قد لا نحتاج إلى المجاهرة الفاحصة والكاشفة حتى نتوقع ما ينتظر العالم العربي في قادم الأيام، وهل الوضع سيكون أفضل أم أسوأ في العام 2020 ؟، بلا شك سيكون سيئا، لأن كل المعطيات على أرض الواقع تقول وتتحدث عن هذا الأمر، سواء في سورية أو العراق أو اليمن، والقائمة تطول... ولا قيمة للتشاؤم أو التفاؤل إذا لم يكونا صادرين من خلال دراسات وتحاليل للواقع وقراءة المعلومات جيدا من خلال المعطيات الظاهرة والخافية، إن التفاؤل لا يكون إلا عند استنفاد كل الجهود بعد ذلك يحق لنا أن نتفاءل، ونقول للناس تفاءلوا... مع كل أسف، فإننا في العالم العربي فشلنا فشلاً كبيراً في العيش المشترك، وبناء وطن تذوب فيه كل الفوارق في بوتقة واحدة، والعيش بتسامح وتقبل الآخر، والاهتمام بالبناء والتنمية والتعليم والصحة ومحاولة اللحاق بالدول المتقدمة، وهذا هو سبب نجاح وتقدم هذه الدول وهو الاهتمام بالبناء والتنمية وليس الانشغال بالحروب والصراعات واذكائها. نحن نجيد بطريقة غير طبيعية القفز في الحروب، ونفشل في كيفية الخروج منها، ونتهم الآخرين بكل أنواع التهم من دون ان نتأكد إن كانت صحيحة أم لا. كما أننا غير مستعدين للبناء والعمل الجاد، ونعمل على اجترار الماضي ومحاسبة الطرف الآخر الذي يشبهنا كثيراً، على أحداث وقعت قبل آلاف السنين!، في أي عصر نعيش، بينما الغرب الذي خاض الحروب والصراعات قبل عشرات السنين يعيش الآن بكل تسامح؟ ولعل ما يفعله «داعش» هذه الأيام، عبر القتل بطرق لم تكن متوقعة إلا في عالم الخيال والأفلام، خير مثال على عدم قدرتنا على التعايش، وإذا كان التنظيم يمثل الجيل الثاني من تنظيم «القاعدة»، فماذا نتوقع أن يكون شكل الجيل الثالث، خصوصاً إذا كان يجيد ويتقن صناعة التكنولوجيا. ولكن من دون حل لمشاكل العالم العربي، من بطالة وفقر وإعطاء مساحات أكبر للشباب للتعبير عن آرائهم، ولمعرفة كيف يفكرون، وحمايتهم من الأفكار الهدامة التي تستغل جهلهم، ستتفاقم المشاكل أكثر لأن هذه العناصر تمثل البيئة الخصبة لمثل هذه الأفكار الهدامة والحاضنة في الوقت نفسه. وما يفعله «حزب الله» في سورية نسف كل النظريات والأحاديث التي كان يتحدث ويتماها بها في السابق، وأن أهدافه كانت مقاومة ومن أجل تحرير القدس. ونشاهده وهو يقتل الأبرياء بكل أنواع الأسلحة، وبيّنت الأحداث الجارية أن «حزب الله» كان بمثابة شريان الحياة للنظام السوري، ودخوله في الحرب كلفه خسائر مادية وبشرية أكثر من كل الحروب التي قادها في السابق، ولن يستطيع أن يخرج منها بسهولة، لأن مصيره أصبح مشتركا مع النظام، والتقديرات تشير إلى خسارة الحزب أكثر من ألف من خيرة مقاتليه، والتقديرات الأخرى تشير إلى ثلاثة آلاف... لكنه لم يكتفِ بالدخول في الحرب السورية وبدأ يتوجه للعراق للقتال هناك، ما سيزيد من الضغوط عليه والتي ستفقده كل شيء تقريباً. الأزمات في العالم العربي ستطول أكثر مما كنا نتوقع، والأرقام تؤكد أن الوضع المالي والاقتصادي سيكون غير مسبوق في ظل دول ممزقة وحروب طويلة أكلت الأخضر واليابس. حروب لن يكون فيها اي منتصر فالكل خاسر. ولكن هل هناك من بصيص أمل ومخرج للعالم العربي من هذا المستنقع؟ أقول نعم ولكن إذا قررنا ذلك، واستطعنا وقف الحروب بعد فشل المجتمع الدولي في ذلك، وتحقيق التنمية الاقتصادية للناس ومواجهة شبح الفقر والبطالة، ونشر ثقافة التسامح وتقبل الآخر، وأن الاختلاف سنة كونية. akandary@gmail.com
مشاركة :