ما هممت بالكتابة في التجاذبات: - الفكرية، والسياسية إلا نظرت في واقع أمتنا المتهالك، وأدركت أن الدور الآن للإطفائيين البارعين في فك الاشتباكات، وامتصاص الاحتقانات، والتقريب بين وجهات النظر. فالعنفُ، والاستبداد لَعِبَا دَوْرَهُما البَشِعَ. ولم يبق إلا خطاب العقل، والحكمة. وكيف لا نجنح للوئام؟،؟ والأمة أفنت مُقَدَّراتها، وأذهبت ريحها، واقترفت من الخطيئات ما لا قبل لها باحتماله. فهل نحن قادرون على الجنوح للسلام، وقد أمر الله به مع الأعداء؟. وكيف تتأتى الفرقة، ونحن أمة واحدة:- لغة، وعقيدة. ومصائر مشتركة؟. إن خَطَلنا يحملنا على رفض السلام، واسْتباق السلاح. العناد، والمكابرة، والإكراه، والارتياب، وسوء الظن، وتعميق العداوة أصبحت سمة الفصَائل، والطوائف المحسوبة على الإسلام ظلماً، وعدواناً، وافتراء على الله. وفي ضجة التضليل، والتدخلات المريبة لابد أن يبادر العقلاء العارفون بمقاصد الإسلام، وتسامحه، والوسطيون المقتدرون على حمل الكافة، للحيلولة دون ارتباط الإسلاميين - لا الإسلام - بتلك الممارسات الذميمة، إن كانوا يريدون تمثل الإسلام بكل ما أودعه الله فيه من رأفة، ورحمة، ولين. وكيف يتأتى قبول الإسلام على هذه الشاكلة، والله يخاطب رسوله:- {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}. إن على كافة الفرق الإسلامية جعل ممارستهم مع أنفسهم، ومع الآخر قدوة حسنة لغيرهم. فالإسلام انتشر بالقدوة الصالحة، قبل أن ينتصر بالقوة. كان الصحابة رضوان الله عليهم مصاحف تمشي في الأسواق. والله شهد لرسوله بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}. وأم المؤمنين [عائشة] رضى الله عنها تقول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:- [كان خُلُقه القرآن]. المؤسف أن مايقدمه الناشطون، والحركيون باسم الإسلام، لا يغري أحداً بالإسلام، بل هو دعوة للتنفير منه. فأين المتناحرون من دعوة [ديدات] و[السميط] رحمهما الله؟. إن العنف الذي تتلبس به كافة الفصائل المتشددة، والحاقدة يُعد من الممارسات الخطيرة. والوقت بعد هذه التجارب الفاشلة قمين بالتفكير، والتقدير، والتدبير، للخروج بالأمة من هذه المآزق المحرجة. في مَعْمعة الفتن لا نريد الاتهام لأحد، ولا التكفير لأحد. فكل معروف بسيماه، وواجبنا أن نتخلَّى عن التصنيف، والاتهام، كي ندخل نطاق الدعوة بالحكمة، والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، تمشياً مع: [بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آية]. لا نريد إلقاء التهم، ولا التصنيف، ولا تحريف الكلم، ولا إيغار الصدور. نحن حملة رسالة لِأُمَمٍ، وشعوب متعلمة، متحضرة، قوية مسيطرة. وليس في مقدورنا إلا تقديم الإسلام نصاً، وسيرة. نريد صوت العقل، والحكمة، صوت التجربة الذي يَسْتل السخائم، ويطفئ الأحقاد، ويبلغ المأمَن. لقد تواصى العالم المستكبر، ومن شايعه من متعلمنين، ومستغربين على القول بأن العنف سمة إسلامية. والحق أنه سمة الطوائف المتطرفة. الإسلام بريء من العنف، وبريء من الظلم، وبريء من الاعتداء. الله يوصي رسوله، وأصحاب رسوله:- {وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ} ولكي نُخَلِّص أنفسنا من دوامة الفتن، لابد أن نلتمس أسباب العنف، وأن نعمل على محاصرتها، واجتثاثها، ليحِل محلها التسامح، والوئام، والتعايش، والتفاعل، ومشاركة الأمم في صناعة الحضارة الإنسانية. لو قرأنا التاريخ الحديث لبعض الجماعات، والمنظمات المنسوبة إلى الإسلام، وتقصينا دسائس اللاعبين، وغفلة المستهدفين، لراعنا الاستخفاف بالدماء، وإقدام البعض على تفجير المجمعات، وأماكن العبادة، واغتيال العُلماءٍ، والمفكرين، والساسة. داء الأحزاب، والمنظمات أنها خَلَتْ من العلماء الشرعيين العالمين بمقاصد الإسلام، وخفايا اللُّعب. وإذا فُقد العلماء استبد المتعالمون، وحَلَّت العواطف محل العقول، والتخرصات محل المعارف، فكان العنف، والقتل الهمجي. نحن لا نريد ذكر حزبٍ بعينه، أو طائفة بذاتها، أو متعالم باسمه، لأن في ذلك تصعيداً للخلاف،كما لا نريد الدعوة لحزب بعينه، لأن في ذلك إثارةً للمُنتمين. نحن ندعو إلى الإسلام من خلال الكتاب المحفوظ، والسنة الصحيحة، لأن الرد إلى الله، ورسوله يقطع قول كل خطيب. وهو دعوة المُجددين الذين بُشِّر بهم على رأس كُل مائة عام. المكونات السُكانية في وطننا العربي مختلفة، بل هي مُحْتَرِبة من أجل الاختلاف، والأعداء كالشياطين يخوفون أولياءهم. وإذ وقع القتال بين طوائف المسلمين فإن من أوجب الواجبات المبادرة لفك الاشتباكات، وحقن الدماء، وتفويت الفرصة على الأعداء؟.؟ إن لدينا مساحات واسعة للتفاوض، ولكن الأعداء المتربصين يذودوننا عنها، بل يَعْمُدون إلى تصغيرها في عيوننا. وتخويفنا من بعضنا، وفينا سماعون لهم. وهم لكي يعمقوا الخلاف، ويطيلوا أمد القتال أنشؤوا منظمات عالمية، ومجالس أمنية، وهيئات دولية، ظاهرها فيه الرحمة، وباطنها من قِبله العذاب. هذه المجالس يَفِدُ مندوبوها إلى كافة مناطق التوتر، وتستقبل الهيئات مختلف الوفود، ثم لا تزيدهم إلا خبالا. تُطيل الجلسات، وتُرجئُ بعضها، وتكون اللجان، حتى تتيح الفرص للمزيد من سفك الدماء، وتدمير البُنَى، وتفريق المتفرق، وتمزيق المتمزق. وفي النهاية تكون للجميع عَدُوَّاً، وحَزَنَا. للحديث صلة.
مشاركة :