أنا مضطر لاستخدام هذا التعبير الشعبي لأنني لم أجد أبلغ منه للتدليل على ما أنا بصدده في هذه المقالة. يبدو أن إدارة المرور أرادت أن تسلينا في رمضان فأعلنت أن إلقاء عقب السيجارة من السيارة يوقع على المخالف غرامة قدرها 100 ريال سيحررها رجل المرور فورا باعتبارها مخالفة من الدرجة الرابعة. طبعا من حقك أن تتفاجأ حد الدهشة من هذا (الكلام) الذي يعني، جملة وتفصيلا، أننا (بياعين حكي) وأننا نعاقب السائق على قذفه عقب سيجارة ولا نتعرض له إذا آذى الناس بتهوره وسيره بسرعة هائلة من الكتف، أو سار، عامدا متعمدا، عكس الطريق ليقتل من أمامه ومن خلفه.!! لو لم أكن في الدمام لقلت إن إدارة المرور ومديرها يتحدثون عن سنغافورة أو طوكيو وليس عن مدننا التي تحدث في كل واحدة منها آلاف المخالفات المرورية الكبرى يوميا ولا من شاف ولا من درى. كل يوم، أنا وأنت، نتعرض لاعتداء على حقوقنا في الشوارع والطرقات ولا نملك إلا الدعاء على المعتدي، والدعاء للمرور وإدارته ورجاله بالهداية والصلاح، لكي نتخلص من غلواء المستهترين الذين يفردون عضلاتهم لأنهم أمنوا العقوبة فأساءوا الأدب؛ بما لا يقارن، بأي حال من الأحوال، مع سيجارة تلقى أو لصق شعارات تتنافى مع الآداب العامة. نحن، أيها السادة مسؤولو ورجال المرور، لا نصدق حين نخرج من بيوتنا أننا سنعود إلى أولادنا من كثرة ما نتعرض له من مخالفات وجرائم مرورية تحدث عيني عينك. ولعلمكم الكريم أننا إذا اعترضنا أو اضطررنا إلى استعمال المنبه احتجاجا على المخالفة نزل (الفارس المغوار) من سيارته يتهددنا ويتوعدنا لأننا تجرأنا على مقامه الرفيع وطالبناه بأن يكف عن التصرفات التي تؤذينا وتؤذيه.!! وهذا يعني أن هؤلاء، من قليلي الأدب والتربية، لم يجدوا من الجهاز الرسمي المعني بأنظمة وقوانين المرور ما يردعهم. ولذلك هم يسرحون ويمرحون ويتهددون ويتوعدون ويعتدون على سلامة الناس وعلى أرواحهم ليل نهار. قد يعطينا جهاز المرور، الذي سيوقع مخالفات على أعقاب السجائر المتطايرة من السيارات، ألف مبرر لحدوث المخالفات والجرائم المرورية الكبرى وأنه يعمل على حلها وحلحلتها، لكننا نسمع هذا الكلام منذ عقود ولا نحصد إلا الانتظار. المخالفات تزيد والحوادث تزيد، وكل يوم تفجع البيوت بالموتى والمصابين والمعوقين، ولا نرى في الأفق سوى الكلام الكبير الذي يتبخر فور صدوره والقوانين التي تذهب أدراج الرياح. كم أتمنى أن يحرر لي رجل مرور مخالفة رمي عقب السيجارة من السيارة لكن هذا لن يحدث؛ لأن الكلام شيء والفعل شيء آخر تماما.
مشاركة :