خبر طريف نشرته صحيفة الوطن الكويتية يوم أمس، وهو رغم طرافته يحمل شحنة كبيرة من الكوميديا السوداء ومفارقات اللامعقول الذي أصبحت أوطاننا مسرحا له. الخبر يفيد بأن شابا داعشيا اتصل بوزارة الداخلية الكويتية يطلب دورية أمن لاعتقاله خشية أن يرتكب جريمة بحق أسرته أو أن يُدفع إليها إذا تردد، وبالفعل حضرت الدورية واقتادته قبل أن ينفجر حزام فكره الناسف عن كارثة دموية يتجلى فيها الإبداع الداعشي في فنون الموت العبثي. لعلها المرة الأولى التي نسمع فيها عن إرهابي عموما وداعشي على وجه الخصوص يستنجد بجهاز الأمن لحمايته وحماية أسرته من شره المسيطر عليه، وكم نتمنى أن تنتقل هذه العدوى إلى كل ضحايا الفكر الإرهابي الذين ألغوا عقولهم وبشريتهم وإنسانيتهم ليتحولوا إلى أدوات متحركة للموت، إنها لحظة عودة الوعي وومضة استعادة للإدراك بأن ما كان فيه هذا الداعشي يتنافى مع نواميس الكون وطبيعة الحياة. هذه الحادثة بشيء من التفاؤل ربما تنتقل من شخص لآخر إذا تم استثمارها بذكاء من قبل أجهزة الأمن والإعلام والمعنيين بمكافحة الإرهاب. وفي جانب آخر فإنها توضح لنا الضغط النفسي العنيف الذي يتعرض له ضحايا الفكر المنحرف أمثال هذا الشخص الذي كان سويا وتحول إلى كائن تكفيري دموي لا يتورع عن قتل أفراد أسرته، فالمطلوب من أتباع داعش الآن وفي مرحلتهم هذه التركيز على الزنادقة والكفار والمرتدين داخل الأسرة كأولوية وضعتها قيادة التنظيم لتصدم المجتمع صدمة عنيفة وأيضا لتنزع من كوادرها آخر خيط يربطهم بالوعي والإنسانية، ولنا أن نتخيل الصراع العنيف داخل فرد منهم مكلف بتصفية أحد أفراد أسرته، لا سيما وهم يتابعونه ويحرضونه ويشجعونه وربما يهددونه هو بتصفيته إذا لم ينفذ المطلوب. يا أبناءنا الدواعش الذين لا نعرفهم وما زالوا يتربصون بأهلهم، نرجوكم افعلوا ما فعل زميلكم الكويتي، من أجلكم ومن أجلنا.
مشاركة :