أقرت الحكومة العُمانية أمس سلسلة من الإجراءات لخفض الإنفاق وزيادة الضرائب، للتكيّف مع الأثر السلبي الناتج من تدنّي أسعار النفط. وأفادت وكالة «الأنباء العُمانية» أمس، أن مجلس الوزراء أقرّ «عدداً من الإجراءات لمواجهة تأثيرات انخفاض أسعار النفط بما يكفل استدامة الأوضاع المالية للدولة». وأضافت أن «أهم هذه الإجراءات، خفض الإنفاق الحكومي وتنمية الإيرادات غير النفطية، من خلال رفع معدلات الضريبة على أرباح الشركات ومراجعة ورفع الرسوم على بعض الخدمات الحكومية، وتعديل أسعار المنتجات النفطية بما يتوافق مع الأسعار العالمية لتلك المنتجات ابتداء من منتصف كانون الثاني (يناير) 2016». وزادت الوكالة الرسمية: «حرصاً من مجلس الوزراء على التقليل من حدة تأثير هذه الإجراءات، وجّه الهيئة العامة لحماية المستهلك بتكثيف مراقبة الأسعار، فلا تكون هناك زيادة غير مبررة تتجاوز الآثار المباشرة لهذه الإجراءات». ولم تكشف الوكالة أي تفاصيل عن زيادات الضرائب وأسعار النفط. وكان مجلس الشورى صوّت الأسبوع الماضي، بالموافقة على زيادة ضريبة الشركات إلى 15 في المئة بدلاً من 12 في المئة. وأكد المجلس أنه نظر في بيانات مجلس عُمان على مشروع الخطة الخمسية التاسعة (2016 - 2020) ومشروع الموازنة العامة للدولة لعام 2016، وردود مجلس الشؤون المالية وموارد الطاقة والمجلس الأعلى للتخطيط عليهما، وأقرّ مشروعي الخطة والموازنة. وعُمان التي حذت حذو السعودية والإمارات في ضبط الموازنة وخفض الدعم، تسعى إلى مواجهة التحديات التي يمثّلها تراجع أسعار النفط العالمية، ما يؤثر في عدد من برامجها التنموية. وتنتج عُمان غير العضو في «أوبك»، قرابة مليون برميل من النفط يومياً، ويشكّل النفط المصدر الأساس للدخل في البلاد (85 في المئة تقريباً). وفتحت زيادات السعودية والبحرين أسعار المحروقات شهية الحكومة الكويتية لزيادات مشابهة قدّرها البعض بما بين 50 و60 في المئة تشمل بنزين السيارات والديزل وغيرها، وإذا صحت التوقعات قد يبدأ العمل بالزيادات في الشهر الأول من 2016، كذلك تفكر الحكومة برفع الدعم عن الماء والكهرباء ضمن خطوات تدرجية لكن هذا يستدعي موافقة مجلس الأمة (البرلمان). وقال وكيل وزارة المال خليفة حمادة لصحافيين أمس ان وزارته قدمت تقريراً إلى الحكومة بتحرير أسعار البنزين والكهرباء والماء لرفعها تدريجاً على مدى ثلاث سنوات وفق شرائح مختلفة لا تمس محدودي الدخل، وألمح إلى رفع الدعم عن المواد الغذائية في خطوة لاحقة. ويفهم من كلامه ان الحكومة تطمح إلى رفع كامل للدعم على المدى البعيد. ويمثل دعم الحكومة للمحروقات بنداً ثقيلاً في نفقات الموازنة العامة وبلغ العام الماضي مثلا سبعة بلايين دولار، وهو لا يشمل فقط وقود السيارات بل ما تصرفه محطات تحلية مياه البحر وتوليد الكهرباء التي تعتمد عليها الكويت في شكل كامل تقريباً وتعمل بحرق الوقود. وعلى رغم تصريح مسؤول في القطاع النفطي بعدم وجود قرار قاطع بزيادة الأسعار فإن مشروع الزيادة أمام مجلس الوزراء، وجاءت الزيادات السعودية والبحرينية لتزيل الغبار عن هذه الملف ليبدأ المجلس درسه مطلع العام، وحسبما تسرب، ترى الحكومة التعجيل في الزيادة «ليبدو الأمر وكأنه حالة خليجية عامة». وهبطت أسعار خام «برنت» قرب أدنى مستوى لها في 11 عاماً أمس إذ تضافرت مؤشرات على تباطؤ الطلب العالمي على الطاقة مع وصول المخزونات إلى مستويات قياسية. وجرى تداول خام «برنت» القياسي قرب 37 دولاراً للبرميل بزيادة دولار واحد على المستويات التي سجلها الأسبوع الماضي، وتشير التوقعات إلى أن العامل الأساس الذي يدعم الخام وهو موجة طقس بارد في أوروبا والولايات المتحدة سيكون قصير الأجل. وبلغ سعر تداول خام غرب تكساس الوسيط في العقود الآجلة 36.92 دولار للبرميل منخفضاً 95 سنتاً أو ما يزيد عن اثنين في المئة عن سعر آخر تسوية في الجلسة السابقة. وهبط «برنت» 75 سنتاً إلى 37.04 دولار للبرميل مسجلاً تراجعا بنحو اثنين في المئة. وفي برلين توقعت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد إن يكون نمو الاقتصاد العالمي «مخيبا للآمال» السنة المقبلة، خصوصاً مع احتمالات رفع اضافي لأسعار الفائدة على الدولار والتباطؤ الاقتصادي في الصين. وشددت لاغارد في مقابلة مع صحيفة «هاندلسبلات» الاقتصادية رفع معدلات الفائدة في الولايات المتحدة وتباطؤ الاقتصاد في الصين، واستمرار هشاشة النظام المالي في عدد من الدول، ومشاكل الدول المنتجة للطاقة ازاء تدهور الاسعار، لتخلص الى ان «كل ذلك يعني ان النمو عام 2016 سيكون مخيباً ومتفاوتا». وتابعت ان «الافاق على المدى المتوسط قاتمة ايضا بسبب الانتاجية الضعيفة وشيخوخة السكان وتبعات الازمة الاقتصادية العالمية، ما يكبح النمو». وتناولت بصورة خاصة تغيير سياسة الاحتياط الفيديرالي الاميركي 0المركزي) الذي قرر في منتصف كانون الاول (ديسمبر) رفع معدل الفائدة بعد سنوات من بقائه بمستوى الصفر، ورأت ان «الاحتياطي الفيديرالي» يواجه عملا يتطلب توازناً دقيقاً ما بين تطبيع معدلات الفائدة وفي الوقت نفسه تفادي مخاطر حصول خلل في الاسواق المالية». لكنها رأت بصورة عامة انه حتى خارج دائرة الدول المتطورة فان «الدول مهيأة بشكل افضل من الماضي لمعدلات فائدة اكثر ارتفاعا» مضيفة انه «على رغم ذلك اخشى على قدرتها على تخطي الصدمات» التي قد تثيرها تدابير السياسة النقدية في الاسواق. ولفتت الى ان «عدداً كبيراً من الدول لها ديون، وقسم كبير منها بالدولار» معتبرة ان «معدلات فائدة اعلى وسعر اقوى للدولار عاملان قد يؤديان الى تعثر بعض الشركات في سداد مستحقاتها، وقد تنتقل العدوى بشكل خطير الى المصارف والدول». وعلى صلة أظهرت بيانات من صندوق النقد الدولي أمس أن حصة الدولار الاميركي في الاحتياطات الدولية من العملات إرتفعت إلى 64 في المئة في الربع الثالث من العام من 63.7 بالمئة في الربع الثاني. وتراجعت حصة اليورو بشكل طفيف إلى 20.3 في المئة من 20.5 في المئة.
مشاركة :