تبذل منطقة الزيت الصخري مارسيلوس جهودا كبيرة لبيع الوقود في الخارج وفي جميع أنحاء الولايات المتحدة، لكن دعاة البيئة من الناحية العملية يشنون حملة لوقف بناء خطوط الأنابيب التي تنقله. شركة كابوت للنفط والغاز كانت، بدورها، تمتلك في الماضي ست منصات للحفر في ولاية بنسلفانيا، أما الآن فهناك واحدة فقط، والشركة هي منتج غزير للغاز الطبيعي في منطقة الزيت الصخري مارسيلوس، الامتداد الصخري المليء بالمواد الهيدروكربونية تحت جبال الأبالاشيان. وعمليات الاستكشاف في أماكن مثل المساحات المزروعة لدى شركة كابوت في المناطق الريفية من مقاطعة ساسكويهانا، عملت على تحويل شمال شرقي الولايات المتحدة من منطقة هامشية في أسواق الغاز، إلى مصدر إنتاج أكبر حجما من قطر. غير أن ذلك أدى أيضا إلى حدوث تخمة تسببت في انهيار أسعار الغاز. منصة الحفر الخضراء الطويلة لدى شركة كابوت، التي ترفع علم الولايات المتحدة المهلهل، تقوم بحفر مزيد من الآبار، ما يضيف إلى وفرة الإنتاج، لذلك تبنت شركات الغاز تحديا جديدا: نقل الوقود إلى حيث يوجد الناس. يقول جورج ستارك، مدير الشؤون الخارجية في شركة كابوت، الذي يسير في طريقه نحو موقع الحفر في قمة التل "نحن نقوم بجلب مزيد من الغاز إلى السطح أكثر مما خطر على بالنا أنه ممكن أصلا، لكننا لا نملك القدرة التشغيلية اللازمة لنقله بعيدا. نحن نتحدث الآن مع من يقوم ببناء خطوط الأنابيب "هل يمكنكم نقل هذه الكميات من الغاز من هنا؟". أطلقت صناعة الزيت الصخري ما تسميه بالجيل الثاني من مارسيلوس - جهود شاملة لتسويق الغاز المستكشف في المنطقة. وهذا سيتضمن تسويق فضائل الغاز لشركات ومعامل الكهرباء، لكن الجهود الرئيسية ستكون في بناء وتمديد خطوط الأنابيب على طول الساحل الشرقي. خلال مؤتمر خاص بالغاز الصخري عقد في بيتسبيرج الأسبوع الماضي – حيث كان دونالد ترامب، مرشح الحزب الجمهوري للرئاسة، أبرز الحضور - كان من أحد الموضوعات الرئيسية "ربط السوق من خلال البنية التحتية". هنالك عقبة واحدة فقط: أن المنطقة الشرقية تضم عددا من أكثر المناطق السكانية كثافة في الولايات المتحدة. وفي حين إن تلك المدن تمثل سوقا محتملة وضخمة، إلا أنها تعارض بشدة فكرة وجود البنية التحتية الخطيرة تحت أراضيها. وشركات الأنابيب المعتادة على شق طريقها في ولاية تكساس، لقيت معارضة قوية في ولايات مثل نيويورك وكونيتيكت. وسط تصاعد الجدل، تم تأخير أو رفض أو إلغاء مشاريع تقدر قيمتها بمليارات الدولارات. يقول بيل ياردلي، رئيس النقل الأمريكي في شركة سبكترا للطاقة، وهي شركة تشغيل مقرها ولاية هيوستن لبعض أكبر خطوط الأنابيب في الشمال الشرقي "كلما ابتعدت شمالا أو شرقا، يصبح الأمر أكثر صعوبة. أعتقد أنه مزيج من السكان والوعي البيئي المنظم". الضغط من قبل الحملات لسنوات، تعرضت عمليات الحفر غير التقليدية التي دفعت إلى حدوث زيادة في إنتاج الغاز في المنطقة الشمالية - الشرقية لانتقادات من قبل دعاة حماية البيئة الذين يشعرون بالقلق إزاء إمدادات المياه ونوعية الهواء. قضية خطوط الأنابيب عملت على لم شمل مجموعة أوسع نطاقا من المعارضين، بدءا من ملاك الأراضي الذين يشعرون بالاستياء جراء استخدام الشركات لمنطق الشراء الإجباري "المعروف باسم "الاستملاك" في الولايات المتحدة"، إلى المدافعين عن الأماكن المفتوحة والذين يرغبون في الحفاظ على أماكن الموئل، وصولا إلى دعاة قضية المناخ الذين يهدفون إلى إبقاء الوقود الأحفوري داخل الأرض. تأتي المعارضة الشرسة بعد سنوات كان يعتبر فيها الغاز الطبيعي سلاحا في الحرب التي تشن ضد انبعاثات الكربون. يعمل حرق الغاز على إطلاق نحو نصف كمية ثاني أكسيد الكربون الموجودة في الفحم. وفي الوقت الذي عمل فيه إنتاج الزيت الصخري على خفض الأسعار، حل الغاز مكان الفحم في معامل توليد الكهرباء، وأسهم في إحداث تراجع نسبته 12 في المائة في انبعاثات الكربون المرتبطة بالطاقة ما بين عامي 2005 و2015، وفقا لإدارة معلومات الطاقة. حتى فترة قريبة هي عام 2014، كان الرئيس باراك أوباما يشيد بالغاز باعتباره "وقودا مكملا" من أجل إبعاد الولايات المتحدة عن استخدام المصادر الأكثر تلويثا في الوقت الذي أخذت فيه تعتمد على التكنولوجيات النظيفة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح. في عام 2010، كان يعمل نادي سييرا، جماعة بيئية أمريكية، على تعزيز مكانة الغاز كجزء من حملتها المعروفة باسم "ما بعد الفحم"، وهي جهود ممولة جزئيا من قبل شركة تشيسابيكي للطاقة، شركة منتجة رائدة في مارسيلوس. في هذه الأيام، تعتبر فروع نادي سييرا أعداء لشركات خطوط الأنابيب. حدد أوباما بإيجاز دورا متضائلا للغاز عندما كشف النقاب عن خطة خاصة بالمناخ العام الماضي، محبذا الطاقة المتجددة بدلا منها. وحصلت تسريبات غاز الميثان، المكون الرئيسي للغاز الطبيعي، من الآبار وخطوط الأنابيب وشبكات التوزيع على مزيد من عمليات الفحص والتدقيق، على اعتبار أنه غاز أكثر فعالية بـ 84 مرة من ثاني أكسيد الكربون من حيث كونه أحذ غازات الدفيئة. والآن بعد أن عملت أسعار الغاز المنخفضة على تباطؤ طفرة الحفر والتنقيب - هنالك 22 منصة تقوم بأعمال الحفر في ولاية بنسلفانيا، منخفضا عن 109 منصات قبل خمسة أعوام، وفقا لشركة الخدمات بيكر هيوز- مهد دعاة حماية البيئة لتقديم النسخة الخاصة بهم من الجيل الثاني من مارسيلوس. وهدفهم هو خطوط الأنابيب. يقول كارين فيريدان من شركة بيركس جاز تروث، وهي جماعة ناشطة في مقاطعة بيركس ولاية بنسلفانيا "إذا كان يمكنك إيقاف تمديد خطوط الأنابيب، فكأنك تضعف الصناعة ووقف مصادرها". تضاعف نشاط المجموعة بسبب رفض إدارة الرئيس أوباما العام الماضي مشروع "كيستون إكس إل"، خط الأنابيب المقترح لنقل النفط الخام من كندا. هذا الشهر، أوقف البيت الأبيض عمليات بناء داكوتا أكسس، خط أنابيب النفط، في الأراضي التابعة للحكومة الفيدرالية. يقول بيل ماك كيبين، مؤسس جماعة التغير المناخي 350.org الذي قاد جهود المعارضة ضد "كيستون إكس إل"، "إذا كان علينا المضي قدما وبناء البنية التحتية الخاصة بالغاز الطبيعي والخاصة بنا، فلن تكون لدينا أي فرصة للتعامل مع مسألة التغير المناخي". موجة الطاقة كان الإنتاج من النفط الصخري مارسيلوس وأوتيكا من ولاية بنسلفانيا وفيرجينيا الغربية وأوهايو مذهلا للغاية. وصلت الأحجام إلى 22 مليار قدم مكعبة يوميا في شباط (فبراير) الماضي، بزيادة بلغت 17 ضعفا خلال أقل من عقد من الزمان. بعد أن بدأت تصدير الغاز الطبيعي المسال من النفط الصخري هذا العام، تتنافس الولايات المتحدة الآن مع قطر، التي تعتبر أكبر مُصَدر للغاز الطبيعي المسال في العالم. وكما يقول إيريك بروكس، محلل الطاقة في بلاتس أناليسز، فإن "النمو في النفط الصخري من مارسيلوس أحضر الولايات المتحدة إلى السوق العالمية للغاز الطبيعي". امتدت الأنابيب بشكل لم يسبق له مثيل من الجنوب إلى الشمال عبر الولايات المتحدة لخدمة أسواق المدن الكبيرة. في عام 1951 وصل خط أنابيب الغاز كونتنتال إلى شارع وست 134 في مانهاتن، وبذلك جلب الإمدادات من تكساس إلى مدينة نيويورك. الآن، مالك شركة ترانسكو، ويليامز، يستثمر مليارات للسماح بمد الأنابيب أيضا من الشمال إلى الجنوب. وقدرت دراسة تدعمها الصناعة، قامت بها مؤسسة INGAA، أنه ما بين 2015 و2035 ستمدد الولايات المتحدة خطوط أنابيب نقل بطول ما بين 29 ألف إلى 47 ألف كيلومتر، إضافة إلى ما يصل إلى 288 ألف كيلومتر من خطوط التجميع الصغيرة لجلب الغاز من الآبار. وتعتبر الولايات المتحدة منذ الآن موطنا لأكثر من 483 ألف كيلومتر من خطوط النقل، أي ما يعادل 120 رحلة بين نيويورك ولوس أنجلوس. في ولاية بنسلفانيا، خطوط تجميع الغاز وحدها في سبيلها إلى تغطية 1 في المائة من مساحة الأرض بحلول عام 2030، وفقا لقوة مهمة خطوط الأنابيب. في العام الماضي، قال جون كويجلي، الذي كان في ذلك الحين وزير البيئة في بنسلفانيا "نحن، كما هو واضح، في خضم موجة من تطوير الطاقة التي تعتبر لا مثيل لها في تاريخ الولاية". الولاية التي تنتشر فيها أسماء أماكن مثل مدينة النفط ومقاطعة الكربون، لديها تاريخ طويل في إنتاج الطاقة، لكن لا يشعر جميع المقيمين بسعادة غامرة من أحدث طفرة. دينيس مكنامي وزوجته تقاعدا في مزرعة تطل على مرج في ساسكويهانا، في بنسلفانيا. في شباط (فبراير) الماضي، هددته شركة Constitution Pipeline بحكم ازدراء المحكمة، بعد أن رفض السماح لمقاوليها بقطع الأشجار على أرضه. الآن حديقته مليئة بالبتولا المقطوعة والأعواد المربوطة بشرائط وردية، لتحديد مسار خط الانابيب، الذي يبعد مسافة 61 مترا من شرفته. وكما يقول "أنا أسميه استملاكا باحتقار. هذا ما كانت عليه منذ اليوم الأول". كان هناك اقتراح بأن خط Constitution، بتكلفة مليار دولار، بقيادة وليامز و25 في المائة تملكها شركة كابوت، قد تمدد 203 كيلومترات من ولاية بنسلفانيا إلى ولاية نيويورك. حصل المشروع على موافقة الحكومة الفيدرالية، لكن إدارة أندرو كومو محافظ نيويورك رفضت في نيسان (أبريل) الماضي، منحه الموافقة على تصاريح المياه اللازمة، ما أدى إلى إيقاف التقدم. وقد استأنف داعمو المشروع القضية في المحكمة. في وسط ولاية بنسلفانيا، ينتظر وليامز موافقة الحكومة الفيدرالية من أجل خط أنابيب Atlantic Sunrise، الذي تبلغ قيمته ثلاثة مليارات دولار، ويبلغ طوله 295 كيلومترا من شأنه أن يغذي الغاز الصخري جنوبا في خط أنابيب ترانسكو. التزمت شركة كابوت باستخدام القدرة على الخط، ما يساعدها على التوصيل للزبائن بما في ذلك واحد من شأنه شحن الغاز الطبيعي المسال إلى اليابان. تقول آن بينكا، وهي ناشطة في مقاطعة ليبانون، بنسلفانيا "لماذا يجب أن يفقد الناس ممتلكاتهم في حين إن هذا الغاز هو للتصدير"؟ وقد قام وليامز بالفعل بتكديس ما مساحته عدة فدادين من الأنابيب بالقرب من حق المرور لخط Atlantic Sunrise، بهدف وضعه في الخدمة بحلول أواخر العام المقبل. الجدول الزمني لخط أنابيب PennEast، الذي من شأنه أن يجري من ولاية بنسلفانيا إلى ضواحي ولاية نيو جيرسي، تراجع إلى أواخر 2018 بعد مقاومة من المسؤولين المحليين والبيئة. يوم الجمعة قدم مطوروه 33 تغييرا للطريق، لكن ذلك لم يُقنِع نادي سييرا نيو جيرسي. وتحذر شيرلي تيرنر، عضو مجلس الشيوخ في ولاية نيو جيرسي، من أن الخط سيعبر مساحة مفتوحة تتم رعايتها بأموال دافعي الضرائب. وقالت في اجتماع حاشد في الشهر الماضي "إن هذا سيتحول إلى مال مهدور، إذا لم نوقف هذا الخط الآن". في بوسطن، تقول الشرطة "إنه تم القبض على 137 شخصا هذا العام أثناء احتجاجهم على مقطع من خط أنابيب آلجونكوين التابع لشركة سبكترا، بما في ذلك كارينا جور، ابنة نائب الرئيس السابق آل غور". في آب (أغسطس) الماضي، أبطلت المحكمة العليا في ماساتشيوستس سياسة تسمح لشركات الغاز بتحميل تكلفة خطوط الأنابيب على عملائها، وهو ما يعد انتكاسة لمشروع Access Northeast بقيادة شركة سبيكترا، التي وافقت أخيرا أن يتم الاستحواذ عليها من قبل شركة Enbridge of Canada. فريق الخصوم الآخذ في النمو يجب على مشاريع الغاز المشتركة ما بين الولايات الحصول على الموافقة من اللجنة التنظيمية الفيدرالية للطاقة. وقد سمحت اللجنة بإنشاء 1427 كيلومترا من خطوط أنابيب الغاز هذا العام، لكنها لا تحتفظ بأرقام الخطط التي لم تمنحها الموافقة. وحتى في الوقت الذي تقوم فيه اللجنة التنظيمية الفيدرالية بمنح الموافقات للمشاريع، أصبحت السلطات الإقليمية وسلطات الولايات أكثر تقبلا للمعارضين الذين يعترضون على خطوط الأنابيب. يقول فرانك فيرازي، المدير العام لخطوط الأنابيب المشتركة الشرقية في شركة ويليامز "إن القضايا المتعلقة بمنح التصاريح أصبحت مشكلة أكبر في كل مكان". كما يضيف أيضا أن "الجماعات البيئية تحصل على تمويل جيد، ومنظمة بشكل جيد، ونشطة للغاية". تقول صناعة الطاقة "إن الغاز يشكل هدفا غير مناسب لأنه يمكن أن يولد الكهرباء بسرعة، عندما يكون هنالك نقص في مصادر الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح. وعندما يسيطر الطقس البارد على نيو إنجلاند، تعتمد المنطقة على الكميات المستورَدة من الغاز الطبيعي المسال وزيت الوقود لتشغيل محطات توليد الكهرباء لديها". يقول ياردلي من شركة سبكترا "عملت المعارضة على إيجاد بيئة تحرق مزيدا من النفط في منتصف الشتاء من أجل خدمة المولدات الكهربائية". يعترف البعض في المجتمع البيئي بأن الغاز هو أفضل من النفط والفحم، ومصدر مساند وحاسم لمصادر الطاقة المتجددة، لكنهم يقولون "إن موجة بناء خطوط الأنابيب من شأنها أن تثبِّت الالتزام بالاستهلاك على مدى عقود، ما يقوض فائدة الغاز كوقود "مكمل" يؤدي إلى الحصول على تكنولوجيات أنظف". يشير جوناثان بيريس من صندوق الدفاع عن البيئة إلى أن خط أنابيب الغاز العادي يمكن أن يدوم 50 عاما أو أكثر، مع دعم تمويله من قبل عقود طويلة الأجل. يحذر المستثمرون من أن التسرع في البناء يمكن أن يخلف أنابيب كثيرة جدا. يقول مات سالي، مدير صندوق استثمارات بقيمة 15 مليار دولار في شركة تورتويز كابيتال للاستشارات، "إنه في الوقت الذي تعاني فيه المنطقة الشمالية الشرقية وجود خطوط أنابيب "محدودة جدا"، تستطيع مكاتب الرسم الهندسية رفع القدرة التشغيلية لتصبح أعلى من مستويات الإنتاج المتوقعة". يتساءل قائلا "إذا تم بناء جميع الخطوط، فهل سيكون هناك فائض في العرض؟ الإجابة نعم".
مشاركة :