ترغب الجزائر في تنويع اقتصادها الوطني لإنهاء حالة التبعية الكبيرة للمحروقات، لا سيما بعد تراجع عائداتها المالية خلال العام الجاري بسبب انخفاض أسعار النفط، وما سبّبه ذلك من انكماش في الميزان التجاري الجزائري، كان له أثر مباشر على الحياة اليومية للمواطن الجزائري. وأكدت الدولة الجزائرية أكثر من مرة نيتها تنويع الاقتصاد حتى تتخطى حالة الانكماش التي توّضحها الأرقام الرسمية، وأعاد الوزير الأول، عبد المالك سلال، هذا التأكيد يوم الخميس الماضي، عندما قال إن الخروج بالاقتصاد من دائرة المحروقات لا رجعة فيه، مع ما يرافقه ذلك من تقليص للواردات والوصول إلى إنتاج كل ما يحتاجه الجزائريون. وتحدث الوزير على هامش زيارة لوحدة صناعية خاصة بسيارات مرسديس الألمانية بالجزائر، أن بلاده بدأت إلزام كل شركات السيارات بالاستثمار محليا، بمعنى أنهم مطالبون بفتح مصانع لتركيب السيارات أو صنع قطع الغيار، وإلّا فسيتم سحب رخصها لاستيراد السيارات. وحسب أرقام الربع الأول من عام 2016، تهمين المحروقات على الصادرات الجزائرية بنسبة 92,8 في المئة، ورغم ذلك فقد ارتفعت الصادرات خارج المحروقات بشكل طفيف، خاصة في المواد الاستهلاكية غير الغذائية، بينما تستورد الجزائر موادًا أساسية منها الحليب والسكر ومواد البناء. يرى وليد أولاد داود، المتابع للشأن الاقتصادي، أن "نقص الخبرة الإنتاجية في الجزائر والاتّكال الطويل على الاستيراد في مختلف المجالات لاسيما ما تعلق بالمواد الأولية والاستهلاكية يجعل مسعى الحكومة صعبًا على المدى القصير في ظلّ العجز التجاري و نقص القدرة الشرائية و ارتفاع التضخم". وتعود صعوبة ذلك أيضًا، حسب تصريحات أولاد داود لـCNN بالعربية، إلى "نقص التنسيق بين أعضاء الحكومة وتناقض التعليمات، ويظهر ذلك من خلال التسهيلات الذي ينادي بها الوزير الأول للمصدرين، مقابل ذلك، تصدر تعليمات من بنك الجزائر للاستحواذ على العملة الصعبة الذي يجنيها المصدّر". ودعا أولاد داود الحكومة إلى "تشجيع و مرافقة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، لأنها قادرة على رفع التحدي في المدى المتوسط و البعيد"، مطالبًا إيّاها بـ"بتبني خطاب صريح حول الوضع الاقتصادي وضرورة إشراك الفاعلين والخبراء في إيجاد حلول ناجعة للدفع بالقاطرة الاقتصادية، إلى جانب العمل على تشجيع الاستهلاك المسؤول و العقلاني والمنتج الوطني".
مشاركة :