شهر رمضان شهر المغفرة والرضوان (2)

  • 6/6/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يجدر بالإنسان أن يتعلم في مراحل متعددة من حياته عبر التجارب التي يمر بها وتتخلل مسيرة عمره، سواء تلك الابتلاءات ومراحل التمحيص للعبد أو الاختبارات بفتن الدنيا ومصائبها من خيرها وشرها، أو عبر المواقف المحددة من أيام السنة بالذات تلك المناسبات المذكورة والمنصوصة كيوم عرفة، وشهر رمضان والأشهر الحرم ويوم العيد ويوم الإسراء والمعراج وليلة القدر ويوم العاشر من المحرم، تلك الأيام أو المناسبات المنصوصة في الروايات والصريحة في الآيات، ليست كسائر أيام العمر بل هي مخصوصة لتربية الإنسان وتنقيته، تمحيصه وتعليته وليرتقي نحو الكمال، وبالذات أنها لها ما لها من شأن عظيم في الثواب، وما يمكن للإنسان أن يحصل عليه من جزيل مضاعف منه، تلك المواقف يقف أمامها الإنسان ليستمد منها حتى ينجز في أيام عمره ما يزيده في طاعة الله قوة وإيمان. شهر رمضان له منزلة خاصة ليس كسائر الشهور والأيام وهو شهر الصيام والبركات وشهر رمضان هو اسم من أسماء الله سبحانه وتعالى وهكذا فإن المؤمنين في هذا الشهر مدعوين ليكونوا ضيوف الله سبحانه وتعالى فيطهروا أنفسهم وقلوبهم ويحرروها من حب الدنيا والتعلق باللذات ليكونوا لائقين لهذه الضيافة، موقف من مواقف احتياج النفس له لتربيتها وتهذيبها، ولذلك اجتماع الصيام والصوم وحاجة الإنسان إلى الصيام، بالإضافة إلى ارتباط الصيام بموجة تغيير مجرى حياة الإنسان للأفضل، ولنلاحظ مهمة دقيقة في معظم الكفارات وارتباطها بالصيام، دلالة على وجوب الالتزام بالحق والصوم طول العمر للحفاظ على الاتزان الروحي ورضى الله تعالى، فالصيام قرينة لقدرة الإنسان على التكييف في كل الظروف، وأيضا علاقة الجسد بالروح كما علاقة ارتباط الإنسان بالمديات والمعنويات، والسر خلف معنى الصيام للإنسان هو التخلي والتهذيب، والتمنع والترتيب، عملية روحية ومعنوية مربوطة بعملية فسيولوجية طبيعية. القدرة على الالتزام في وقت معين وزمن معروف يتأهب له الجسد قبل الروح وتتأهب معه الروح قبل الجسد في عملية متبادلة تعطي نتيجة واحدة ممكنه، أنه بإمكان الإنسان التغلب على سائر إدماناته، بل يمكنه أن يحول الطبع والسلوك من سلبي إلى إيجابي، وهي حالة الانسجام الجسدي مع الجوارحي والروحي، وهي حالة يعبر عنها علماء النفس عن الاستعداد المؤكد، أي أنه بإمكان الإنسان أن يربط شهر رمضان بالتوبة ويجددها ويعيدها في كل عام، قد ينتهي هذا العهد بعودته الخالصة لله المعبود جل وعلا. لا شك بأن التعلق الدنيوي يغرق الروح بالملوثات، ناهيك عن تدنس النفس بالآثام والموبقات، لتجد هذه النفس الفرصة المؤثرة في دورة دورية سنوية تعود لتعيد محيط الروحانية وتشعرك بالقرب من الله، ضف لذلك حجم الحسنات والبركات التي تنزل على العباد ولا تستثني أحد في شهر الضيافة، لذلك يمكن للعبد أن يستغل هذا الموقف ويتفكر فيه بروح الوعي، تاركًا ما يمكن أن يسيء إلى ذاته من المعاصي متجهًا نحو الخالق الوهاب، ناسيًا تلك المعيقات الدائمة التي تحيط محور حياته.

مشاركة :