لا حديث يعلو في الشارع الرياضي السعودي طوال الستة أشهر الأخيرة عن الديون المتراكمة التي تتكبدها الأندية لا سيما الكبيرة، التي تتجاوز في مجملها عن 650 مليون ريال، فضلاً عن ديون تتراوح ما بين نصف مليون وحتى 10 ملايين ريال عن نحو 8 أندية أخرى. ويترقب السعوديون الخميس المقبل الموافق الـ30 من الشهر الحالي على أحر من الجمر، كونه سيتم خلاله الإعلان عن قوائم الأندية السعودية الـ14 المحترفة المالية، حيث سيكشف عن إيراداتها ومصروفاتها وديونها حتى نهاية الشهر الحالي. الأمير عبد الله بن مساعد رئيس الهيئة العامة للرياضة، أكد، في لقاء إعلامي جرى الخميس الماضي، أن البحث عن إيرادات للأندية لا يزال بحثًا مهمًا بالنسبة لهم، موضحا أن إيرادات عضويات الجمعية العمومية ضرورية وتحتاج إلى دراسة متعمقة كونها تدر الملايين من الريالات، كما يحدث في تركيا ومصر ودول أوروبية عريقة في الرياضة. ومن أكثر الأمور المهملة في الأندية السعودية هي عضوية النادي، وأجرت «الشرق الأوسط» تحقيقًا عن الدخل المالي الذي تحصل عليه أندية ريال مدريد الإسباني ويوفنتوس الإيطالي من اشتراكات العضوية، في المقابل كان نادي الاتفاق نموذجًا سعوديًا يمكن السير على نهجه، حينما بدأ في طرح عضويته على الراغبين في التصويت في الجمعية العمومية في الصيف الماضي، حيث حقق إيرادات قُدرت بنحو 10 ملايين ريال. ريال مدريد الإسباني من أكثر الأندية العالمية دخلاً، فالفريق المتوج حديثًا بدوري أبطال أوروبا استنادًا إلى القوائم المالية للفريق 2014/ 2015 استطاع أن يحقق دخلاً ماليًا مجموعه 578 مليون يورو، مقسمه بين تسويق النادي والبث التلفزيوني والمباريات الدولية والودية التي أقيمت على الملعب، وعضويات الفريق وملعب الفريق، حيث حققت عضوية النادي نسبة 7.8 في المائة من مجموع الدخل، أي ما يعادل 45 مليونًا و84 ألف يورو، أي ما يعادل 190 مليون و953 ألف ريال سعودي، أي ما خصصته دولة المغرب لمحاربة الحرائق في البلاد، وما رصدته الحكومة المصرية لتطوير منطقة تل العقارب العشوائية. في شمال البحر الأبيض المتوسط تقع إيطاليا التي حقق يوفنتوس بطولة الدوري فيها آخر 5 مواسم، ويؤكد التقرير السنوي للنادي لعام 2014/ 2015، أن الدخل المالي لذلك العام بلغ 348 مليون يورو، وتوزع بين البث التلفزيوني وقناة الفريق، والإعلانات والرعاة، وعضوية النادي والتذاكر الموسمية للفريق. ويضم النادي في عضويته 83072 عضوا بناء على قائمة موسم 2014/ 2015، واستطاع النادي من خلاله هؤلاء الأعضاء جلب 6 ملايين و140 ألف يورو، أي ما يعادل 25 مليونًا و996 ألف ريال سعودي. وتدر إيرادات المشتركين في نادي الزمالك المصري 57 مليون جنيه مصري (24 مليون ريال سعودي) بحسب ميزانية النادي في ديسمبر (كانون الأول) 2015، في المقابل يعتبر النادي الأهلي المصري أكثر الأندية العربية تميزًا في الاشتراكات، إذ يتحصل على مبالغ مالية ضخمة جراء هذه الاشتراكات. ودائمًا ما تضع الأندية الأوروبية فئات للعضويات، وكل فئة لها مميزاتها الخاصة، مستفيدة من المرافق الموجودة في النادي مثل ملعب الفريق والمتحف، فعلى سبيل المثال مانشستر يونايتد يقدم 3 عضويات؛ العضوية الأولى للبالغين وفوق الـ18 سنة وقيمة العضوية 32 جنيهًا إسترلينيًا، بينما العضوية الثانية لمن أعمارهم بين 16 و17 سنة أو من تجاوز 65 سنة وقيمة هذه العضوية 27 جنيهًا إسترلينيًا، والعضوية الثالثة لمن هم تحت 16 سنة وقيمة العضوية 22 جنيهًا إسترلينيًا. في الجانب الشرقي السعودي، قرر نادي الاتفاق طرح عضوية النادي على مشجعيه، حيث تمتاز العضوية بحضور الجمعية العمومية واستخدام مرافق النادي والاستفادة من العروض التجارية، ويوجد 4 عضويات؛ العضوية الأولى للسعوديين من هم فوق 18 سنة وقيمتها 800 ريال للعضوية وللانتساب 200 ريال تُدفع مرة واحدة لمدى الحياة، والعضوية الثانية للمقيمين فوق 18 سنة وسعرها 800 ريال سنويًا، والعضوية الثالثة لمن هم أقل من 18 سنة وقيمتها 500 ريال سنويًا والعضوية الرابع لمن هم أقل من 12 سنة وسعرها 300 ريال، وهناك عرض خاص على العضوية بزيادة خمسين ريالاً، حيث يمتاز العرض الخاص بتوفير بطاقة حضور مباريات الاتفاق في الدمام مجانًا، والحصول على قميص الاتفاق للموسم الجديد مجانًا مع خصم 30 في المائة على قمصان 2 آخرين، وخصم 15 في المائة على منتجات نادي الاتفاق وهدية تذكارية خاصة وحصرية للأعضاء فقط، شريطة أن هذا العرض يسري فقط بين شهري أبريل (نيسان) ويوليو (تموز) 2016. ويقول خالد الدبل رئيس نادي الاتفاق، الذي يطبق ناديه نظام العضوية أن ناديه حقق دخلاً بلغ 10 ملايين ريال أثناء الانتخابات العام الماضي بسبب العضوية لأن المشجعين أرادوا التغيير، وأشار الدبل إلى أن الطموح أن يصل العدد إلى 5 و6 آلاف عضو، ولكن من الصعب الجزم بالعدد الحقيقي قبل شهر أغسطس (آب) المقبل. وتمنى الرئيس الشاب أن يكون هناك مرونة من قبل الهيئة العامة للرياضة في الرخص الرسمية التي تعطي داخل النادي حتى يتحول النادي إلى مزار حقيقي، وأكد الدبل أن ناديه سيطرح برامج عالية خلال الأيام المقبلة ستمكن العضو من الاستفادة من التخفيضات في عدد من الفنادق. واستطرد قائلا إنه في أوروبا هناك عضويات للنساء بعكس هنا، وهناك إقبال على زيارة الأندية من قبل العائلات، بينما هنا نحاول جاهدين في الشباب ونسعى لجذبهم. من جانبه، أكد حافظ المدلج أستاذ الاقتصاد والرئيس السابق للجنة التسويق بالاتحاد الآسيوي لكرة القدم، أنه لو تم تفعيل العضويات في الأندية ستكون رافدًا ماليًا ممتازًا، وستربط المشجعين بالنادي. واستدل المدلج بجوال النادي الذي استفادت الأندية منه ماليًا في فترة من الفترات، عندما كان يمتاز جوال النادي بالسبق حيث نجح الهلال في أن يصل عدد المشتركين في جوال النادي إلى 380 ألف عضو، وقيمة الاشتراك كانت بـ12 ريالاً يذهب منها 4 ريالات للنادي، أي كان الهلال يحقق شهريًا قرابة مليون ونصف ريال شهريًا، حيث تم تفعيل الخدمة بشكل صحيح مما أدى لاستفادة النادي ماليًا. ويضيف قائلا: «إذا أرادت إدارة النادي أن تفعل العضوية عليها بثلاثة أمور؛ أولاً يكون للمشجع امتيازات مثل أخبار حصرية وصور خاصة للفريق تُرسل له، ثانيًا يكون هناك خدمة إضافية مثلاً، في حال تخرج المشجع في الجامعة يتم إرسال رسالة فيديو له من قائد الفريق أو المدرب، وثالثًا المشاركة في صناعة القرار عن طريق الاستفتاء، وعلى سبيل المثال في حال قرر النادي إقامة معسكر خارجي في الخليج يتم طرح استفتاء لمشجعي النادي للاختيار بين خيارين، وبناء على الاستفتاء يغادر للدولة التي اختارها الأعضاء». بينما أشار طلال عبيدي رئيس لجنة التسويق في الاتحاد السعوي لكرة القدم إلى أنه يجب أن تكون هناك جهة تشريعية وقانونية هي من تسن القوانين وتتابع موضوع العضويات، حيث من الصعب الاعتماد على الأندية بشكل كامل، وهناك الكثير من الأفكار مثل أن تكون العضويات فئات، وأعلى عضوية بقيمة 1000 ريال وأقل عضوية بـ200 ريال، لكي تصبح في متناول الجميع، ويرى عبيدي أن العضويات ستكشف الجماهيرية الحقيقية للأندية ويتنافس مشجعو الأندية في الاشتراك بها، حيث سيؤدي ذلك إلى إلغاء الدور الشرفي في الأندية والاعتماد على الجماهير بتوفير دخل ثابت في حال تم ربط كل فئة بمميزات وهذا سيؤدي إلى نجاح الفكرة. فيما رأى عبد الله كبوها عضو اللجنة المالية في الاتحاد السعودي لكرة القدم أنه لو وصل عدد أعضاء الأندية الكبرى إلى 10 آلاف عضو فسيكون دخل النادي من العضويات 10 ملايين ريال، وهو مبلغ ممتاز سيدعم النادي بلا شك، ولو وصل أعضاء أندية المناطق، مثل الفيصلي، إلى ألف عضو سيصبح الدخل مليون ريال، وهو مبلغ جيد أيضًا، وهذه أرقام منطقية، فالاتحاد خلال الموسم الماضي وصل حضور جماهيره في الدوري إلى 300 ألف، وهذا يجعل تحقيق رقم مثل عشرة آلاف منطقيًا، وتمنى كبوها أن تلتفت الأندية للموضوع، ويتولى المشروع إدارة الاستثمار والعلاقات العامة في الأندية على اعتبار أن الأخيرة تحتاج إلى إدارات حديثة لتطبيق الأفكار الجديدة، فهدف العضويات جمع مبالغ قليلة من شريحة كبيرة، وتكون المميزات مثل استخدام مرافق النادي وتذاكر موسمية.
مشاركة :