قضت العائلة السعودية، العائدة من سورية، أسبوعاً في رحلة عودتها من القامشلي (مقر إقامتها) إلى الحدود التركية، إذ استقبلها ابنها الوحيد سعد الشيحي، الذي سعى أربع سنوات للحصول على إذن لتسهيل عودة عائلته المكونة من أمه وثلاث من أخواته. ونظراً إلى الظروف التي تعيشها سورية حالياً، اقترح خال العائلة في القامشلي نقلهم عبر أحد المهربين من هناك حتى الحدود التركية، مروراً بكردستان العراق، ولا سيما أن جوازات سفرهم السعودية قد تعرضهم لكثير من التضييق والمخاطر غير المأمونة من نقاط التفتيش، التي تعترض طريقهم، سواء التابعة للنظام أم تنظيم «داعش» أم جبهة النصرة وبقية الفصائل المسلحة المسيطرة على المكان. وحاول سعد الحصول على إذن رسمي بفتح معبر باب الهوى من الطرف التركي، ولكنه لم ينجح في الحصول عليه، وفكر في تزوير هويات سورية لعائلته لضمان سلامتهم عند المرور، وعدم إثارة أية شبهات حول وجودهم على الأراضي السورية، ولكن مخاوفه من عواقب ذلك ثنته عن الفكرة، واختار طريق التهريب، الذي فضله خاله، عبر وسيط مؤتمن. تبدأ القصة عندما سافرت العائلة إلى سورية لزيارة بعض أقارب الأم هناك قبل الأحداث، ثم فضلت الاستقرار في سورية بعض الوقت، بعد أن نشب خلاف عائلي في «رفحاء» السعودية حيث سكنها الأصلي. العائلة، التي توفي عنها والدها منذ مدة طويلة، لم يبق لها إلا الابن سعد، الذي كان يستدين ويجمع ما جادت به الأيام ويحوله لأهله، ويواصل الاتصال بهم بعد تمدد «داعش» هناك، وكان يسمع وهو يهاتف والدته وبقية أخواته أصوات الاشتباكات وتحليق الطيران فوق رؤوسهم، ما زاد قلقه على عائلته وبحثه عن فرصة لاستعادتهم من هناك. وبالفعل بدأ في الإجراءات الرسمية لاستعادة عائلته العالقة في الأراضي السورية، ولكنها تأخرت كثيراً، لولا تدخل ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف وأمره بسرعة استعادة العائلة، وتوفير كل ما يلزم لذلك. سافر سعد إلى تركيا، وعمل على تنظيم عودة عائلته، ونسق مع السفارة السعودية في تركيا، ومع خاله مضيف العائلة في الداخل السوري، واضطرت الأم الستينية وبناتها الثلاث إلى أن يمشين أربعة أيام أحياناً لتجاوز بعض مناطق الخطر، بينما يعيش سعد على الحدود التركية غصص الرحلة المخيفة لعائلته المنكوبة. جهزت السفارة السعودية في تركيا طائرة العودة إلى أرض الوطن، واستقبلت العائلة في الرياض، وخضعت لإجراءات أمنية وطبية روتينية، وودعت بذلك رعب التنظيمات المتناحرة في سورية. من جهة أخرى،أوضحت السفارة في بيان صحافي (حصلت «الحياة» على نسخة منه)، أن المواطنات الأربع كن عالقات في سورية نتيجة الأحداث الجارية هناك، إذ تم التواصل مع ذويهن داخل المملكة والتنسيق مع السلطات التركية التي وجد منها كل تعاون وتفهم للوضع الإنساني للمواطنات، وباهتمام مباشر من السفير السعودي لدى تركيا عادل مرداد الذي تابع قدومهن للأراضي التركية واتخاذ الإجراءات للتسهيل عودتهن بسلام وأمان إلى أرض الوطن فجر السبت الماضي. ودعت سفارة خادم الحرمين الشريفين في تركيا المواطنين بعدم التردد في طلب المساعدة في هذا الشأن، والاتصال عند الحاجة بأرقام السفارة أو على موقع السفارة بـ«تويتر».
مشاركة :