انفجارات القاع تعيد تدابير «الأمن الذاتي» إلى شرق لبنان.. ودعوات للتخلي عنها

  • 6/29/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

أخرجت تفجيرات القاع، أول من أمس، الأسلحة الفردية من البيوت اللبنانية، وأعادت مشهد «الأمن الذاتي» إلى الساحة اللبنانية، وسط انقسام بين السياسيين على الخطوة بين «مؤازرة للجيش اللبناني» و«تمهيد لفوضى السلاح وتشريعه»، في وقت شهدت ساحة القاع سباقًا بين الحزبين المسيحيين الأكبر لمشاركة الأهالي في حراسة المنطقة، والوقوف إلى جانبهم. وفي حين انتشرت صور لمسلحين، بينهم نساء يحملن السلاح بغرض الدفاع عن أنفسهن في تلك المنطقة الحدودية، وبغطاء حزبي كما ظهر، دعا رئيس الحكومة تمام سلام السياسيين إلى «التعامل مع مسألة تفجيرات القاع ببعدها الوطني، وليس الفئوي أو المذهبي، وكذلك إلى الابتعاد عن مظاهر الأمن الذاتي»، وأكد في مستهل جلسة مجلس الوزراء، أن «لبنان يواجه تطورا نوعيا والمواجهة مع الإرهاب مستمرة». وفي الوقت نفسه، دفع الجيش اللبناني بتعزيزات إلى المنطقة حيث نفذ إجراءات عسكرية في المنطقة الحدودية، بالتوازي مع إجراءات أمنية داخل البلدة. وتصاعدت الدعوات لمؤازرة الجيش اللبناني في حماية بلدة القاع المسيحية الحدودية مع سوريا، فور تعرضها لأربعة تفجيرات انتحارية متزامنة صباح الاثنين، قبل أن تدوي أربعة تفجيرات انتحارية أخرى، مساء، دفعت الأهالي لإخراج أسلحتهم وتنفيذ الانتشار في البلدة قرب منازلها، بالتزامن مع وصول عضو كتلة «القوات اللبنانية» النيابية النائب أنطوان زهرة بمواكبة مرافقيه إلى البلدة، حيث حمل الجميع السلاح إلى جانب الأهالي، وشاركوا في حراسة البلدة طوال ليلة الاثنين - الثلاثاء. ورفض زهرا اعتبار ما قام به «تشريعًا للأمن الذاتي وتشجيعًا على حمل السلاح في لبنان»، علما بأن حزب القوات، يعتبر من أبرز الأحزاب التي عارضت انتشار السلاح وإجراءات الأمن الذاتي التي انتشرت في الضاحية الجنوبية لبيروت ومناطق أخرى عقب موجة تفجيرات ضربت تلك المناطق في العام 2013. وقال زهرا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «كنا الليلة الماضية في القاع تحت تصرف الجيش اللبناني، واتخذنا تلك الخطوات لسد ثغرات أمنية عبر المراقبة خلال الليل»، مشيرًا إلى أنه «عندما عزز الجيش عديده صباح أمس، ونفذ انتشاره في كل المنطقة، لم يعد لنا أي دور». وشدد زهرا على «أننا أكدنا منذ اللحظة الأولى رهاننا على الجيش اللبناني والدولة والمؤسسات الدستورية»، مؤكدًا أنه «ليس خطأ أن يستعين الجيش بالأهالي في لحظة انتشاره ريثما تصل التعزيزات، وهو ما حدث». وانتشرت صور في مواقع التواصل الاجتماعي تظهر محازبين لحزب «القوات اللبنانية» يحملون السلاح في القاع ليل الاثنين - الثلاثاء، وهو ما دفع إلى الاعتقاد بأن القوات التي تتمتع بنفوذ سياسي كبير في البلدة، أرسلت تعزيزات عسكرية إلى البلدة. لكن زهرا، نفى تلك الأنباء، مؤكدًا أن الأشخاص الذين ظهروا من خارج أبناء البلدة: «هم من مجموعة حمايتي ومواكبتي، ولم نستقدم عناصر قوات إضافية، علما بأن رفاقنا كانوا جاهزين للحضور إلى البلدة ويسألوننا عن كيفية الالتحاق والانضمام، إلا أننا أكدنا لهم أنه ليس مطلوبًا انضمام أحد الآن، ولن نعود إلى تجارب المراحل السابقة، والدور يقتصر على مؤازرة الجيش». ونفذت تلك المجموعة والأهالي انتشارهم في البلدة، إلى جانب مجموعات تمثل أحزاب أخرى نافذة في المنطقة «وهي مجموعات يرضى الجيش عن أدائها في المنطقة مثل سرايا المقاومة»، بحسب ما قال زهرا، في إشارة إلى أن تلك المجموعات الشعبية تنفذ مهمات حراسة لمؤازرة الجيش والقوى الرسمية، منذ العام 2013 بعد تمدد اللهيب السوري من القلمون والقصير إلى البقاع في شرق لبنان. وبالتزامن مع تواجد قياديين من «القوات» في البلدة، اتجه القائد السابق لفوج المغاوير في الجيش اللبناني العميد المتقاعد شامل روكز إلى البلدة، علما بأن روكز مقرب من «التيار الوطني الحر». ونفى روكز في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تكون زيارته هادفة إلى ترتيب قضايا أمنية، أو تنظيم لجان شعبية في المنطقة الحدودية مع سوريا، مؤكدًا أن زيارته «تضامنية مع أصدقائنا وأهلنا في البقاع، ومعظمهم من العسكريين المتقاعدين»، مشددًا على «أنني حضرت للتضامن مع الناس الأعزاء عليّ». وأكد أن «الجيش اللبناني يمسك بالأمن في تلك المنطقة الحدودية». وقبيل انطلاقته، كان روكز قد قال في تصريح إذاعي: «المطلوب مقاومة أهلية للدفاع عن أرضنا والتضامن مع الجيش بوجه الهجمة الإرهابية»، ليستطرد، في تصريح له خلال وجود زيارته إلى البلد: «الجيش هو الوحيد الذي يحمل السلاح في البلدة والباقي عيون له». ودعا كل مواطن إلى أن يكون خفيرًا لقريته وللمؤسسات الأمنية. بدورهم، أكد الأهالي أنهم يحملون السلاح بغرض الدفاع عن البلدة. وقال داني نعوس، أن «شبانا من أهالي البلدة موجودون في الطرق، ويحملون السلاح لمساندة الجيش وسط تواجد عسكري وأمني كثيف». كما تحدث مختار القاع منصور سعد عن أن «هناك حالة استنفار. كل واحد من الأهالي، رجالا ونساء، يجلس أمام منزله لحمايته بعد حالة الرعب التي عشناها البارحة». وتصاعدت الانتقادات السياسية لإجراءات الأمن الذاتي، إذ رأت كتلة «المستقبل» النيابية أن الضمانة الحقيقية لحماية لبنان واللبنانيين من شرور التطرف والعنف والإرهاب، يشكله «وقوف اللبنانيين والتفافهم من حول الدولة اللبنانية ومؤسساتها ولا سيما الجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية حصرًا ورفض كل المشاريع الخائبة للأمن الذاتي من جهة أولى، والتمسك بالوحدة الوطنية وصيغة العيش المشترك الإسلامي المسيحي من جهة ثانية». ورأت «المستقبل» أنه «إذا كانت التطورات تتطلب مزيدًا من الإجراءات الاستثنائية التي يتوجب على الحكومة اتخاذها فبإمكان الجيش اللبناني أن يلجأ إلى استدعاء قسم من الاحتياط لمساندته في مهامه الوطنية». بدوره، قال وزير الاتصالات بطرس حرب: «أتفهم ردة فعل أهل القاع وحملهم السلاح دفاعًا عن النفس، إلا أن انتشار السلاح بين أيدي المواطنين خطر على الدولة ودورها وشرعيتها، ما يستدعي في نظري اتخاذ قرار بفتح باب التطوع في أنصار الجيش وبقيادته، حماية لأمن المواطنين والوطن».

مشاركة :