أكد سعادة آجاي شارما سفير المملكة المتحدة لدى الدولة في حوار لـ «العرب» أنه يستمتع كثيرا بتقاسم شهر رمضان في قطر، لأنه يمنحه فرصة أكبر للانخراط في المجتمع القطري والتواصل معه، والاطلاع على ثقافة المجتمع. وبعد 20 عاما قضاها سفيرا ودبلوماسيا، ممثلا لبلاده في دول إسلامية، يرى سعادة السفير أن رمضان في الدوحة يتميز بطابعه الاحتفالي، وإيلاء أهمية أكبر للاحتفاء به من قبل كل أطياف المجتمع، وتشاركهم مائدة الإفطار، سواء كانوا قطريين أو غير قطريين. كما تحدث سعادته في نص الحوار عن أحوال المسلمين في المملكة المتحدة، الذين يقارب عددهم 3 ملايين مسلم، يمثلون %5 من تركيبة المجتمع البريطاني، وتفاصيل أخرى تطالعونها في نص الحوار الآتي.. سعادة السفير، هل من كلمة توجهها للشعب القطري بمناسبة شهر رمضان؟ - يسعدني أن أتقدم بالتهنئة للشعب القطري، وأقول لهم: رمضان كريم. وأتمنى لهم السلام والطمأنينة، وأن يستمتعوا بقضاء لحظات ممتعة، رفقة عائلاتهم في هذا الشهر المميز بالنسبة للقطريين والمسلمين عامة. هل يمكن أن تحدثونا عن أول رمضان لكم في الدول الإسلامية التي عملتم بها سفيرا للملكة المتحدة؟ - أول تجربة لي مع شهر رمضان في العالم الإسلامي كانت بتركيا العام 1997. وقد قضيت سنوات طويلة في العمل الدبلوماسي بالدول الإسلامية، وكانت فعلا تجربة مهمة وقيمة. كما أنني أستمتع كثيرا بتشارك شهر رمضان هنا في قطر، لأنه يمنحني فرصة أكبر للانخراط في المجتمع القطري والتواصل معه عن قرب، والاطلاع على ثقافة المجتمع. ما يميز رمضان في الدوحة عن باقي المدن التي عشت بها أجواء الصيام؟ - ما أثار انتباهي أيضا في رمضان بالدوحة هي القيمة والمكانة التي يكنها القطريون لأهمية الأسرة والمجتمع، ولم الشمل، إلى جانب ذلك التنوع الجميل في طاولة الإفطار بين الماء والتمر، ومختلف الأطباق. والأهمية التي يوليها المجتمع هنا في قطر لتشارك كل شيء في رمضان، بما في ذلك وجبات الإفطار والسحور، وصولا إلى تشارك العادات والتقاليد مع كل من يقطنون بدولة قطر. أود أن أقول إن رمضان في الدوحة يتميز بطابعه الاحتفالي، حيث يولي الناس أهمية كبيرة للاحتفال بشهر الصيام بمشاركة كافة أطياف المجتمع، مع ميزة التنوع التي يشهدها المجتمع القطري من مواطنين ومقيمين من مختلف الجنسيات، وتنوع ثقافاتهم وعاداتهم وتقاليدهم. وفي الدوحة، تشعر أن الكل يتشارك أجواء رمضان بطريقة أو أخرى. والأمر الآخر التي أثار إعجابي، هو استمرار وتيرة العمل بشكل طبيعي خلال شهر الصيام، فتجد المحلات مفتوحة على اختلاف نشاطاتها، والجميع يزاول مهامه بطريقة عادية، حتى إن ابني مثلا اندهش وأعجب كثيرا لما شاهد المحلات مفتوحة إلى ما بعد منتصف الليل في رمضان، أمر لا تجده في دول أخرى. كما أعجبت كثيرا بتظاهرة الاحتفال بليلة «القرنقعوه»، حيث توزع الهدايا والحلويات على الأطفال منتصف شهر رمضان، مقارنة بتركيا، أين يمنح الأطفال السكر والحلويات في نهاية رمضان. هل شاركت موائد إفطار لأصدقاء قطريين؟ وما يميزها عن مثيلاتها بدول إسلامية أخرى؟ - خلال العشرين عاما الماضية، شاركت العديد من موائد الإفطار بالدول الإسلامية في تركيا وطهران والمملكة المتحدة وصولا إلى الدوحة، وفي كل مجتمع قد تختلف الأطباق في موائد الإفطار، لكنك تجد دوما مفهوم الأسرة وأهميتها، واهتماما بتقاسم الإفطار بين الناس في المجتمع، والإقبال على العمل الجماعي، ومساعدة الآخرين، كلها قيم تجدها في رمضان بالدول الإسلامية التي زرتها، وتقاسمت مع أهلها موائد الإفطار. وفي قطر تحديدا، سعدت جدا بحضور إفطار في فنادق، وداخل بيوت الأسر والأصدقاء، كما سعدت باستضافة إفطار للموظفين الصائمين من فريق عمل السفارة في بيتي، وتقاسمنا التمر واللبن وطبق الإفطار. وأعتقد أن أجمل ما يميز الإفطار الرمضاني في قطر أنه سواء كنت قطريا أو غير قطري فيمكنك تشارك أجواء الإفطار والصيام داخل المجتمع الواحد. ما القيم الإيجابية التي لمستها في رمضان بالدوحة؟ - وجدت في رمضان الدوحة مفهوم الأسرة، ومفهوم الاحترام، والشعور بالتقدير، حيث يتقاسم الناس ما لديهم مع بعضهم، ومفهوم الحرص على قيم المجتمع والتضامن، من قبيل تنافس الصائمين على توزيع وجبات الإفطار المجانية في الطرقات قبل دقائق من موعد الإفطار، ومساعدة المحتاجين، وإفطار الصائمين من عابري السبيل، والمحتاجين. كما أنني لمست أن هذا الشهر يمثل للصائمين لحظة استراحة، ومصارحة مع الذات، ومراجعة تصرفاتهم، والتفكير في أعمالهم وتصرفاتهم، وكيفية تحسينها، والتفكير بإيجابية أفضل للمستقبل. وهذا أمر رائع، لأننا نقضي أوقاتنا على مدار السنة في السعي والمثابرة لتحقيق مشاريعنا وإنجازات عديدة، ونكون منهمكين جدا، فيأتي شهر رمضان ليمنحنا فترة استراحة وتوقف لمراجعة أنفسنا والتفكير، وأيضا إسداء الشكر لما نحن فيه وما حققناه. حدثنا عن الإسلام والمسلمين في المملكة المتحدة، وكيف هي أجواء الصيام؟ - لدينا في المملكة المتحدة جالية مسلمة مهمة، تضم قرابة 3 ملايين مسلم يعيشون عبر مختلف المدن البريطانية، وهو ما يمثل قرابة %5 من سكان المملكة المتحدة، بينهم مليون مسلم يقطنون في لندن وحدها بنسبة %10 من إجمالي المسلمين. وأعتقد أننا محظوظون جدا، لأننا نمتلك جالية مسلمة نشطة ومنخرطة تماما في المجتمع البريطاني، ويشاركون في مختلف القطاعات الحيوية، بما في ذلك الرياضة والتجارة والسياسة، ولدينا سياسيون مسلمون، وبينهم من يتبوؤون أعلى المناصب السياسية، مثل عمدة مدينة لندن، وبالنسبة لهؤلاء المسلمين جميعا فإن شهر رمضان هو أيضا مناسبة خاصة، وتوقيت مهم للغاية لتجمع الأسر. كيف ينظر البريطانيون من غير المسلمين للصائمين وللمسلمين عموما؟ - مجتمعنا يحترم المسلمين، ويقدم لهم كافة التسهيلات التي تسمح لهم بالصيام وأداء عباداتهم تماما، مثل باقي أتباع الديانات الأخرى. وهناك تقدير كبير من باقي البريطانيين لشهر رمضان، وما يعنيه للمسلمين الصائمين. وربما ما يجعل الأمر صعبا بالنسبة للصائمين في المملكة المتحدة، تزامنه مع فصل الصيف، حيث يكون يوم الصيام طويلا جدا. ومثلما هو الحال في قطر، ففي بلادي تجد مسلمين من مختلف الأعراق يتقاسمون موائد الإفطار، بل وغير المسلمين أيضا يشاركون موائد الإفطار. وكيف تتعامل السلطات البريطانية مع حقوق المسلمين في ممارسة شعائرهم الدينية؟ - بطبيعة الحال هناك فهم كبير لما يعنيه أن تكون مسلما في المملكة المتحدة، وفهم كبير من البريطانيين عامة، وفهم مماثل للمسؤولين على أعلى المستويات في الحكومة البريطانية للإسلام وضرورة احترام حقوق المسلمين وحقهم في ممارسة ديانتهم، ولدينا في بلادنا مئات المساجد التي يصلي فيها المسلمون بأريحية تامة.;
مشاركة :