المهنة: متسوّل

  • 6/28/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

بكل الأشكال يأتيك، وبشتى السبل يطرق باب بيتك أو سيارتك. مهما حاولت أن تتنبه لشكله وتحتاط من أساليبه، إلا أنه يعرف كيف يجدد ألاعيبه. المتسوّل يكثف نشاطه في مثل هذه الأيام باعتبار أن رمضان هو شهر كريم، والناس يقبلون أكثر على مشاركة بعضهم بعضاً وتقديم المساعدة والأموال والتعاطف مع المحتاجين.. تجده يمشي بين السيارات وسط الشوارع متأملاً الوجوه، مستخدماً لغة العيون بلا إشارات جسدية، تحسباً من أن يكون الجالس في السيارة من الشرطة أو أن تلتقطه الكاميرات المنتشرة. وتجده أكثر في المواقف ، يمسك قطعة قماش مدعياً أنه يعمل في تنظيف السيارات، ويبحلق فيك بجرأة غريبة دون أن يرف له جفن. وإذا كنت حاسماً ابتعد قليلاً، ورمقك بنظرة غضب وكأن اللعنة ستحل عليك. هؤلاء الذين نتحدث عنهم ليسوا محتاجين مساكين، بل هم يسترزقون من التسوّل، كل ما ينقص الواحد منهم أن يحمل بطاقة مكتوب عليها المهنة: متسوّل. يحترفونها بإتقان ولا يكلّون أو يتراجعون رغم علمهم بوجود دوريات للشرطة دائمة التجول في الشوارع العامة والضيقة، وأنهم معرضون للملاحقة والسجن. تصل حدود التسوّل أو الوقاحة لدى بعض المتسولين إلى قيادة سيارة وبجانبهم طفل أو طفلة، يقترب من سيارتك وأنت تركنها في أي موقف، يومئ لك لتفتح الشباك فتحسب أنه يريد الاستفسار عن شيء ما، أو ربما هو تائه في المكان. تبتسم له وتسأله عن طلبه ليصدمك بأنه يطلب المساعدة المادية والطفلة بجانبه لزوم الشغل، يستغل براءتها وطفولتها ليشحذ المال من الناس. رجل بكامل أناقته لا يمكنك أن تشك ولو للحظة بأنه متسوّل، يقود سيارته، ويبدو لك أباً صالحاً لتلك الصغيرة، بينما هو في الواقع مجرم بحقها يستغلها ويستغل الشهر الفضيل ويخدع الناس بمظاهر متحضرة، ويعلّق السبحة في مقدمة السيارة ليوهمك بأنه متدين. تلك وسيلة أخرى من وسائل استغلال الدين، التي تستطيع أن تؤثر في بعض الناس فيتفاعلون إيجاباً مع هؤلاء المتسوّلين ويشجعونهم على مواصلة تسوّلهم عن غير قصد، ويدفعونهم إلى خداع الآخرين طالما أن الحيلة انطلت على هذا فلماذا لا تنطلي على ذاك وتلك؟ البعض يخاف أن يصدّهم بدافع الإيمان والرغبة في مساعدة إنسان قد يكون محتاجاً فعلاً، تاركاً مسألة إبعادهم والامتناع عن التجاوب معهم للآخرين، ولذلك هم لا ييأسون ولا يملّون. وجود الدوريات وتشدد القانون ربما يدفعان المتسوّلين إلى تغيير أساليب تسوّلهم والتواجد في الشوارع بمظاهر نظيفة تخدع الجميع، لكن لا بد للكاميرات المنتشرة في الشوارع من التقاط الوجوه لملاحقتهم، ولا بد للناس من الإبلاغ عنهم ليس فقط منعاً للتسوّل، بل أيضاً منعاً لاستغلال الأطفال وتشكيل عصابات وإنشاء أجيال من النصابين المحتالين. مارلين سلوم marlynsalloum@gmail.com

مشاركة :