الحديث بشأن المشاريع الطموحة لمد شبكة أنابيب نقل الغاز إلى بلدان شبه القارة الهندية، متشعب ومثير لناحية مستقبل صناعة الغاز وقطاع الطاقة بالمجمل سواء بالنسبة للمصدرين الرئيسيين أو للأسواق ذات الطلب المتصاعد على الطاقة في هذه المنطقة. وتكاد تتماثل أقاليم استيراد الغاز العالمية من حيث إن تكلفة نقل الغاز بواسطة الأنابيب إلى بلدانها أخفض من مثيلتها بواسطة ناقلات الغاز الطبيعي المسال. حالت المخاطر السياسية حتى الآن دون تنفيذ المشاريع المتفق عليها مبدئياً. في جنوب غرب آسيا، المستثمرون الغربيون يطلبون تعاون باكستان للتغلب على هذه المخاطر، الأمر الذي لم يُمكِّن شركة يونوكال (Unocal) الأمريكية من تدبير تمويل مشروع خط أنابيب نقل الغاز CentGas System التركماني العابر لحدود أفغانستان. كما لم تعد شركة شل مهتمة بتصدير الغاز الإيراني إلى الهند. أيضاً يبدو أن مصير مشروع تصدير الغاز القطري GUSA Project إلى باكستان، مازال معلقاً بانتظار تطوير إزالة العقبات التقنية وغير التقنية لتنفيذه. والمحصلة أنه ليس أمام الهند في الوقت الراهن سوى الاعتماد على استيراد الغاز الطبيعي المسال (LNG). جديرٌ ذكره أن مشروع سنترال غاز بايبلاين ليمتد (CentGas) كان عبارة عن كونسرتيوم قادته الشركة الأمريكية يونيون أويل كومباني أوف كاليفورنيا (Unocal) وشركة دلتا أويل كومباني السعودية الخاصة، وشركة غاز بروم الروسية، وحكومة تركمانستان، وشركة أندونيسيا بتروليوم ليمتد اليابانية، وشركة إتوتشو أويل اكسبلوريشن ليمتد اليابانية، وشركة هونداي انجينيرينغ أند كونستركشن الكورية الجنوبية، ومجموعة الهلال الباكستانية. وقد تأسس هذا الكونسورتيوم في تسعينات القرن الماضي لبناء أنبوب لنقل الغاز الطبيعي من تركمانستان عبر أفغانستان إلى باكستان، ومن هناك توصيله في مرحلة ثانية إلى الهند. في يونيو 1998 تخلت شركة غاز بروم الروسية عن حصتها في المشروع البالغة 10%، وفي 8 ديسمبر 1998 أعلنت شركة يونوكال الأمريكية انسحابها من المشروع. فهذا المشروع أيضاً دونه تعقيدات أمنية وسياسية فيها أطراف دولية عديدة من بينها مسؤولون حكوميون ومستشارون أمريكيون وغير أمريكيين كبار. وقد تكون أهم مشاريع خطوط الأنابيب الدولية طموحاً في الوقت الحاضر هي تلك المتصلة بشبكات خطوط الغاز الطبيعي الشمال الشرقي الآسيوي. الأمر يتعلق هنا بالصين صاحبة الصدارة في هذا المضمار، تليها اليابان وكوريا الجنوبية التي ترغب في إنشاء شبكات خطوطها لنقل الغاز لمنافسة ما تعتبره ممارسات تعاقدية متصلبة من جانب مزودي الغاز الطبيعي المسال (بواسطة الناقلات). فكوريا تنظر بجدية لاستيراد الغاز من حقل كوفيكتا (Kovykta gas field) بمدينة إركوتسك Irkutsk في الشرق السيبيري الروسي عبر خط الاستيراد الصيني للغاز الروسي. وكذلك اليابان تتطلع لاعتماد هذا الأنبوب لتأمين إمداداتها من الغاز الروسي، أو استيراد الغاز الروسي مباشرة من ساخالين في أقصى الشرق الروسي. ولكن هذا المشروع سرعان ما تبخر نتيجة لاستحواذ شركة غاز بروم الروسية على الحقل بعد انسحاب شركة بي بي من تطوير الحقل وقرار روسيا تخصيص كامل إنتاج الحقل للاستهلاك المحلي. وقد استعاض البلدان عن ذلك بتوقيع مذكرة تفاهم في عام 2008 لإنشاء خط أنابيب لاستيراد 7.5 بليون طن من الغاز الروسي من حقل سخالين 3 على مدار 30 سنة. ولكن مشروع خط الأنابيب مرتبطة جدواه بشموله كوريا الشمالية.الصين أيضاً تعاني توزع احتياطاتها من الغاز بصورة مبعثرة على الأقاليم، فالاحتياطات الرئيسية من الغاز، بما فيها تلك الموجودة في حوض تاريم، تقع في الغرب على مسافة بعيدة من أسواق الطلب الكبرى غير المستكفية حول شنغهاي. وهو ما يتطلب إنشاء شبكة ضخمة للغاية تمتد من الغرب إلى الشرق لتأمين إمدادات الغاز بصورة متسقة، وتكاليف إنتاجية إضافية باهظة. وإنشاء شبكة خطوط لنقل الغاز من الغرب، يتطلب استثمارات تقدر بأكثر من 7 مليارات دولار. ولذا فإن استيراد الغاز من إركوتسك الروسية أقل كلفة من إنشاء مثل هذا المشروع. وإذا كان استيراد الغاز من مصادره في آسيا والباسيفيكي في صورته السائلة (LNG) أقل كلفة في النقل بالنسبة لإقليم شنغهاي من خط أنبوب الغرب، فإن سوق غرب الصين تتمتع بفوائد اقتصادات الحجم بالنسبة للصين ككل في حال بناء هذا الخط. وبالنسبة لكوريا الجنوبية فإنه من الصعب عليها وحدها كسوق توفير جدوى مد خط أركوتسك اليها عبر البحر الأصفر.
مشاركة :