محمد عبدالسميع (الشارقة) للمندوس مع الإمارات حكايات جميلة تمتد إلى زمن البيوت الواسعة والأبواب المفتوحة على قلوب الآخرين والعادات والتقاليد الأصيلة، التي تمتد إلى زمن الحب والخير والترابط، فالمندوس جزء من هوية البيت الإماراتي والخليجي، وغرفة العروس على وجه الخصوص، حيث كان هديتها الأولى في ليلة زفافها، تحفظ فيه ملابسها ومصوغاتها الذهبية، كما هو خزينة أموال معيل الأسرة ووثائقه ومستنداته الرسمية، لذا كان هناك حرص على إغلاقه بقفل محكم، لصيانة وحماية ما بداخله من أسرار، وخصصت له الفئات الثرية مكاناً خاصاً بحيث يصعب تحريكه، في إشارات دالة على قيمة ما يحتويه ورسوخ معانيه لدى عائلة الأمس. ورغم التطورات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي رافقت كل جوانب الحياة الخليجية، فإن الأعراس وتجهيز العروس من الأمور التي ما زالت مرتبطة بالعادات والتقاليد والأصالة، ولعل المندوس من أبرز مظاهر الأعراس، وما زال البعض يستخدمه ويحمله العريس عندما يأتي لخطبة الفتاة. والمندوس هي التسمية المحلية لصندوق الخشب المزين والمزركش بصفائح معدنية، مثبتة بمسامير ذات رؤوس، وموزعة بطريقة منظمة لتشكل زخارف جميلة، تغطي سطح وأجزاء المندوس، الذي غالباً ما يحتوي على ثلاثة أدراج تستعمل لحفظ الحلي والحاجيات الثمينة التي يقدمها العريس، ويوضع في المندوس مهر العروس، وملابسها. وكان العريس يحرص على أن يكون المندوس المقدم كبيراً، لأن حجمه يعكس المكانة المتميزة لأهل العريس. والآن، أصبح أحد أبرز الديكورات التي تزدان بها البيوت الحديثة، ويوضع في مكان ظاهر ليعبر عن مكانته كتحفة فنية تراثية أصيلة، يفتخر بها أبناء الإمارات. وتقول مديرة متحف بيت الشيخ سعيد بكلباء مريم الزعابي إن المناديس كانت تصنع من أخشاب خاصة غالية الثمن، تجلب من الهند أو أفريقيا وزنجبار، ومن هذه الأخشاب «الساج، السيسم»، كما تدخل في صناعتها الكثير من الحرفية والإبداع، من خلال تطعيمها بالمعادن كالنحاس والفضة والمسامير النحاسية، والأحجار الكريمة والأصداف وغير ذلك، مكونة رسومات زخرفية لأزهار أو أشجار أو طيور أو نجوم وأهلة. وقد تأتي هذه الإبداعات على هيئة أشكال هندسية، منها المستطيل والرباعي والسداسي، وتحتاج صناعة المندوس إلى جهد وموهبة وإتقان حرفي، ويستغرق العمل لإنجازه مدة قد تصل إلى أكثر من شهر. وللمناديس أشكال وزخارف مختلفة وأحجام ومقاسات متعددة، وسيبقى تحفة أصيلة تبرهن على موهبة وإتقان الصانع الإماراتي، وخصوصية وتفرد أبناء الإمارات.
مشاركة :