شهر رمضان شهر الاستغفار 2 (24)

  • 6/29/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

ولو سأل أحدنا كيف يمكن للاستغفار أن يفتح كل هذه الآفاق فالجواب بالتأكيد بالأدلة العقلية والقرآنية، ولما كنا قد اتفقنا بأن القرآن الكريم من حق اليقين، كونه كلام الله تعالى، وما كلام الله إلا كله بيان وبيان للبيان وموعظة للمؤمنين، فللاستغفار خواص هامة جداً، ونتائج مبهرة، أولها لا يتعذب الإنسان في حياته أبداً، لا جسمياً ولا نفسياً، لقوله تعالى: (وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون)، جاءت كلمة معذب بالصيغة الاسمية للدلالة على الشمولية، وما كانت هذه الخاصية للاستغفار إلا لأنه الأداة الحقيقية الحاكية عن الروح النقية الصافية التي يستجاب لها في كل حين ومتى شاءت، ففي الحديث القدسي عنه تعالى: (عبدي أطعني تكن مثلي أقول للشيء كن فيكون وتقوله له كن وبإذني يكون)، فمتى ما خلى قلب العبد من الدرن كان أقرب للاستجابة وأوجب فيها، ما يجعله لا يحتاج إلى سواه تعالى، وحتى يوقن العبد قيمة الاستغفار ينبغي له ان يكون واعياً للخطوات التي يقوم بها بإرادته أو بدجونها بعلمه أو بدونه لتلبية أي حاجة له في الدنياً، ليدرك أن الاستغفار فيه سرعة متناهية في إرادة الله وجوابه تعالى له دون واسطة. أولاً بالاستغفار تنفتح كل الأبواب، والبركات، والخيرات، ويقول الله تعالى وعلى لسان نوح عليه السلام: (وقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعلكم أنهارا)، فماذا يريد الإنسان في دنياه أكثر من ذلك، وثانياً يمكن أن نقول إن الاستغفار يزيد الإنسان والمجتمع قوة ذاتيه، لقول الله تعالى وعلى لسان هود عليه السلام: (يا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم)، وثالثاً يكفل الاستغفار للإنسان الحياة السعيدة الهانئة، لقوله تعالى: (وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعاً حسناً إلى أجل مسمى ويؤتي كل ذي فضل فضله)، وفي هذه الآية بيان إلهي واضح أن الله يطيل عمر الإنسان إلى الأجل المسمى، وينجيه من ذلك الأجل المُقضى (وهو الموت عن طريق الحوادث)، بفضل الاستغفار، وأما على مستوى النتائج فلا شك ولا ريب أن الله تعالى يضمن نتيجة الاستغفار التي أكد بها في قوله تعالى: (ومن يعمل منكم سوء أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً)، وتتأكد هذه الخاصية إلى الأوابين، الراجعين، العائدين، لله تعالى،(فإنه كان للأوابين غفوراً) وهم من يعودون إليه دون العودة للذنوب والمعاصي بعدها. حين نقول إن الاستغفار له خاصية كبيرة كخاصية القوانين الكونية إنما نشير إلى حجم واسع من اللطف الإلهي للعبد العائد الراجع، وميزة الاستغفار يكمن في توبة الله عليه، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، والذي يحصل على درجة الاستغفار يحصل في ذات الوقت على درجة النقاء والصفاء القلبي، فحين يدعو الله يستجاب له، لأن الله لا يستجيب إلا للعبد المؤمن الطائع العابد والذي يخلو قلبه من رجاء غير الله تعالى.

مشاركة :