هادئ ورزين.. يعي تماماً أهمية العمل الفني الذي يقدمه ولا يقبل المشاركة في أي عمل، إلا إذا كان يمثل إضافة حقيقية له، وفي ذات الوقت متصالح مع نفسه.. كان دخوله إلى مجال الدراما المصرية إضافة لافتة بإتقانه للهجة الصعيدية، رغم صعوبتها في حدائق الشيطان، ومن ثم توالت نجاحاته، وأخيراً فإن الفنان جمال سليمان يشارك هذا العام في مسلسل أفراح القبة بشخصية سرحان الهلالي، وهو العمل الذي وصفه سليمان بأنه لا يمكن رفضه أبداً، وفي ذات التوقيت يدافع عن نظرائه من الفنانين السوريين في الهجوم الذي يطاردهم دائماً حول عدم إجادة اللهجة المصرية بنسبة كبيرة، وفي الحوار التالي يتحدث عن الكثير من الأمور الفنية. } ما الذي حمّسك للمشاركة في أفراح القبة والعودة به إلى الدراما المصرية بعد غياب عام عنها؟ - مستوى العمل نفسه وفكرته، وأنه قصة نجيب محفوظ وإخراج محمد ياسين، فقد شعرت أنني أمام عمل كبير ومهم ومختلف تماماً وهذا ما جذبني. } هل قرأت رواية نجيب محفوظ قبل الموافقة على السيناريو؟ - بالطبع قرأتها، فكان هذا لزاماً كي أستوعب مقصد نجيب محفوظ، وأستمتع طبعاً بقراءة هذه الرواية المهمة. } لماذا تم الإبقاء على زمن الرواية الأصلي في ستينات القرن الماضي رغم أنها رواية تصلح لكل الأوقات؟ - هذا السؤال تحديداً أفضل من يجيب عنه هو المؤلف والمخرج، ولكن في اعتقادي الشخصي هذا يعود إلى أن زمن الستينات والسبعينات كما يقال عنه إنه زمن المسرح، أما الآن فالمسرح ليست له نفس الأهمية التي كانت في فترة الستينات والسبعينات، وثانياً كان النجوم المسرحيون في الستينات على قدر كبير من القيمة والأهمية أيضاً، وثالثاً أنه كان يوجد تنافس رهيب على المسرح من جانب الممثلين، والذين كانوا يحلمون بالوقوف على خشبة المسرح، وبالتالي فإن كل هذه العوامل تجعل صانع أفراح القبة يتقيد بهذه الفترة التاريخية، فمع الأسف المسرح الآن لم يعد له نفس الضخامة والأهمية عكس الستينات والسبعينات. } كثير من المتابعين أكدوا أن أفضل الأعمال هي المقتبسة عن أعمال أدبية.. فهل تعتقد أن هذا يعتبر مؤشراً جيداً بالنسبة لأفراح القبة؟ - أنا دائماً على نفس الرأي من أن أفضل الأعمال الفنية هي المقتبسة عن نصوص أدبية، وخصوصاً مع النظر إلى ندرة النصوص الدرامية الممتازة، ومع النظر أيضاً إلى أن الرواية العربية ملأى بالأعمال العظيمة التي تصلح لأن تكون مسلسلات تلفزيونية كبيرة، وأنا شخصياً لي باع في هذا المجال مثل مسلسل الشوارع الخلفية مع ليلى علوي المأخوذ عن رواية لعبد الرحمن الشرقاوي وسيناريو وحوار مدحت العدل، واشتركت في مسلسل مأخوذ عن رواية ذاكرة الجسد لأحلام مستغانمي، وفي رأيي أنه لا بد أن نجد كل عام عملين فنيين على الأقل مأخوذين عن روايات أدبية. } هل زمن الستينات والسبعينات فرض عليك تحدياً من نوع خاص في أداء الشخصية أم أن السيناريو كان كافياً؟ - لا يوجد تحد من نوع خاص كما تقصدين بسبب الزمن الذي نعود به للوراء، لأن البشر هم البشر في كل زمان ومكان وهذا ما نسعى إليه في المسلسل، فالاختلاف الوحيد كان على صعيد الشكل والسلوك الشخصي، لأن مديري المسارح في الستينات والسبعينات كانوا في مكانة الوزراء ولهم اعتبار وقيمة وكانوا يتمتعون بحيثية اجتماعية معينة وكبيرة، وهذا ما وضعته في عين الاعتبار. } معنى ذلك أنك استعنت بكتب معينة أو غيرها لدراسة كيف كان مديرو المسارح في الستينات؟ - طبعاً قرأت كثيراً عن هذه الفترة وعن مسارحها ومديري المسارح وقتها، خصوصاً مع النظر إلى أن المسلسل يشمل مراحل زمنية متعددة في فترة الأربعين ثم الخمسين وأخيراً الستين والسبعين، وكل مرحلة عمرية لها شكلها سواء في الملابس أو طريقة الكلام والأداء أيضاً، لأنه بطبيعة الحال البشر يتغيرون طبقاً لتغير المرحلة العمرية، فضلاً عن التغير العام في المجتمع نفسه مثلاً في الموضة وغيرها، ولذلك فإن أفراح القبة عمل معقد وصعب للغاية. } بعض الأقلام أكدت أن غيابك عن الدراما المصرية العام الماضي كان لإعادة ترتيب الأوراق. - لا على الإطلاق، فالأمر ليس له علاقة بإعادة ترتيب الأوراق أو غيرها، ولكني أختار أفضل ما يعرض عليّ، وأنا منذ عامين أؤجل في المسلسل السوري الذي صنعته، وغبت العام الماضي عن الدراما المصرية، لأنه كان لا بد أن أقدم شيئاً في الدراما السورية فهذا واجبي نحوها، فهي التي لها الفضل الأكبر علي وهي من صنعت اسمي، لكن هذا لا يمنع أن العمل في مصر يحدث نقلة كبيرة في حياة أي فنان، فالعمل في مصر أشبه بحصول شخص ما على الدكتوراه، ولأن أكبر سوق للمشاهدة التلفزيونية هي مصر، وعلاقة الجمهور بالمسلسل الدرامي علاقة وثيقة للغاية، وبالتالي فإن الخطوة الفنية في مصر تكون نقلة نوعية وكبيرة للغاية، ومع ذلك فالعمل في مصر يكون سلاحاً بحدين، فلو نجح سيجتاز ألف خطوة للأمام ويحقق نقلة كبيرة، ولو فشل فإنه سيعود ألف خطوة للوراء. } معنى كلامك هذا أن العمل في الدراما المصرية فرض عليك صعوبات أكبر لأنه كما قلت ذو حدين؟ - صحيح 100%، ورغم ذلك فإن كل التدقيق والاحتياط ضروري، ولكن في المقابل لا يضمن بشكل كامل نجاح العمل الفني لأن النجاح مسألة معقدة للغاية، فمثلاً لو اعتبرنا أن النجاح هو نسبة المتابعة الجماهيرية الكبيرة، فهناك أعمال فنية كانت متواضعة للغاية، ومع ذلك حققت نسبة جماهيرية عالية للغاية، وعلى العكس. لذلك فإن النجاح نسبي، ولو بالطبع جمع العمل الفني بين النجاح الجماهيري الكبير والدرجة الفنية العالية عندئذ سيكون الفنان في أسعد لحظات حياته، فمثلاً أنا مسيرتي في مصر أعتز بها للغاية. } رغم نجاح الفنانين السوريين في مصر إلا أن كثيراً منهم تطارده دائماً إشكالية إجادة اللهجة. - لو قيمت الفنانين السوريين سأجدهم جيدين للغاية وفي مقدمتهم باسل الخياط وتيم الحسن وأجادوا اللهجة المصرية، ولكن الإشكالية الحقيقية كلها تتعلق بالإعلام نفسه وتصيده أخطاء وسلبيات تبدو غريبة وسطحية. الإشكالية كلها تتعلق بالصحافة نفسها وليس بالجمهور، والدليل على ذلك نجاح الفنانين السوريين وحب الجمهور المصري لهم، وبعيداً عن كل ذلك فالفنان يعمل بالعديد من اللهجات، وأعتقد في رأيي أن الإشكالية الحقيقية تأتي لو حدث إخفاق شديد ولافت بحق في لهجة الفنان لدرجة مضحكة، أما دون ذلك فالمشاهد لا يتربص لهذه الدرجة. } ما حقيقة الاختلافات التي حدثت بين أبطال أفراح القبة داخل الكواليس بسبب الاختلاف على ترتيب الأسماء على التتر؟ - كان اتفاقنا مع شركة الإنتاج أن التتر سيكون حسب الظهور حلاً لهذه المشكلة، ولم يحدث أمامي أي مشكلة أو اختلاف كما ذكرت. أما بالنسبة للدعاية على الفضائيات، فأعتقد أنه لم يحدث إنصاف لبعضهم. }ما حقيقة عمل جزء ثانٍ من حدائق الشيطان؟ - هذا أمر حقيقي بالفعل فكنا بصدد عمل جزء ثانٍ من حدائق الشيطان، ولم تنجح الجهة المنتجة في تسويقه وبناء عليه تم تأجيل الفكرة. عرض حصري يرى جمال سليمان أن العرض الحصري يتوقف على المحطة نفسها، فمثلاً حين قدم حدائق الشيطان، كان ذلك على MBC ورغم أنه حصري إلا أن العالم العربي بأكمله شاهده وحقق نجاحاً لافتاً، ولكن بصورة عامة فهو لا يفضل العرض الحصري، لأنه لا يراعي اختلاف التوقيتات بين الدول، فالتوقيت الممتاز للمشاهد المصري ليس بالضرورة هو الممتاز للمشاهد التونسي، مثلاً.
مشاركة :