لعبة المحيبس الرمضانية تكسر الحاجز الطائفي بين العراقيين

  • 6/16/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

اجتمع شبان ورجال من سكان منطقتين في مدينة بعقوبة شمال شرق بغداد في أجواء ودية لممارسة لعبة المحيبس الرمضانية التقليدية، بعدما باعد بينهم العنف الطائفي سنوات عدة. وبدا المشهد في مدينة بعقوبة كبرى مدن محافظة ديالى مناقضاً تماماً لما عاشته المدينة سابقاً من هجمات مسلحة واعتداءات بعبوات ناسفة وسيارات مفخخة كانت تستهدف أحياء سنية وشيعية في شكل شبه يومي، على خلفية نزاع طائفي. ولعبة المحيبس هي من أكثر الألعاب شعبية خلال شهر رمضان ويمارسها رجال من مختلف الأعمار وعلى نطاق واسع في مختلف أنحاء العراق. وتدور اللعبة بين فريقين، يخفي الأول خاتماً في قبضات أفراده وعلى أفراد الفريق الثاني العثور عليه. وفي كل مرة يتم العثور على الخاتم تحتسب نقطة لمصلحة هذا الفريق او ذاك. واجتمع عشرات من أهالي المدينة بحضور مسؤولين أمنيين ومحليين في مقهى الساهر الذي يقع ضمن حديقة عامة في منطقة بعقوبة الجديدة، ووقفت عائلات أمام مداخل منازلها لمتابعة وقائع اللعبة وهتافات لاعبيها وسط فرح كبير. ويدور التنافس بين فريق من منطقة الهويدر ذات الغالبية الشيعية بوسط بعقوبة وآخر من منطقة بهرز ذات الغالبية السنية في جنوب المدينة. وهتف الحضور ولاعبو الفريقين قبل بدء التنافس «عراقنا واحد على عناد كل حاقد» و «هلا هلا يالعراق ما نخلي تفرح الشمات» و «كل شي يهون بس فراكم مايهون» في إشارة الى المحبة المتبادلة. وحرصت قوات من الشرطة على الانتشار حول المكان تحسباً لأي طارئ. وقال عبد علي المعروف بأبو كرار (65 سنة) الذي يقود فريق منطقة الهويدر: «هنا نثبت للعالم انه مهما كانت الظروف التي مرت بنا نبقى إخوة وأحبة»، وأضاف «شعارنا هذا المساء هو محبة العراق ونبذ الطائفية». وقال عباس القيسي (44 سنة) أحد لاعبي فريق ابو كرار مرتدياً دشداشة تقليدية وقبعة صغيرة على رأسه: «فرحتنا اليوم بلعبة المحيبس لا توصف الا بالقول: الحمد لله عدنا الى المحبة والسلام والأمان. لتحيا بهرز وهويدر وكلا للخونة والمرتزقة الذين يريدون المتاجرة بدمائنا». وأضاف: «لم أستطع زيارة بهرز خلال سيطرة داعش عليها (...). كانت هذه الفترة الأصعب في حياتي». أهازيج شعبية وبين محاولات اللاعبين العثور على الخاتم، تتعالى أصوات طبول وأهازيج شعبية بينها «وين يروح المطلوب النه والمحبس يرجع النه» و «المحبس يرجع النه على عناد خصمنه». وقال ملا شهاب (52 سنة) من فريق بهرز: «لم تتمكن زوجتي من رؤية عائلتها ولا أطفالي من زيارة عائلة والدتهم، لأننا حرمنا الوصول الى الهويدر بسبب الصراع الطائفي الطويل». وأضاف: «كنت أرى دموع زوجتي أيام الأعياد لعدم قدرتها على الاجــتماع بعائلتها (...). كانت أياماً صعبة». واستذكر شهاب يوم طرق عناصر قوات الأمن العراقية باب منزله خلال عملية تحرير بهرز من سيطرة المسلحين عام 2008، ولدى سماع زوجته صوت أحدهم يقول: «افتحوا الباب تفتيش»، قفزت هاتفة «هذا أخي أعرف صوته، أنا أفتح الباب» . وأضاف: «بالفعل كان أحد اشقائها منتسباً الى قوات الامن وكانت فرحتها لا توصف برؤيته». يتخلل اللعبة توزيع الحلويات الرمضانية وعصير الرمان الذي تشتهر به محافظة ديالى على اللاعبين والحاضرين طوال فترة اللعبة التي قد تطول ساعات. وانتهى التنافس في تلك الأمسية بفوز فرق الهويدر بـ11 نقطة مقابل 8 لفريق بهرز، وتعالت مجدداً أصوات الطبول والزغاريد والتصفيق وهنأ الفريق الخاسر نظيره الرابح بفرح غامر. وعلق ملا شهاب بعد انتهاء اللعبة: «عدنا نتواصل ونسهر معاً وعادت الأيام الجميلة واكتملت فرحتي برؤية أقربائي وأصدقائي من الهويدر». ومحافظة ديالى التي تعيش فيها مكونات مختلفة ابرزها السنة والشيعة، تعد من أكثر المناطق التي عانى سكانها صراعات طائفية أعقبت اجتياح العراق من جانب قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة العام 2003.

مشاركة :