لاتزال الجريمة الإرهابية التي حصلت فجر أمس الأول بمقتل أم على يدي أبنيها التوأمين اللذين طعنا أباهما وشقيقهما أيضاً تلقي بظلالها على الشارع السعودي الذي أصابه الذهول من الدرجة التي وصل لها الفكر الإرهابي الضال على أدلجة عقول النشء وتوجيهها لإباحة الإفساد وقتل أقرب الأقربين للإنسان وهما الوالدان. حول ذلك، يقول المحامي د. يوسف الجبر لـالرياض: إن حادثة الاعتداء التي سجلت هذه المرة على والدين تعد من الجرائم الصادمة والتي تصيب المرء بالذهول، ويحتاج الذهن إلى وقت لكي يستوعب واقعها، فمن المعلوم أن الوالدين هما سر وجود الإنسان في الحياة بعد الله، فكيف يكافئهما الابن بأن يكون سر فنائهما عن الوجود؟!، ومهما ضرب مد القسوة شاطئ المشاعر البشرية، فالأصل أن جناب الوالدين في مقام حماية وكرامة بأعلى بقعة، لكن الذي حصل هو اختراق الفكر المتشدد لمكون العقل ومنبع المشاعر لدى هذين الشابين وتجريدهما من الفطرة الإنسانية المتعقلة، وتغذيتهما بأبجديات التوحش ومفردات العنف وحروف التدمير. وأضاف: وبذلك فقد حصل انفصال حقيقي عن معاني الدين ومقومات الأخلاق، ومارس الشابان بدائية تفكير في قراءة النصوص، وسوء فهم لمبادئ الشرع، وعاشا أحلاماً وهمية أملتها أمجاد زائفة، والواقع أنها كلها سراب، فقد منحنا الله عقلاً لنعلم سننه الكونية، ونستكشف أسرار خلقه، ونسهم في إعمار الحياة لا خرابها. وأكمل: ويظهر لي أن هناك قابلية في شخصية هذين المجرمين لتلقف هذا الفكر الدموي، من جهة الجهل العميق وسطحية الفهم وغياب الإدراك، وربما تشبع الجسم بممنوعات كالمخدرات، مما زج بهما في ارتكاب أقسى الجرائم المعاصرة عندما سفكا دم أغلى مخلوقين في حياتهما. وأكد د. الجبر أننا بحاجة ماسة وملحة لمراقبة تكوين عقل الجيل الجديد، وحمايته من الفيروسات المتطرفة، والاهتمام بنشر فكر الاعتدال ومحاربة التشدد، وتنمية مكون العقل وتفعيل استخدامه واللجوء إليه في اتخاذ القرارات، فمن الواضح أن بعض شبابنا يتم تغييب عقولهم بشكل تام، ويتحولون إلى أدوات صماء لتنفيذ مخططات إرهابية غريبة على ديننا وأخلاقنا. وأردف قائلاً: وأرجو أن ينال الحوار مع الشباب في هذا الموضوع مساحة كبيرة في مناهج التعليم ومناشطه، وأن تكون الشفافية حاضرة في اللقاءات، ومن تخصصي فأنا أتمنى توطين فكر احترام القانون لدى الأجيال القادمة منذ الصغر، وأن نوسع مداركهم حول القانون الجنائي خاصة ونهاية الأفعال المجرمة وعقوباتها، مع تضمين ذلك اعترافات من خلف القضبان، وأتمنى من الجميع التجرد في النقاش وتقديم مصلحة استقرار الوطن وحفظ سمعته، فنحن نحمل هماً مشتركاً وهو تحضر الوطن وارتقاء المجتمع واستقرار القيم فيهما.
مشاركة :