الاسترليني مهدد بفقدان 15 % من قيمته إذا خرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي

  • 6/21/2016
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

على الرغم من صعوبة التنبؤ بنتائج تصويت الشعب البريطاني في استفتاء الـ 23 حزيران (يونيو) الجاري، بشأن البقاء أو الخروج من عضوية الاتحاد الأوروبي، فإن ما يمكن التنبؤ به بدرجة عالية من الثقة أن تصويت البريطانيين لمصلحة الخروج، سيترك تأثيرات ضخمة في الأسواق المالية العالمية، وسيمتد التأثير إلى أسعار الذهب والأسهم والسندات في العالم. ويعد الاسترليني حالياً الأكثر تأثراً بطبيعة النقاش الدائر بشأن البقاء أو الخروج من الاتحاد الأوروبي. فقيمة العملة البريطانية في تذبذب مستمر نتيجة تقلب موقف الشعب البريطاني تجاه البقاء مع الاتحاد أو الخروج منه. فبعد التراجع في قيمة العملة البريطانية في مواجهة العملات الدولية الأخرى منذ كشفت استطلاعات الرأي التقارب في نسبة التصويت بين معسكر البقاء والخروج. ها هو الاسترليني ارتفع صبيحة أمس، إلى مستويات لم يشهدها منذ عقد تقريباً، والسبب أن آخر استطلاعات الرأي كشفت تقدماً طفيفاً لمصلحة معسكر البقاء في الاتحاد الأوروبي. فقد ارتفع الاسترليني، صباح أمس، بنحو 1.6 في المائة في مواجهة الدولار؛ ليكون بذلك العملة الأفضل أداءً في مواجهة الدولار الأمريكي، وليحقق بذلك أعلى معدل له أمام الدولار منذ 15 تشرين الأول (أكتوبر) عام 2009. وكانت أول انتصارات العملة البريطانية قد تحققت في الأسواق الآسيوية التي شهدت إقبالاً على الاسترليني؛ ما أسهم في ارتفاع قيمته بنحو 1.9 في المائة. ومع هذا فإن المختصين في مجال تداول العملات لا يزالون عند قناعتهم بأن التذبذب في قيمة العملة البريطانية سيكون سمة المرحلة الراهنة لبعض الوقت. ولـ "الاقتصادية"، يعلّق ج. بلفريج؛ خبير التداول في العملات في بورصة لندن، قائلاً "الاسترليني في الوقت الحالي شديد الحساسية لكل تغيُّر في استطلاعات الرأي بشأن البقاء أو الخروج من الاتحاد الأوروبي. والارتفاع الراهن قد يكون مقدمة لسقوط كبير ومروّع إذا صوّت الشعب البريطاني للخروج من الاتحاد، فإذا سارت الأمور لمصلحة معسكر الخروج، فإن العملة البريطانية ستتلقى صدمة عنيفة للغاية، وستتراجع قيمتها بما لا يقل عن 15 في المائة". ويضيف "قادة المعسكر الداعي إلى الخروج من عضوية الاتحاد لا ينكرون ذلك، لكنهم يجدون فيه فرصة قوية لتعزيز الصادرات البريطانية، وقد يبدو ذلك منطقياً للوهلة الأولى، لكنهم يتناسون أن تراجع العملة سواء البريطانية أو لأي دولة بهذا المعدل الكبير سيكون مؤشراً على عدم الاستقرار الاقتصادي، وهذا يعني عملياً تراجع أو حتى انسحاب الاستثمارات الدولية من الاقتصاد الوطني؛ ما يؤدي إلى مزيد من التدهور في قيمة العملة الوطنية". وبصفة عامة، فإن التراجعات في قيمة الاسترليني خلال الأشهر الأربعة الماضية لم تكن عنيفة؛ نظراً لأن أغلب استطلاعات الرأي أشارت إلى تقدم معسكر القوى الداعية للبقاء ضمن الاتحاد، ولكن خلال الأسبوعين الماضيين تعرضت قيمة العملة البريطانية لتراجع ملحوظ بعد أن كشفت استطلاعات الرأي تقدم التيار الداعي للخروج. مع هذا، فإن الدكتور مارتن بارن؛ أستاذ الاقتصاد البريطاني في جامعة كامبريدج، يعتقد أن تراجع العملة البريطانية لا يعود فقط إلى الصراع الدائر بشأن بقاء بريطانيا أو خروجها من الاتحاد الأوروبي. ولـ "الاقتصادية" يعلّق قائلاً: "الاسترليني وصل إلى قمة الارتفاع في قيمته عام 2014، ومنذ ذلك لحين تتراجع قيمته في مواجهة العملات الأخرى، وخاصة الدولار الأمريكي، والسبب هو عدم توازن الوضع الاقتصادي البريطاني، من جرّاء تنامي قيمة العجز في الحساب الجاري التي بلغت 7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2015، ولهذا فقيمة العملة البريطانية ستواصل الانخفاض سواء خرجت بريطانيا من الاتحاد أم لا؛ طالما ظل العجز في الحساب الجاري في تصاعد". ولهذا تحديداً ستتوقف قيمة الاسترليني في مرحلة ما بعد الاستفتاء أياً كانت النتيجة على طبيعة القرارات والإجراءات التي سيتخذها بنك إنجلترا (البنك المركزي البريطاني) في المرحلة اللاحقة، فإذا دخل الاقتصاد البريطاني في مرحلة الركود من جرّاء الخروج من عضوية الاتحاد الأوروبي، فإن بنك إنجلترا لربما يعد انخفاض قيمة العملة البريطانية وسيلة إيجابية لإنعاش الاقتصاد الوطني عبر تعزيز الصادرات وخفض الواردات، ورفع معدلات السياحة إلى بريطانيا. ولكن التصويت لمصلحة الخروج من الاتحاد الأوروبي ربما ترافق أيضاً مع موجة من الهلع المحلي والدولي تؤدي إلى السعي للتخلص من العملة البريطانية بسرعة، وقبل أن تواصل قيمتها في الانخفاض، وفي مثل هذه الظروف لن يكون أمام محافظ بنك إنجلترا غير رفع أسعار الفائدة، في محاولة لمنع رؤوس الأموال الأجنبية من مغادرة البلاد والسيطرة على التضخم. وكان تقدُّم استطلاعات الرأي لمصلحة القوى الداعية لمغادرة الاتحاد الأوروبي قد أدّى إلى انسحاب نحو ثلاثة مليارات دولار أمريكي من الاستثمارات الأجنبية من الأسواق البريطانية. وهو ما دفع بعضهم إلى التكهن بأنه إذا كان الاسترليني سيخسر نحو 15 في المائة من قيمته أمام العملات الأجنبية، في حالة التصويت لمصلحة مغادرة الاتحاد، فإن تراجعه أمام الدولار الأمريكي سيكون أكبر من ذلك، حيث من المحتمل أن يخسر 25 في المائة من قيمته ليصل إلى أدنى مستوى له خلال ثلاثة عقود؛ ما سيدفع بمعدلات التضخم إلى مستويات شديدة الارتفاع.ولكن ماذا سيكون وضع العملة البريطانية إذا ما انحاز الناخب البريطاني إلى خيار البقاء ضمن الاتحاد الأوروبي؟ نايجل بلاك؛ كبير المحللين في المجموعة العالمية للتداولات المالية، يعلق لـ "الاقتصادية"، قائلاً "يمكنا القول بدرجة عالية من الثقة إنه إذا كانت نتيجة الاستفتاء في مصلحة البقاء في الاتحاد، فإن قيمة الاسترليني سترتفع في الحال بنحو 5 إلى 6 في المائة، وبذلك سيتمكّن من تعويض الخسائر التي مُني بها منذ بداية العام". وإذ يجمع أنصار البقاء في الاتحاد أو الخروج منه أن التقلبات في قيمة الاسترليني ارتفاعاً أو انخفاضاً لن تعود على الاقتصاد البريطاني بالفائدة، وخاصة بعد تراجع العائد على السندات البريطانية ذات السنوات العشر إلى مستويات قياسية، فإن المخاوف تتصاعد لدى قطاع كبير من الاقتصاديين البريطانيين في أن ترسل نتائج الاستفتاء المتقاربة، برسالة سلبية للعالم الخارجي، مفادها أن المجتمع البريطاني منقسم على ذاته، في قضية محورية كقضية البقاء أو الخروج من أوروبا، وهو ما قد يدفع برؤوس الأموال الأجنبية إلى الانسحاب من الاقتصاد البريطاني، إضافة طبعاً إلى تراجع الإقبال العالمي على الاسترليني كعملة ذات ثقل دولي.

مشاركة :