مشهد يستفز الناس ذلك الذي يظهر به موظف في جهة خدمية يمرر أصابعه على شاشة جواله وهو يبتسم متفاعلاً مع المحادثة التي أشغلته عن عمله، حتى يبدأ التذمر من المراجعين الذين يقفون أمامه مدة، فتبدأ احتجاجاتهم تتوالى، مطالبين بإنجاز معاملاتهم ومتطلباتهم، وعلى الرغم من أن ذلك المشهد ربما يعد حالات وليس ظاهرة، إلا أنه من النادر اليوم أن يكون هناك موظف لا يلتفت ولو لثوانٍ ليرى ممن أتت تلك الرسالة التي وصلت لهاتفه، أو آخر يسترق الوقت ليلقي نظرة على تفاعل الآخرين مع تغريدة غردها في بداية النهار. وإن كان الانشغال بمتابعة مواقع التواصل الاجتماعي في مكان العمل أمرا غير مقبول في نظر كثير من الإدارات، إلا أن موظفين يؤدون أعمالاً مملة، ولديهم أوقات خاملة، وخالية من الأداء، يلجؤون إلى قتلها بتصفح مواقع التواصل الاجتماعي بين فينة وأخرى، وعلى الرغم من انزعاج أصحاب الأعمال والمديرين من موظفيهم الذين لا ينفكون عن النظر إلى شاشات هواتفهم المحمولة بين فينة وأخرى، إلا أن البعض يعدها من وسائل الترفيه الضرورية التي تكسر جمود نهار العمل التقليدي الممل، حتى ذهبت بعض الدراسات إلى أن السماح للموظفين باستخدام هواتفهم المحمولة لتصفح مواقع التواصل الاجتماعي لأوقات محدودة تزيد من إنتاجيتهم، وتحسن من أدائهم الوظيفي. فحسب مصادر صحفية، أصدرت «جمعية علم النفس التنظيمي والصناعي» الأميركية دراسة حول أثر استخدام الموظفين لشبكات التواصل الاجتماعي خلال ساعات العمل، وبينت الدراسة أن السماح للعاملين باستراحات قصيرة يتصفحون خلالها مواقع التواصل الاجتماعي خلال ساعات العمل، يزيد إنتاجيتهم. وشملت الدراسة عينة من 72 موظفاً سمح لهم باستخدام هواتفهم الذكية أثناء العمل، وأظهرت نتائج الدراسة أن قضاء الاستراحات في مواقع التواصل الاجتماعي يترك أثراً إيجابياً من خلال تحسن مزاج الموظف وزيادة قدرته الإنتاجية. لكن دراسة نشرت في المجلة العالمية لتطوير الإدارة والاقتصاد تناولت أثر شبكات التواصل الاجتماعي في مقر العمل وأثره على إنتاجية الموظفين، وبحسب الدراسة فإن 73% من المشاركين فيها أكدوا استخدامهم لشبكات التواصل الاجتماعي في مجال العمل لثلاث سنوات على الأقل. وأشار أغلبهم إلى أنهم لا يحصرون استخدامهم لها فيما يتعلق بالعمل فحسب. وكشفت الدراسة أنه برغم الأثر الإيجابي لهذه الشبكات في كونها سهلت التواصل بين الموظفين ويسرت تبادل المعلومات إلا أن أثرها السلبي على إنتاجية الموظف أقوى وأشد، وخلصت الدراسة إلى أنه لابد من إدارة هذه الشبكات بشكل ممتاز وإلا تسببت في أثر رجعي في إنتاجية الشركات. وعلى الرغم من محاربة بعض الشركات لاستخدام موظفيها لتصفح مواقع التواصل الاجتماعي أثناء العمل، إلا أن اللجوء إلى مواقع التواصل الاجتماعي بشكل رسمي بين قيادات وموظفي الشركات للتواصل بخصوص العمل أمر معتاد، كما أن المديرين وخاصة المسؤولين عن التوظيف يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي للتعرف أكثر على المتقدمين لطلب وظيفة، فيبحثون باسمه عبر محركات البحث لمحاولة الحصول على معلومات عن ذلك الموظف غير التي يحملها السيرة الذاتية من خلال تعقب حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تعطي لمسؤول التوظيف صورة أكثر شمولية عن شخصية الموظف التي رسمها لنفسه في سيرته الذاتية، فقد كشف مسح أجرته مؤسسة إكسيكونت، عام 2012 أن 90 في المئة من القائمين على عمليات التوظيف يبحثون عن أسماء المرشحين للوظائف على محركات البحث الإلكترونية، وذلك للحصول على مزيد من المعلومات عنهم بما يفوق تلك المذكورة في سيرهم الذاتية.
مشاركة :