العشرات من مسؤولي وزارة الخارجية الامريكية على مذكرة داخلية عبروا فيها عن احتجاجهم على السياسة التي تتبعها الادارة الامريكية حيال سوريا، وطالبوا بشن هجمات عسكرية تستهدف حكومة الرئيس بشار الأسد. يذكر ان ليس من غير المألوف ان تجد "مذكرات احتجاجية" من هذا النوع طريقها في قنوات الخارجية الامريكية، ولكنه من النادر ان يعارض دبلوماسيون بهذا العدد موقفا يعتمده البيت الابيض. واكد ناطق باسم وزارة الخارجية في واشنطن استلام المذكرة، ولكنه امتنع عن التعليق على محتوياتها. ولكن مسؤولا له علم بالمذكرة قال لبي بي سي إنها ارسلت "لأن الوضع الراهن لا يمكن ان يستمر." ويحث موقعو المذكرة الادارة على توجيه تهديد يتمتع بمصداقية بالقيام بعمل عسكري ضد حكومة الرئيس الأسد، والا فلن تشعر الحكومة السورية بأي ضغط يجبرها على التفاوض مع المعارضين. ويعبر هذا الموقف عن المخاوف من ان انهيار عملية السلام التي ترعاها روسيا والولايات المتحدة يعود بالنفع على حكومة دمشق. يذكر ان اتفاق وقف الاعمال الحربية تعرض الى انتهاكات من طرفي النزاع، ولكن الرئيس الأسد تحداه علنا ويبدو ان قواته المدعومة من جانب ايران وروسيا مصممة على استعادة سيطرتها على مناطق استراتيجية مثل مدينة حلب الشمالية. تقول موسكو من جانبها إنها تساند حكومة الاسد فس ضرب المسلحين الجهاديين غير المشمولين باتفاق الهدنة، ولكن وزير الخارجية الامريكي جون كيري، الذي ناشد الفصائل المعارضة القاء اسلحتها، يشعر بخيبة امل ازاء اصرار الحكومة السورية على تغيير الواقع على الارض فيما يطالب هو بانتهاج الطريق الدبلوماسي. وقال الوزير كيري مؤخرا "لن ترضى الولايات المتحدة بأن تستخدم كأداة تسمح لما يطلق عليه هدنة بالاستمرار فيما يعمد احد الطرفين للاستفادة من ذلك لتقويض العملية (السلمية) برمتها." وما برح الوزير كيري يضغط على الادارة لاقناعها بانتهاج سياسة اكثر تشددا ضد الحكومة السورية لاجبارها على الجلوس الى طاولة التفاوض، ويعتقد موقعو المذكرة انه سيكون متعاطفا مع ما ذهبوا اليه. ولكن ذلك لن يؤثر على الارجح على موقف ادارة الرئيس اوباما التي جعلت من محاربة التنظيم الذي يطلق على نفسه اسم "الدولة الاسلامية" في سوريا اولويتها، ونأت بنفسها الى حد بعيد من الحرب الاهلية الدائرة فيها. ويتخوف الرئيس اوباما كثيرا من امكانية انجرار الولايات المتحدة الى حرب جديدة في منطقة الشرق الاوسط، خصوصا بعد النتائج السلبية للتدخلات العسكرية الامريكية في كل من افغانستان والعراق وليبيا. ولكن خليفته المحتملة، المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، دعت الى اعتماد سياسة اكثر تشددا حيال سوريا بما في ذلك تعزيز الدعم المقدم للمعارضين غير الاسلاميين. وربما كانت المذكرة موجهة الى كلينتون كما كانت موجهة الى كيري.
مشاركة :