دخلت أزمة انهيار أسعار النفط منحى جديداً في سلطنة عُمان التي يشكل فيها النفط معظم دخلها القومي، إذ تزداد الضغوط الشعبية على الحكومة نتيجة القرارات الأخيرة، وبدا ذلك واضحاً من ردود الفعل على مواقع التواصل الاجتماعي. إذ مضت الحكومة في رفع أسعار الوقود تدريجاً لتتجاوز أكثر من نصف دولار لليتر البنزين، بعد صعود لأكثر من 50 في المئة عن سعره السابق، والمتوقع أن يزيد مع قرب الإعلان عن التسعيرة الجديدة للشهر المقبل. وفي الدولة التي تستخدم الأكثرية فيها سيارات خاصة لسهولة الحصول عليها، مع عدم توافر وسائل نقل عمومية مقنعة، فإن رفع الدعم عن الوقود يؤثر في شكل كبير في المواطنين خصوصاً أصحاب المداخيل المحدودة، والتنقل بين محافظات السلطنة المتباعدة جغرافياً مع ميل الأكثرية إلى العودة إلى مناطقهم الأصلية بعيداً من الاستقرار في العاصمة مسقط، مع ارتفاع أسعار العقارات. ويُتوقع أن ترفع الحكومة تدريجاً أيضاً دعمها لخدمات الكهرباء والمياه، التي تشهد ضغطاً عليها مع التوسع العمراني وارتفاع درجات الحرارة. لكن بموازاة هذه الإجراءات وامتصاص ردة الفعل الشعبية، أعلنت الحكومة العُمانية عن وقف صرف المكافآت السنوية للوزراء والوكلاء ومن في حكمهم، وترددت أنباء عن تجاوزها ستة ملايين ريال عُماني (أكثر من 15 مليون دولار). واعتمدت الحكومة ترشيد الإنفاق على استخدامات السيارات الرسمية وإلغاء فاعليات معروفة لبقاء العجز المتوقع في حدود 8.5 بليون دولار على الأقل هذه السنة، علماً أن عجز العام الماضي وصل إلى عشرة بلايين دولار. وسدت الحكومة العجز من خلال الاقتراض الخارجي، إضافة إلى الاستعانة بالبنوك المحلية والسندات لمواجهة الأسوأ في هذه الأزمة. وكان تقرير في مجلة تصدر عن البنك المركزي العُماني أشار إلى أن السلطنة، «ربما تضطر إلى بدء بيع أصول أجنبية أو الاقتراض من الأسواق العالمية خلال السنوات المقبلة، إذا زاد الإنفاق الحكومي في خضم فترة من تراجع أسعار النفط وتباطؤ النمو الاقتصادي. وبلغت مدخرات البنك المركزي نحو 15.8 بليون دولار حتى نهاية العام الماضي، وتمتص الرواتب نسبة كبيرة من الدخل الوطني وتصل قيمتها إلى ستة بلايين ريال عماني، لترتفع مع الزيادات إلى 7 بلايين. وحذر خبير اقتصادي في جلسة لمجلس الشورى، من أن البلاد «ستكون أمام أزمة خطيرة عام 2020، في حال استمرت أسعار النفط على هذا المستوى وهو 45 دولاراً للبرميل، وتزيد كلفة إنتاجه في السلطنة على عشرين دولاراً. وإثر احتجاجات عام 2011، اضطرت الحكومة إلى إطلاق حملة لتوظيف أكثر من 50 ألف شاب غالبيتهم في القطاعات الحكومية، ما أوجد ثقلاً إدارياً على الوزارات والمؤسسات، إضافة إلى فتح فرص لمواصلة التعليم العالي لعشرات الآلاف الآخرين.
مشاركة :