراشدين من بعض الشوائب التي تسللت إلى جسد الأمة، كما أن توالي الخلافات بعد عصور الفتوحات والرقي، أدى إلى انتشار الخرافة والبدع وسوء الفهم، وقد تربت أجيال كثيرة على مثل تلك المعلومات الخاطئة والبدع. إن لطف الله - عز وجل - أن جعل هذا الدين يقوّم نفسه في كل قرن حيث يأتي بين فترة وأخرى مصلحون يجاهدون من أجل إعادة الأمة إلى الطريق القويم، هذه الرحمة الربانية هي مكرمة من الله لحفظ هذا الدين، ولكن الأولى كان أن يشارك المسلمون في مراجعة دينهم بدل أن يتواكلوا على تلك الرحمة. نحتاج إلى ثلة من علماء المسلمين يمتلكون مقاليد العلم والورع والشجاعة، بأن يبدأوا مرحلة المراجعة لثقافة الإسلام التي بدأت تصدر لنا الانحرافات الفكرية والشركيات والخضوع للطغاة والبدع تحت مسمى الدين، والدين منها براء. ما عدنا نحن المسلمون نتحمل هذا العبء الرازح فوق صدورنا والقابض على أرواحنا والذي يمنعنا من المشاركة بالحضارة الإنسانية. ما عدنا نتحمل أن تصبح أمة الإسلام في آخر الركب الإنساني بعيدة عن حقوق الإنسان والحرية والعدالة يتحكم فيها مجموعة من الطغاة يستخدمون الخرافة من أجل البقاء فوق صدور العباد. نعم، لقد حان الوقت لأن تقوم ثلة من العلماء المنفتحين ليعيدوا دين السلام والمحبة واحترام الآخر إلى مكانه الطبيعي، أن يكشفوا أمام العالم حقيقة هذا الدين العظيم الذي نشر العدالة والمساواة بين أمم العالم. هذا هو دور رمضان، شهر المراجعات، وإن لم نقم بالمراجعة في هذا الشهر، فقد خالفنا أهم قيم الشهر الكريم. فحين جعل رسول الهدى رمضان، شهر مراجعة القرآن، فقد أراد أن يعلمنا أن كل شيء في ديننا خاضع للمراجعة، فإذا كان كتاب الله تتم مراجعته بين رسولنا الكريم وجبريل، فليس بعيب أن يقوم علماؤنا بمراجعة ما ينسب للدين من أجل تنقيته من الشوائب، ومن أجل توفير الأولويات لهذه التعليمات عند ذلك يصبح ديننا الإسلامي ليس فقط مساعداً لنا للارتقاء والتقدم بل أيضا مساعداً لأمم العالم كلها لكي تصبح في وضع أفضل، هذا هو المعنى الحقيقي للدين الخاتم وهو الدين الذي ارتضاه الله لعباده أجمعين. kalsalehdr@hotmail.com
مشاركة :