في كل تجمع وظيفي عربي ونفس السيناريو يتكرر، يبدأ بتعبئة طلب استمارات التوظيف واللوحات الدعائية معلقة على الجدران، والسؤال الذي يبحث عن إجابته الكل هو، كم هي البروشورات التي تتناولها الأيدي؟ فبين العديد من الاستمارات التي قام بتعبئتها، والوجوه التي تشير إلى الوظائف المتدنية والقطاعات التي تستفيد من الملتقى دعائيا يجد الباحث عن العمل أمام بوابة الخروج مستقبلا أملا جديدا هو نفسه الذي دخل به في أورقة الملتقى. ومع غياب الأدوات التنفيذية للعمل كصندوق تنمية عربي لتنمية الموارد أو إيجاد هيئة رقابية للبطالة العربية أو بنك معلوماتي لتبادل القوى العاملة والإحصاءات المقترنة بالاستراتيجيات تبقى تلك المؤتمرات أدوات إحباط ترفع سقف التطلعات في سوق العمل دون دعم عملي على أرض الواقع نجد مثل هذه الملتقيات للباحثين عن العمل في الدول العربية وهي تعج بالعديد من الشباب والفتيات الباحثين عن عمل في أي مجال. المختصون نادوا بتوفير وظائف لـ 80 مليون شاب عربي، والباحثين عن العمل يرون أن كثيرا من الملتقيات والتجمعات الوظيفية تحولت إلى لوحات دعائية لمراكز التدريب والأكاديميات التعليمية، والاستعانة بخدمات الشباب خلال فترة المعرض وتنتهي علاقتهم بمجرد انتهاء المعرض دون النظر في خلفيته في التعامل مع طبيعة هذه الملتقيات، مشيرين إلى أن عددا كبيرا من الجهات تشارك مستغلة المناسبة لتقديم عروضها ونشاطها مثل مراكز التدريب والأكاديميات التعليمية، بحيث تقدم تخفيضات على أسعار الدورات التدريبية لديها ويكون لدى الموظف أو الموظفة خبر عن الأسعار، ولكن عند سؤالهم عن الوظائف والمرتبات يسارعوا بتقديم نموذج طلب وظيفي لتعبئته فقط. «عكاظ» اتجهت إلى عدد من المتخصصين لتسألهم عن كيفية تحقيق بعض سقف تلك التطلعات لتوفير 80 مليون وظيفة للشباب العربي من كلا الجنسين خلال 7 سنوات في ظل التحديات التي يواجهها العالم العربي بشكل عام، خاصة مع الأزمة الاقتصادية العالمية التي تعيشها الدول. المختص الاقتصادي الكويتي الدكتور حجاج بو خضور، قال: هناك 7 سنوات فقط، تفصل العرب عن استحقاق مهم يتمثل بتوفير 80 مليون فرصة عمل لشباب المنطقة العربية، نتيجة زيادة غير مسبوقة في تعداد الشباب العربي، ترافقها زيادة في نسبة البطالة والإعالة الفعلية، ولذلك يجب على الحكومات العربية أن تعمل على توفير شراكات ناجحة، عبر انتهاج سياسات تحفز النمو الاقتصادي وتحقق نموا اقتصاديا بمعدل 6 في المائة، سنويا لمسايرة نمو القوى العاملة. وأضاف الدكتور بو خضور، يجب على الحكومات العربية العمل معا على تأسيس البنية الأساسية الضرورية لازدهار الأعمال، ووضع القوانين والتشريعات التي تهيئ الأرضية المناسبة لإيجاد الوظائف، وجذب الأدمغة ورؤوس الأموال الداخلية والخارجية، وحماية الحقوق، والتنسيق مع القطاع الخاص وأصحاب الفكر والتعليم، ووضع خريطة عمل لاستحداث فرص عمل جديدة، وتطوير رؤى وطنية مبتكرة لتوفير بيئات محفزة لتوطين الوظائف، وتوفير فرص التأهيل والتمويل لهم، واحتضان الأفكار الإبداعية للشباب. مضيفا بالقول: يجب تحقيق المواءمة بين مخرجات التعليم وسوق العمل قدر المستطاع باستحداث آليات تحقق موازنة العرض والطلب بين مخرجات التعليم والتخصصات المطلوبة في سوق العمل وتطبيق إصلاحات حقيقية على منظومة التعليم عبر إنشاء بيئات تعليمية مشوقة تحفز على الإبداع والتعلم المستمر، لصنع رواد أعمال، مستطردا بقوله، يجب الاستثمار الأمثل في التدريب والتأهيل، وتشجيع المشاريع الريادية وتوجيه الشباب نحو المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز وتشجيع ثقافة المبادرة بخلق فرص عمل ومشروعات واعدة وبناء القدرات وحشد الموارد والإمكانات وفتح المجال واسعا أمام القطاع الخاص والشباب كشركاء قادرين على تفعيل النشاط الاقتصادي ورفع مقدرته التنافسية، وإلغاء كافة المظاهر السلبية التي تعيق الشباب عن التوجه نحو فعاليات تأسيس المشروع، وبالتالي توسيع مجالات النشاط الاقتصادي وتنمية مهاراتهم ورفع مقدرتهم التنافسية، والابتكار نحو مستويات متقدمة. أما الدكتورعبدالوهاب بن سعيد القحطاني عضو هيئة التدريس في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، فقال: إن معدل البطالة بين النساء أكثر منه بين الرجال لأسباب اجتماعية وثقافية وربما دينية في بعض المجتمعات العربية. وأضاف الدكتور القحطاني: الملاحظ أن الدول العربية التي مرت بالثورات زادت فيها البطالة بدرجة كبيرة. ولقد قلصت أو أنهت بعض الشركات الأجنبية نشاطاتها في تلك الدول بسبب التراجع الاقتصادي، وأيضا لخوفها على استثماراتها في تلك الدول. وتأثرت سلبا قطاعات السياحة والترفيه والفندقة والطيران بسبب الثورات العربية في كل من تونس ومصر وسوريا، مشيرا إلى أن عددا كبيرا من مواطنيها فقدوا وظائفهم، بل أصبح من الصعوبة خلق وظائف جديدة في ظل ظروف سياسية واقتصادية متقلبة وغير مستقرة. وقال الدكتور القحطاني: إن التحديات الطارئة في الدول العربية التي مرت ولا تزال تمر بثورات لا تشجع على جذب الاستثمارات الأجنبية والعربية والسياح الأجانب والعرب إليها لعدم استقرارها بالرغم من الحاجة لخلق الوظائف في مجالات عديدة ذات جدوى اقتصادية مشجعة. وما الثورات العربية إلا بدوافع اقتصادية ساهمت فيها الأزمة الاقتصادية العالمية والتي لا يزال تأثيرها واضحا على بعض الدول الصناعية المتقدمة، ناهيك عن تأثيرها المباشر وغير المباشر على الدول العربية التي لا تملك الموارد المالية لدعم معيشة سكانها في وقت الأزمات الاقتصادية، مشيرا إلى أهمية وضرورة إنشاء صندوق عربي لتنمية الموارد البشرية العربية، بحيث يكون مدعوما ماليا من الدول العربية، وذلك ليكون النواة الاستراتيجية لتدريب وتطوير الشباب العربي. ويقول المحلل الاقتصادي فضل بن سعد البو عينين: في ظل المطالبة بتوفير 80 مليون وظيفة للشباب العربي من كلا الجنسين، فإن مشكلة الدول العربية تكمن في الأمنيات والأهداف الصعبة، غير المتوافقة مع قدرات الأجهزة التنفيذية؛ وهي إن كانت أهدافا يمكن تحقيقها بالتخطيط والعمل والجهد؛ إلا أن التجارب تثبت أن العرب بعيدون كل البعد عن تلك الأدوات المحققة للأهداف. وأضاف البوعينين، إن كثيرا من الدول العربية في حاجة ماسة إلى الاستقرار أولا والتنمية ثانية؛ ومعالجة مشكلة البطالة التي باتت تخنق كثيرا منها.
مشاركة :