في البحرين... نكون أو لا نكون

  • 6/28/2016
  • 00:00
  • 36
  • 0
  • 0
news-picture

تحتل البحرين منزلة خاصة في قلوب الكثيرين. سكنت البحرين فترة من الزمن وتسنى لي أن أتعرف إلى قادتها ومثقفيها ولذلك أتفهم جيداً عندما يقول لي الأصدقاء أننا على مفترق طرق ولكن مسيرتنا ثابتة وراسخة. التقيت في زيارتي الأخيرة بالشيخ محمد بن مبارك آل خليفة الذي يعتبر موسوعة في السياسة والتاريخ البحريني، فقد تقلد منصب وزير الخارجية لثلاثة عقود ولكونه نائباً لرئيس الوزراء فإنه في خضم الحدث دائماً. تحدثت معه عن الأحداث التي تعصف بالمنطقة وتأثيرها في البحرين، وأوضح لي أن ما يضمر للبحرين هو الشر وأن التدخل الإيراني أصبح سافراً، واستطرد يقول أن الضربات التي تتلقاها البحرين قد تكون موجعة، لكنها لن تبشر الذين يستهدفون استقرارها وأمنها وأمن مواطنيها بخير. إن الأمر محسوم، نكون أو لا نكون. قالها الشيخ محمد بن مبارك مستطرداً بأنه واثق من تجاوز البحرين والمنطقة كل أزمة بحكمة مواطنيها ومحبيها. زياراتي للشيخ خالد بن أحمد وزير الديوان الملكي والصديق المبتسم دائما الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة وزير الخارجية الذي يعرف شعاب إسطنبول أكثر من الكثيرين من ساكنيها، أكدت لي أن القائمين على أمور البحرين لا يستاؤون من مطالب الإصلاح أياً كانت، بل يشجعون على ذلك بشرط أن لا تخفي وراءها نية الغدر والوقيعة. من هذا المنطلق، فقد رأيت أن ما صاحب زيارتي من أحكام بغلق مقار جمعية «الوفاق» التي دين بعض قادتها في أحكام مختلفة قد تكون فرصة ذهبية للمعتدلين الذين يؤمنون بالوحدة الوطنية. تحدثت مع بعض المثقفين، قلت لهم أن حركة حداثية قد تملأ الفراغ الذي يحصل وأن السياسة لا تقبل الفراغ، فإذا ظهرت مجموعة شابة تنادي بإصلاحات ضرورية ولكنها ترفض التدخل الخارجي وتعلن أن ولاءها للبحرين فقط، فإنها ستستقطب عناصر الاعتدال وسيكون رد فعل قادة البحرين إيجابياً ومشجعاً. فاجأني الصديق قائلاً أن الغالبية الساحقة من هذه الشريحة لا تؤمن بـ «ولاية الفقيه» وأنها تريد لأجيالها المقبلة العيش الكريم والحقوق المشروعة ليس إلا. زرت الكثير من المجالس الرمضانية وتحدثت مع كثيرين من الإخوة في البحرين وكان لقائي مع صديق عزيز أمدني بالكثير من المعلومات حول طبيعة الأحداث التي ألمت بالبحرين ردحاً من الزمن. وخلصنا في نهاية اللقاء إلى أن أي مطالبات حتى لو كانت مشروعة لا يمكن أن تتحقق بالصدام مع الدولة. لقد تذكرنا كل الحركات التي اختارت الصدام مع الدولة وإتباع وسائل الترهيب ولم نجد أن أي واحدة منها حققت مطالبها إلا إذا اختارت بعد عناء الحل السلمي والاحتكام إلى الأسس الديموقراطية. حدثت صديقي عن التجربة التركية، عندما تم التضييق على حركات راشدة مسلمة، فلم يطلب قادتها من أنصارهم النزول إلى الشارع وحرق إطارات السيارات وقتل رجال شرطة هم من عامة الشعب أو الإجهاز على المحال التجارية ومكائن صرف النقود. عكس ذلك انخرطوا في العملية السياسية وأقنعوا شرائح الشعب بعدالة قضيتهم فإذا بالمطاردين من جانب السلطات التي كانت تحتكر مبدأ الحفاظ على مبادئ الدولة يحتلون المناصب العليا، ولكن بالدعوة إلى الوحدة الوطنية والاحتكام إلى المنطق والعقل والتبشير بخدمة كل مجاميع الشعب من دون استثناء. وبعيداً من الشأن البحريني، فإن جميع من تحدثت معهم من الوزراء أو أرباب الصحافة والإعلام أكدوا أن العلاقة الوثيقة بين تركيا والسعودية ومصر هي الضمان الأكمل لمنطقة مستقرة لا تعصف بها الأهواء والمطامع. دور مجلس التعاون الخليجي ومساهمته في هذا الأمر مهمان جداً، ولعل القرار الذي اتخذ حول إعادة اجتماعات التعاون الاستراتيجي بين تركيا ودول مجلس التعاون، والذي همس لي أحد الإخوة بأنها ستعقد قريباً في جدة سيكون له الدور الأمثل في كل المحاولات التي تستهدف رأب الصدع والانطلاق في مسيرة واضحة لضمان أمن منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط واستقرارها. * كاتب تركي ehurmuzlu@gmail.com

مشاركة :