"الاسترليني" مهدد بفقدان 15 % من قيمته في 2017

  • 3/29/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تجلت أولى ردود أفعال الأسواق العالمية على الخطوة البريطانية بتفعيل الانسحاب من الاتحاد الأوروبي في انخفاض سعر صرف الجنيه الاسترليني في مواجهة العملة الأوروبية الموحدة اليورو من نحو 1.20 يورو لكل استرليني إلى أقل من 1.14. وعلى الرغم من افتتاح الأسواق الآسيوية على مزيد من الانخفاض في سعر الاسترليني، وتوالي الانخفاض مع افتتاح البورصات الأوروبية، إلا أنه بعد أن ألقت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي كلمتها في مجلس العموم، التى دعت خلالها إلى وحدة الأمة في المرحلة الراهنة، متعهدة بمستقبل مشرق للشعب البريطاني، توقف مسلسل هبوط سعر صرف الاسترليني في مواجهة اليورو والدولار، وبدأت العملة البريطانية تلتقط أنفاسها وتعاود الارتفاع مجددا في مواجهة العملات الدولية.وفي ظل التقلب الراهن في سعر صرف الاسترليني، سعت "الاقتصادية" إلى استطلاع آراء مجموعة من المصرفيين والمختصين في مجال سعر صرف العملات، وبعض الاقتصاديين لمعرفة وجهة نظرهم تجاه مستقبل العملة البريطانية في الفترة المقبلة، التي ستشهد مفاوضات شقة بين لندن وبروكسل بشأن الطلاق الأوروبي.إدوارد واتس رئيس قسم المعاملات الدولية في بنك إنجلترا سابقا، والاستشاري في بنك "نيت ويست"، يحمل نظرة سلبية تجاه مستقبل الاسترليني في السنوات المقبلة، ويوضح أن المنطق الاقتصادي المحض يشير إلى تراجع سعر الاسترليني بشكل ملحوظ خلال العامين المقبلين على أقل تقدير، لكن الاحتمال الأكبر هو أن فترة السنوات العشر المقبلة ستشهد وضعا سلبيا للعملة البريطانية.ويربط إدوارد واتس هذا التراجع بالتطورات الاقتصادية التي يتوقع أن يشهدها الاقتصاد البريطاني جراء الخروج من الاتحاد الأوروبي، مضيفا أن "دوتشيه بنك" الألماني وهو مؤسسة مالية دولية، تتمتع باحترام وثقة عالمية، حذرت عملاءها من الاستثمار في الاسترليني، وتوقعت أن تنخفض قيمته في مواجهة الدولار بنحو 15 في المائة، وأنه سيبلغ 1.06 في مواجهه الدولار بنهاية عام 2017، ليصل إلى أدنى مستوى له خلال 31 عاما، وأعتقد أن الانخفاض سيكون أسوأ من ذلك، إذا اتسمت المفاوضات المقبلة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي بالتعقيد وعدم السلاسة، وتمسك كل طرف بموقفه.وحول تقديراته لأسعار الصرف المتوقعة، قال واتس، "سيتم تداول الاسترليني في مواجهة الدولار بـ 1.23 في نهاية حزيران (يونيو) المقبل، ثم ينخفض خلال الأشهر الثلاثة أو الستة التالية إلى 1.21.ويتفق ديفيد ديدز المختص في مجال العملات نسبيا مع وجهة النظر تلك، لكنه لا يتبناها بصورة مطلقة، ويعتقد أن التقلبات التي شاهدها خلال الساعات القليلة الماضية في سعر صرف الاسترليني في مواجهة الدولار واليورو، ستمثل الاتجاه العام الذي سيواجه العملة البريطانية خلال فترة المفاوضات مع بروكسل للتوصل إلى اتفاق للخروج من الاتحاد الأوروبي.وأشار ديدز إلى أنه ربما يكون الاتجاه العام للاسترليني هو الانخفاض، ولكن هذا اتجاه عام وليس تفصيليا، بمعني أننا سنشهد في بعض الأحيان ارتفاعا في قيمة الاسترليني في مواجهة العملات الدولية، ولكنه ارتفاع مؤقت ولفترة محدودة وغير كبير في القيمة.وأضاف أنه يصعب تعرض الاسترليني للصدمة التي تعرض لها عندما ظهرت نتيجة استفتاء حزيران (يونيو) 2016، بل يمكن أن تختلف الصورة إذا أسفرت المفاوضات عن اتفاق يحقق المصلحة الاقتصادية لبريطانيا، وفي تلك الحالة سنشهد تحسنا ملموسا في سعر العملة البريطانية.ويستدرك ديدز قائلا، "خلال فترة المفاوضات ستتسم معظم التوقعات بشأن سعر صرف الاسترليني بالتذبذب، ولكن الصورة ستكون أكثر وضوحا للجميع مع إتمام عملية الخروج"، ومع هذا يبدي ديدز تخوفا ملحوظا، من أن يؤدي انخفاض سعر الاسترليني في مواجهة الدولار واليورو لفترة طويلة، إلى الضغط على المفاوض البريطاني لسرعة التوصل إلى اتفاق لتهدئة الأسواق، وهو ما قد يسفر عن اتفاق سلبي يؤدي إلى مزيد من التآكل في سعر صرف العملة البريطانية.لكنّ وجهتي النظر تلك، لا تنفيان وجهات نظر أخرى ترى أن مستقبل الاسترليني ليس بهذا السوء، وأن العوامل الاقتصادية لا تزال في مصلحة العملة البريطانية وستغير من دفة الأحداث، بحيث يمكن أن نشاهد خلال فترة المفاوضات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي ارتفاعا في قيمة العملة البريطانية.الدكتورة إملي رولينج، استاذة التجارة الدولية في جامعة بروملي ترى أن مبررات التيار الذي يتوقع تراجع سعر صرف الاسترليني تبدو للوهلة الأولى منطقية، ولكن مشكلة هذا النهج في التحليل أنه يربط قيمة العملة البريطانية بعامل واحد ألا هو مسار ومصير المفاوضات البريطانية مع الاتحاد الأوروبي، ويتجاهل تماما المؤشرات الاقتصادية الأخرى، وأبرزها التغيرات الناجمة عن انخفاض سعر صرف العملة البريطانية.وتضيف رولينج أن لأوروبا استثمارات مباشرة وغير مباشرة في بريطانيا تقدر بـ 500 مليار دولار، كما أن لندن تدير أصولا دولية تتجاوز قيمتها 6 تريليونات دولار، ومن المنطقي أن يدافع أصحاب تلك الاستثمارات ورؤوس الأموال عن الاسترليني، ويتصدون للعوامل التي تؤدي لانخفاضه، لأن ذلك يعني تراجع قيمة الأصول المالية التي يمتلكونها، ويضاف إلى ذلك أن انخفاض قيمة الاسترليني سيشجع مجموعة أخرى من العوامل سترفع قيمة العملة البريطانية سريعا.وحول تلك النقطة تشير رولينج إلى أن انخفاض الاسترليني سيشجع على زيادة معدلات السائحين إلى بريطانيا وخصوصا من منطقة الخليج وهذا يعني تحسن وضع الاقتصاد البريطاني وزيادة الطلب على الاسترليني، إضافة إلى أن السلع والخدمات البريطانية ستباع في الخارج بأسعار أقل من نظيرتها الأوروبية والأمريكية، وهذا سيؤدي إلى تحسن وضع الميزان التجاري، كما أن تراجع الاسترليني قد يؤثر سلبا على قيمة رؤوس الأموال الأجنبية المستثمرة في بريطانيا، لكنه أيضا يمثل عنصر جذب لمزيد من الاستثمارات الدولية، ما يعني على الأمد الطويل تحسن قيمة العملة البريطانية.براين ليوي المختص المالي في بورصة لندن يتفق تماما مع وجهة النظر تلك، ويرى أن الاسترليني مقيّم حاليا بأقل من قيمته الحقيقية بنحو 20 في المائة، نتيجة الاستفتاء الذي أسفر عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.ويعرب ليوي عن ثقته في أن أسباب الانخفاض تعود في جوهرها إلى توقعات أكثر من وقائع ملموسة على أرض الواقع، مشيرا إلى أن تدني سعر العملة البريطانية في مواجهة الدولار واليورو، يعود إلى تكهنات الأسواق بوقوع آثار سلبية على الاقتصاد البريطاني نتيجة الخروج الأوروبي، لكن الأمر يظل حتى الآن في إطار التكهنات ولا توجد وقائع ملموسة، وبمجرد إدراك الأسواق بأن رابع أكبر اقتصاد عالمي لم يتأثر بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي سترتفع قيمة الاسترليني سريعا.وبصرف النظر عن مصير العملة البريطانية على الأمد الطويل، فإن الأمر المؤكد الآن هو أن الفترة المقبلة ستشهد تقلبات، وستتأثر قيمتها بكل تعليق أو تصريح يصدر عن أحد السياسيين بشأن كيفية سير المفاوضات، وهو ما يجعل كثيرا من المضاربين على العملات يبتعدون عن العملة البريطانية في الوقت الحالي، في انتظار أن تهدأ الأجواء حتى يمكنهم امتلاك صورة أكثر واقعية ودقة عن مصير الاسترليني.Image: category: عالميةAuthor: هشام محمود من لندنpublication date: الخميس, مارس 30, 2017 - 22:09

مشاركة :