انفتاح وتطور يتيحان الوصول إلى أي شيء وفي أي وقت، ويضعان بين أيدينا ما نريد ونختار، ويقترحان علينا كثيراً مما لا يخطر لنا على بال، هكذا هي حياتنا، سهلة بسيطة زالت فيها العوائق وغابت عنها الحدود. غير أن القصة ليست وردية كما تبدو والسهولة والبساطة مزروعة بالخطر كما أن رحابة ما يبسط أمامنا من السبل وما يمهد أمامنا من الطرقات يُعمي كثيرين عن القصد والهدف، فيسيرون في درب عُبِّدَت بعناية وزيِّنت بإتقان نحو وجهات لا يعرفونها ولم يتخيروها.. يمشون بها وإليها.. دون علم. ليس كل ما يلمع ذهباً، وليست كل الأسطح الناعمة آمنة، فقد تكون يد طفل أو جلد أفعى، كذلك ليس جميع القول صدقاً، لا سيما وأنت تقضي نصف حياتك في مجتمع افتراضي، كل شيء فيه مزيف أو قابل للتزييف، اسمك، صورتك الشخصية، وجلَّ ما تكتب أو تقرأ.. مزيَّف أو مجمَّل أو محسَّن، مرادفات يمكنك التبديل بينها ولكنها جميعاً تعني أن الواقع أمر مختلف. في عصر الانفتاح والتطور والحضارة، لم يعد تحدياً أن تصل إلى أي شيء أو أن يصلك أي شيء ولكن التحدي القائم أن تعرف صدقية ما يصلك وحقيقة من يمد لك الجسور ويمهد لك الطرق. مُساءَلٌ أنت أيها الشاب عن كل ما تتلقف بغير دراية وتمحَّص، عن كل ما تقبل من أفكار وتصدِّق من قصص دون أن تبحث حقيقتها ونوايا من يوردها إليك، عن كل ما تأخذ بسلبية المتلقي لاغياً عقلك وفكرك وموروثك الثقافي، مسؤول أنت عن اختيار الدروب التي تسير بها بعناية وحكمة، عن دراسة وجهتها وتبين أهدافها، وعن تقييم تبعاتها على حياتك وأمتك. لا تَقف ما ليس لك به علم، فليس كل ما يصلك لك، وأخذك له جملة ليس انفتاحاً وحضارة وحرية مطلقة، بل هو غرق في دروب مظلمة، إرهاب أو تطرف أو انحلال لا يشبه القالب الذي يقدم به من تقدم ورقي، مهما كانت دوافعك ومهما تغيَّرت ظروفك ومهما تجمَّل لإغوائك المحتوى، لا تقدم نفسك رخيصاً لفكر بنهايات سوداء وخيمة، لا تزدري صغار الميكروبات وحصِّن نفسك ضدها.. قبل أن تُقبل على عوالم افتراضية مفتوحة وملأى بالأشباح والرعاع حصِّن نفسك، وأشعل بالحكمة عقلك وروحك.
مشاركة :