غادة ناجي طنطاوي “وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ”

  • 12/29/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

منذ بدء الخليقة، جُبِلَت النفس البشرية على التأمل و التفكر فيما حولها، و منذ العصور البدائية استرعى إنتباهها كثير من الحوادث الفلكية، و غدت محط اهتمامها لما فيها من غموض يكتنفها، و وجد الإنسان نفسه مذهولاً و خائفًا من تلك الظواهر الكونية لأنها نادرة الحدوث أو بعضها لم تفسر أسبابه حتى الآن.. على سبيل المثال حادثتي الكسوف و الخسوف، سعى الإنسان جاهداً حتى يفسر آلية الظاهرتين، و كان أول من أوجد تفسيراً لها هم البابليون، بعد مراقبة طويلة لدورة الشمس حول الأرض و حركة القمر. مؤخرًا شهدت المملكة كسوفًا حلقيًا للشمس، ظاهرة طبيعية ناجمة عن عبور القمر أمام قرص الشمس، فيحجب أشعتها عن بعض سكان الأرض، حدث لم يحدث منذ ١١٨ سنة، حيث يقع القمر أمام الشمس ويكون قطره الظاهري أصغر من قطر الشمس الظاهري بقليل، فيحجب الشمس ويبقى منها قطعة محيطة بالقمر على شكل حلقة مضيئة، ولذلك يسمى بالكسوف الحلقي. و الجدير بالذكر هنا ما تداولته الناس على وسائل التواصل الإجتماعي من ترهيب من تلك الظاهرة و بث الرعب في قلوب الناس.و زعم البعض بجهلهم أنها فعالية..!! أمر مثير للسخرية و العجب. فقد سكن معتقدات البعض هاجس منذ قديم الأزل، بأن خسوف القمر و كسوف الشمس ماهي إلا ظواهر ارتبطت بكثرة الذنوب و المعاصي، فهل يعني أمر عدم حدوث خسوف للقمر أو كسوف للشمس دلالة على عدم وجود معاصي أو ذنوب !! قال صلى الله عليه وسلم؛ “الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِمَا عِبَادَهُ، وَإِنَّهُمَا لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئًا فَصَلُّوا وَادْعُوا اللَّهَ حَتَّى يُكْشَفَ مَا بِكُمْ”. و المقصود بالتخويف هنا هو التذكير بقدرة الخالق و عظمته ليحث الناس على التسابق على الأجر، الثواب، الصلاة، الإكثار من الصدقات و تذكيرهم بالعودة للصراط المستقيم الذي ينحاز عنه الإنسان ضمن مغريات الحياة، و التوبة إلى الله. ثم عاد فقال؛ “فإذا رأيتم شيئاً من ذلك فافزعوا إلى ذكره و استغفاره” و في حديث آخر ”فادعوا الله و صلوا حتى تنجلي”. و بما أن الخسوف و الكسوف مبني على أدلة فيزيائية أصبح حدوثه متوقعاً، و هذا يتنافى مع مبدأ الخوف، فالإنسان لا يخاف إلا من أمور تحدث و لا يتوقعها. و قد يختلف الناس في تفسير ذلك حسب استقامة فطرتهم أو زيغها. فمن إنحرف عن الحق و طريق الصواب بسوء فطرته ترك الأصل في معنى الآية التي تقوم عليها العقيدة والشريعة، و جرى خلف المتشابه لأنه يجد فيه مجالاً لإيقاع الفتنة بالتأويلات المزلزلة للعقيدة، و الإختلافات التي تنشأ عن بلبلة الفكر، نتيجة إقحامه فيما لا مجال للفكر في تأويله، و من كان هاديء البال مطمئناً رأى فيه الموعظة و التذكير. أسأل الله لي و لكم الهداية و الرحمة

مشاركة :