على رغم أن الجائلين بالمنطقة التاريخية، والمارين بقربها بلغ عددهم خلال يوم واحد 80 ألفاً، إلا أن «لاشيء يعيد جمال الماضي» فهي جملة زلت من لسان العم محمد البهلولي الذي تجاوز عمره الـ70، وهو أحد أعيان الحي الواقع في نطاق جدة التاريخية، أثناء وجوده على مركازه القريب من منزله الذي يبلغ عمره 200 عام، إذ لم يفارقه طيلة حياته، إذ يرى أن قوله لهذه الجملة يجحض كثيراً من جهود القائمين على مهرجان جدة التاريخية، فهو لم يرغب مضايقتهم بـ «كلمة». محمد البهلولي هو ابن للبهلولي أول من شغل مهنة بيع «المكسرات» في محافظة جدة، أو كما يطلق عليه سكان الحي «النقلي»، ورغم دفع الزمان والمكان بالعم أحمد للخروج من منزله والسكن في منزل شمال المدينة، إلا أنه يؤكد سكنه في منزله القديم «أنا اسكن في هذا المنزل لكن جسدي في مكان آخر». ويتابع محمد حديثه وهو يراقب زوار المنطقة، بفرح وسرور تخالطها دموع تذرف على ماض ليست له عودة، مستحضراً عمل والده الذي يجلب «المكسرات» عبر القوافل التي تقطع دولاً عدة، وتمر من اليمن، الشام، وغيرهما. ويقول أخوه سلطان البهلولي الذي يجلس بجواره إن الكثير من أهل البلد، يسكنون خارج الحي، لكنهم يزورونها عصر كل يوم. الشاب ماهر ابن عم محمد البهلولي يقول إن مهرجان جدة التاريخي سيعمل على إعادة الحياة للمنطقة، إذ سيرتبط الزوار بالمنطقة حتى بعد انتهاء المهرجان، وسيعملون على زيارتها باستمرار، مطالباً ملاك المباني باستثمار منازلهم وبناياتهم القديمة وتحويلها إلى متاحف أثرية، مطاعم، وفنادق، مضيفاً: «الكثير من السياح الأوروبيين يبحثون عن فنادق توجد في بنايات أثرية وقديمة» ويضيف ماهر أن حرفة جدة لم تترك ولم تندثر بين أبنائه، إذ يجيد وإخوته عمل «المكسرات» بإتقان كبير.
مشاركة :