صنف محمد بن أحمد التَّجَّانِيّ (نحو 718ه) «تحفة العَرَوْس ونُزْهَة النُّفُوْسِ» متناولاً النساء العلاقة بينهن وبين الرجال، مزاوجاً بين طريقة الفقهاء وطريقةِ الأدباء. فجاء كتابه ممتعاً في بابه مهمًّا في موضوعه. فهو وإن لم ينفرد في تناوله إلَّا أنه فاق غيره، فقد أجاد في الطَّرح، وابتعد عن الإسْفَاف في موضوع يقلُّ يكثرُ هزلُه ويقل جِدُّه. لقد كان تناوله لما يُسْتحسنُ من صفات النساء بديعاً، ثريًّا بالاستشهادات الموافقة، طارحاً الكثير منَ الأحكامِ الفقهية، متناولاً دائرة المباح وحِمَى الحرام فيها. محيلًا كل ذلك إلى المصادر، مرجحاً في مواطن الخلاف،فيجعل قارئه يُقبلُ عليه مطمئن الفؤاد، لأن المؤلف كفاه مَشقةَ البحث في بطون الكتب الشرعية التي تتناول تلك العلاقة. إن هذا الكتاب خير ممثل للعلاقة المُتصَافية في التراث بين المباحِ والمحظور، وفي تناول علاقة الرجل بأهله إذا أرخيت الستور، وفي تناول صفات النساء، ومايدعُو الرجل إلى الرغبة فيهن. فهو يبيِّنُ بجلاءٍ أن في تراثنا فُسْحَةً من القول، تُصيبُ قول المتشدقين بالريبة من هذا الموضوع في مقتل. وكان ابن قتيبة قد نظرَ للأمر فقال: وإذا مرَّ بكَ حديثٌ فيه إفصاحٌ بذكرِ عورةٍ أو فرجٍ أو وصف فاحش فلا يحملنك الخشوعُ أو التَّخاشعُ على أن تُصّعِّرَ خدَّكَ وتُعْرِضَ بوجهكَ فإن أسماء الأعضاء لا تؤثم وإنما المأثم في شتم الأعراض وقول الزّور والكذب وأكل لحوم الناس بالغيب.
مشاركة :