أجّلت محكمة تونسية محاكمة متهمين بالتورط باغتيال المعارض اليساري التونسي شكري بلعيد في العام 2013 بعد جلسة خرجت عن سيطرة القاضي نتيجة الفوضى، فيما أعلنت «هيئة العدالة الانتقالية» تلقي 65 ألف ملف لضحايا التعذيب وانتهاك حقوق الإنسان في العهد السابق. وقررت المحكمة الابتدائية في العاصمة التونسية تأجيل محاكمة 24 تونسياً متهمين بالتورط في اغتيال بلعيد بعد جلسة صاخبة تبادل فيها فريق الدفاع وفريق الادعاء بالحق المدني الاتهامات والإهانات. وأُجِّلت الجلسة إلى 28 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، وفق الناطق باسم المحكمة الابتدائية. وكانت إحدى أبرز المحاكمات في تاريخ البلاد بدأت منذ سنة بعد تحقيقات دامت سنتين واتهامات متبادلة بين الفرقاء السياسيين بخاصة أنها أول جريمة اغتيال سياسي في تونس بعد الثورة. كما يواجه القضاء التونسي ضغوطاً سياسية متزايدة واتهامات بالانحياز ومحاولة طمس الحقيقة. واتهمت «الجبهة الشعبية» اليسارية في مؤتمر صحافي عقدته قبيل انطلاق المحاكمة، حركة «النهضة» الإسلامية بطمس حقيقة اغتيال مؤسسها شكري بلعيد الذي اغتيل في 6 شباط (فبراير) 2013 رمياً بالرصاص أمام منزله في العاصمة على يد متشددين دينيين. وقال الناطق باسم «الجبهة الشعبية» حمة الهمامي إن «حركة النهضة تدفع في اتجاه تأجيل جلسة استماع من قبل البرلمان كانت مقررة الخميس لكل من وزير الداخلية ووزير العدل حول الاغتيالات السياسية». وطالب الهمامي «النهضة» بتحمل مسؤوليتها السياسية في ملف الاغتيالات. وكان مكتب البرلمان قرر تأجيل عقد جلسة الاستماع إلى الثلثاء المقبل «تفادياً لإمكان التأثير على مجريات جلسة المحاكمة في قضية بلعيد». وتواجه «النهضة» (أكبر كتلة برلمانية) اتهامات من قوى المعارضة واليسار بالتورط في اغتيال الزعيمين اليساريين شكري بلعيد ومحمد البراهمي. وواجهت «النهضة» أزمة سياسية حادة غداة اغتيال النائب المعارض للإسلاميين البراهمي، كادت أن تجهض المسار الانتقالي الديموقراطي في البلاد. في غضون ذلك، أعلنت «هيئة الحقيقة والكرامة»، وهي هيئة دستورية مكلفة بالعدالة الانتقالية في تونس، أنها تلقت 65 ألف ملف من ضحايا التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان حصلت منذ الاستقلال (في العام 1956) حتى نهاية العام 2013 وهو تاريخ المصادقة على قانون العدالة الانتقالية. وقالت رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين في مؤتمر صحافي، إن الهيئة «تلقت 65 ألف ملف بينها 13300 ملف من نساء، تخص غالبيتها أشخاصاً والبقية أحزاباً ومنظمات غير حكومية ونقابات وأقليات دينية وثقافية وأيضاً مناطق مهمشة اعتبرت نفسها ضحية لغياب التنمية فيها منذ استقلال البلاد عن فرنسا عام 1956». وأكدت بن سدرين أن الضحايا أصحاب الملفات ينتمون إلى كل العائلات السياسية من دون استثناء من إسلاميين ويساريين وقوميين ونقابيين، إضافة إلى أبرز أحزاب المعارضة ومنظمات المجتمع المدني، مشيرةً إلى أن «بعض الأقليات الدينية والثقافية مثل اليهود والأمازيغ والسود قدمت ملفات لدى الهيئة».
مشاركة :