باريس: «الشرق الأوسط» يقام في معهد العالم العربي في باريس معرض بمناسبة مرور 80 عاما على حملة التنقيب التي أجرتها بعثة آثارية فرنسية يقودها أندريه بارو، في تل الحريري وأسفرت عن اكتشاف «مملكة ماري» الواقعة شمال غربي بلدة البوكمال، في سوريا، والعائدة للقرن الثالث قبل الميلاد. ويستمر المعرض الذي جرى تنظيمه بالتعاون مع متحف «اللوفر» حتى الرابع من مايو (أيار) المقبل. وكانت مجموعة من رجال البادية قد عثرت، في صيف 1933 على منحوتة ذات طابع سومري، في تل الحريري. وبناء عليه انتدب «اللوفر» في باريس أندريه بارو (1901 - 1980) الخبير الآثاري المتخصص في تاريخ حضارات الشرق الأوسط، ليقوم بتنقيبات في المنطقة. وفي اليوم الحادي والثلاثين لبدء الأعمال، أي في 23 يناير (كانون الثاني) 1934، أزاح بارو الركام عن منحوتة تمثل رجلا واقفا ضاما يديه، مع كتابة مسمارية على كتفه تشير إلى أنه يدعى إشكي، ملك ماري. وهكذا جرى التوصل إلى مملكة ماري التي ذكرتها مصادر تاريخية عديدة بأنها كانت مقرا للسلالة المالكة العاشرة بعد الطوفان. وفيما بعد قام الملك البابلي حمورابي بالقضاء عليها، بأمر من الإلهة أنووانيل في السنة 35 من حكمه، كما ورد في الألواح القديمة. واصلت بعثات فرنسية، ثم فرنسية سورية مشتركة، التنقيب في تل الحريري حتى عام 2011، وتولى الإشراف عليها تباعا، بعد رحيل بارو، جان كلود مارغيرون وباسكال بوترلان. وقد كشفت الحفريات قصر الملك ومعابد وبيوتا وجداريات من الفسيفساء ومكتبة تحتوي على أكثر من عشرين لوحا بالخط المسماري. وقد حط تمثال الملك إشكي في متحف حلب، في إطار التعاون بين «اللوفر» ودائرة الآثار السورية. ثم جرت إعارته إلى معهد العالم العربي في باريس، بمناسبة تطوير متحفه، مما أتاح الفرصة للاحتفال بالذكرى الثمانين للعثور على التمثال وضمه إلى مجموعة اللقى المحفوظة في «اللوفر» والآتية من محيط معبد عشتار، آلهة الخصب والحب والحرب. يضم المعرض، بالإضافة إلى تلك القطع، مجموعة من الوثائق والصور غير المعروضة سابقا التي جرى التقاطها في مراحل عمل حملات التنقيب وتساهم في إحياء لحظات مهمة من التاريخ. كما يتيح المعرض الفرصة لتقديم نتائج الأبحاث والتعريفات الحديثة في مجال العمارة، وعلم الأيقونات، والنقوش. يذكر أن مملكة ماري المزدهرة لعبت دورا مهما في الطريق التجاري القديم الذي يتبع مسلك الفرات في سورية ويربط الساحل بمنطقة الجزيرة وما بين النهرين. فقد كانت مدينة ماري، عاصمة المملكة، ميناء على الفرات ترتبط مع النهر بقناة مجهزة للملاحة واستقبال المراكب والسفن التجارية.
مشاركة :