أكدت تقارير أن أذرع قطر الإرهابية امتدت لدول شمال إفريقيا، وأنها اعتمدت في مخططها لنشر الفوضى والتطرف في هذه الدول، على جماعة الإخوان والتنظيمات المتشددة بدعمها مالياً وإعلامياً، مشيرة إلى دور قطر المشبوه في ليبيا وتونس ومالي، ودعمها تفريعات تنظيم القاعدة بالمغرب، ودعم الجماعات المتشددة في ليبيا، وتسهيل نقل الأسلحة والذخائر للمقاتلين، وتقديم المساعدات للإخوان في تونس.وراهنت قطر منذ الربيع العربي على دعم التنظيمات الإرهابية في دول شمال إفريقيا، منبع التحركات الأولى في المنطقة العربية، عبر تمرير سياساتها، وتعزيز طموحها ونفوذها الإقليميين، معتمدة في ذلك على جماعة الإخوان بدعمها مالياً وإعلامياً، وهو ما انعكس بالسلب على الشمال الإفريقي، لاسيما خلال السنوات القليلة الماضية، حيث استشرى التطرف، وانتشرت التنظيمات الإرهابية في مناطق متعددة بالشمال الإفريقي.أتاح غياب السلطة المركزية في ليبيا، انتشار نشاط هذه التنظيمات المتشددة، وكانت فرصة كبيرة للتوسع وفرض سيطرتها وأجنداتها، وكانت مطمعاً لعديد الدول بحثاً عن دور لها في النظام السياسي، خاصة لموقعها الاستراتيجي المطل على البحر الأبيض المتوسط، ومن حيث الثروات.وقبل أيام كشف المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة العربية الليبية العقيد أحمد المسماري، عن قرائن لما وصف بأنه تورط قطري في دعم الإرهاب في ليبيا، معبراً عن أسفه لعدم «استجابة العالم لتنبيه القيادة العامة من دعم قطر للإرهاب منذ وقت طويل»، مشيراً إلى أن «الشعب الليبي قطع علاقته مع قطر منذ سنوات». واتهم المسماري قطر بأنها حاولت قتل القائد العام للقوات المسلحة العربية الليبية المشير خليفة حفتر، في مقر القيادة سابقاً في منطقة الأبيار شرق بنغازي، متهماً ضابطين تابعين للاستخبارات القطرية، من بينهما الملحق العسكري القطري المسؤول عن ملفات المغرب العربي «بشراء ذمم عدد من الشخصيات في ليبيا والمنطقة، انطلاقاً من غرفة تديرها قطر في تونس».وأكدت مصادر أمنية ليبية أنها تمتلك أدلة ووثائق تثبت أن الدوحة أنفقت ما يزيد على 3 مليارات دولار منذ انطلاق عمليات فجر ليبيا نهاية عام 2014، وحتى وقت قريب، مشيرة إلى أن «قطر سهلت دخول كميات كبيرة من السلاح عبر مطارات طرابلس ومصراتة لدعم مقاتلي فجر ليبيا، وأن ضباطاً قطريين كانوا في غرف قيادة العملية بطرابلس لتقديم المشورة والدعم اللوجستي».وقالت المصادر إن «قطر هي المسؤول الأول عن حالة الانقسام السياسي في ليبيا»، مشيرة إلى أن «الدوحة عمدت إلى التحالف مع المجموعات الإرهابية كالإخوان المسلمين، من خلال تمكينهم سياسياً»، موضحة أن «التنظيمات الإرهابية في بنغازي ودرنة، وأخيراً سرايا الدفاع عن بنغازي في الجفرة على صلة مباشرة بالمخابرات القطرية».وأكدت المصادر أنها تبحث بشكل حثيث عن خيوط تربط قطر بمجموعات ليبية كانت على صلة بتنظيم «داعش» في سرت وبنغازي، مشيرة إلى أن «محمد بوسدرة، وسامي الساعدي، وخالد الشريف، ضيوف قطر الدائمين، على صلة مباشرة بقادة «داعش» بعد أن بايع أنصار الشريعة التنظيم».وأضافت المصادر أن قطر احتضنت اللقاءات بين الخصوم السياسيين، واستقبلت قطر في العديد من المناسبات شخصيات ليبية محسوبة على جماعة الإخوان، وأيضاً مؤتمرات المصالحة.وكانت قطر أولى الدول التي تدخلت في ليبيا، خاصة عندما لعبت دوراً في اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي مهد لقرار فرض حظر جوي على ليبيا الصادر عن مجلس الأمن، كما شاركت في العمليات العسكرية التي قادها حلف شمال الأطلسي في البلاد.أكدت تقارير دعم قطر المالي لجماعة الإخوان في تونس، ممثلة في حركة النهضة، من بينها تقديم 79 مليون دولار أمريكي، في صورة مشاريع تنموية قدمتها إبان الانتخابات الأخيرة، وقال القيادي في جبهة الإنقاذ التونسية رياض بلفضل في حينه، إنّ هذه الهبة القطرية تعني انحياز قطر للإخوان.كما أعلنت وزيرة المالية التونسية لمياء الزريبي، أن تمويلات قطرية بقيمة مليار دولار ستحصل عليها تونس قريباً، إضافة إلى تمويلات أخرى في تونس بقيمة 250 مليون دولار ستخصص لتمويل مشاريع تنمية، كما استثمرت قطر في مجالات عدة على غرار مشاريع الطاقة والمستشفيات.وربطت التقارير بين هذه التمويلات والاهتمام بالتجربة التونسية، وزيارة الشيخة موزة إلى تونس العام 2016، متسائلة عن الغرض منها، لاسيما وأن هذه التمويلات وصلت إلى حد دعم جمعيات مشبوهة بتسفير الشباب إلى مناطق النزاع، خاصة سوريا وليبيا.وأشارت التقارير إلى أن قطر تدعم جماعة الإخوان وجماعة أنصار الشريعة التي يقودها مقاتل قديم في أفغانستان يدعى أبو إياد، وهي من أولى الجماعات التي ظهرت في تونس بعد قيام ثورة 2011، ومتهمة بقتل بعض المعارضين التونسيين العلمانيين.ينشط تنظيم القاعدة في المغرب وبدعم قطري- في دول شمال إفريقيا، ويقوده عبد المالك درودكال، ويعود تاريخه إلى الأزمة الجزائرية في التسعينات عندما حاولت جماعات متشددة إسقاط الحكومة، وإقامة خلافة إسلامية، وقد شاركت مؤخراً في قتال القوات الفرنسية في مالي، وظهرت جماعة «أنصار الدين» التابعة لتنظيم القاعدة في مالي، وكانت بين المجموعات التي سيطرت على إقليم أزواد شمالي مالي قبل تدخل القوات الفرنسية، ويقودها إياد آغ غالي القيادي السابق في قبائل الطوارق، علاوة على جماعات أخرى، منها حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا، وجماعة عقبة بن نافع في تونس، والموقعون بالدماء في الجزائر، وكل تلك الجماعات وغيرها، يربطها خيط واحد، وتقودها أجهزة استخبارات دولية من أجل إسقاط الدول الوطنية، وإشعال الحروب الأهلية، مطالباً بضرورة مواجهة شاملة مع تلك الجماعات التي باتت تهدد الإنسانية بالكامل.كشف تقرير استخباراتي فرنسي جرى تسريبه ونشرته مجلة «جون أفريك»، عن تورّط قطر في تمويل الجماعات المسلحة في شمال مالي، وقال التقرير الذي قُدمت نسخة منه إلى وزارة الدفاع الفرنسية إن «قطر تدعم الإرهاب في شمال مالي». من جانبها، وصفت الصحف الجزائرية التقرير بأنه يأتي في سياق سعي قطر لضرب استقرار دول المنطقة من خلال تمويل وتسليح الجماعات المتشددة، واستخدامها في تدمير استقرار الدول ذات الثروات البترولية، وغيرها من أجل السيطرة على مواردها.وكانت بعض التقارير الصحفية أشارت إلى أن شيوخ قطر يسعون من خلال تمويل الجماعات الإرهابية وإبادة الأبرياء من نساء وأطفال وشيوخ وعجز وغيرهم، وتدمير وتخريب وبث الفتنة والفرقة بين أبناء الوطن، إلى إقامة دولة الخلافة الإسلامية.اعتمدت قطر على سياسة الدعم الإعلامي في إسقاط الحكومات السابقة، ودعم التنظيمات المتطرفة على غرار ليبيا، حيث كانت قناة الجزيرة القطرية تفبرك الصور والأخبار الكاذبة، وساهمت إبان الثورة في تجييش الشعب الليبي ضد نظام معمر القذافي. قال الباحث في شؤون الحركات الإسلامية سامح عيد، إن الجماعات الإرهابية التي تمولها قطر كان لها نشاط واسع في شمال إفريقيا، خاصة في الجزائر وتونس، لذا فإن أكبر عدد من المقاتلين الذين انضموا «لداعش» وجماعات العنف في سوريا والعراق كانوا من تونس، ثم الجزائر، وبقية دول المغرب العربي، فضلاً عن مصر وبعض دول المنطقة، وأضاف أنه في ظل اقتراب القضاء على تنظيم «داعش» فإن الأمر يزداد خطورة، خاصة أن مقاتلي التنظيم أصبح لهم خبرات قتالية طويلة يتوقع أن يستغلها في حال الانتقال لدول شمال إفريقيا. وطالب عيد بضرورة وجود مواجهة شاملة، وليس عسكرية وأمنية فقط، وإنما أيضاً تفكيك المنظومة الفكرية عبر خطة استراتيجية عامة تضم الصحة والتعليم والثقافة، مشدداً على عدم ترك تلك الجماعات من دون مواجهة شاملة ليس في مصلحة الدول الوطنية الحديثة. بدوره، قال المتخصص في الشؤون الإسلامية أحمد بان، إن تمويلات قطر للتنظيمات الإرهابية ضاعفت من خطورتها في المنطقة كلها، مشيراً إلى أن الدعم القطري الذي وصل إلى شمال إفريقيا يجعل من توقعات القضاء على تلك التنظيمات في وقت محدود أمراً صعباً، رغم بوادر القضاء على تنظيم «داعش» في سوريا و العراق، مشيراً إلى أن ذلك يحتاج إلى تعاون دولي واسع وعدم الاكتفاء بالمواجهات الفردية، فالإرهاب لن يتم القضاء علية إلا بمواجهة شاملة تحت مظلة الأمم المتحدة.(وكالات)
مشاركة :