تنصح ريهام الرغيب، دكتورة في فلسفة النقد الفني التشكيلي، الفنانين التشكيليين المبتدئين بالممارسة وجرأة الطرح وثقة بالنفس وبالانتاج الفني التشكيلي، فالفنان الطبيعي لا بد أن يتدرج في مراحل فنية تبدأ من الصفر. تعشق البحث فيما وراء البورتريه، وفنون ما بعد الحداثة التي تعتمد على الدهشة واللامتوقع في الطرح، من خلال فكرة العمل أو المواد المستخدمة. {الجريدة} التقتها، وكان الحوار التالي. كونك أول كويتية درست النقد التشكيلي ما سبب اختيارك الدكتوراه في «فلسفة النقد التشكيلي»؟ حبي للفن التشكيلي أحد أهم أسباب اختياري لهذا التخصص، حتى عندما قررت دراسة الدكتوراه بحثت عن مجال جديد وتخصص مفيد يساهم في تطوير المشهد التشكيلي، والحمد لله وفقت في الاختيار وبدأت أتعمق في هذه الفلسفة، بالاضافة إلى أهمية النقد الفني الذي يساهم في توضيح رسالة الفنان ويعكس الثقافة الفنية للمجتمع. فالعالم متغير ولم يقف الفن أو يصبح أحادياً بل اجتمعت فيه فنون كثيرة تشكل تكاملاً هارومونياً مع بعضه البعض. علامَ تعتمد الفنون اليوم؟ لم تعد الفنون تعتمد، كما عهدناها في السابق، على رسم لوحة فنية ضمن مدرسة فنية واحدة، بل تعدت ذلك. فلا غرابة أن نعيش العالم المتحرك، في تيارات متسارعة وبإيقاع مرتفع، في محاولة للحاق بالجديد من دون التأثر والتأثير في أعمال السابقين. لم تعد مخاطبة العقل والنظر والرؤية البصرية تقف على لوحة فنية، بل تعدت ذلك إلى الخلط بينها وبين أدواتها، كما هي الأعمال التركيبية التي خرجت من مفهموم النفعية إلى ما وراء اللوحة. بمعنى آخر تسوقك الرؤية إلى عالم آخر، قد تكون اللوحة مفاتيح، ولكن العمل الفني وصل إلى أبعد من ذلك، لذلك انتقلت الرؤية من الألوان إلى اللوحة الضوئية أو إلى الاستماع إلى موسيقى معينة تختلط فيها المعايير لتكون عملا حداثياً جديداً، يتماشي مع ما نشهد من عالم متحرك سريع لا يقف عند حد معين. لماذا اخترت هذا النوع من الدراسة؟ لأن الكويت تعيش الحداثة في كل شيء، في فكرها وعلمها وفنانيها ومثقفيها، وهي أرض خصبة لتلقي هذا النوع، بعدما أوصلها السابقون، بكل فخر واعتزاز، إلى مصاف الدول الكبرى، بوعيها الثقافي والاجتماعي الرصين مع التمسك بالعادات والتقاليد. ولا تستغرب أن يكون العالم بين يديك وأنت تحت الماء أو فوق سطح القمر، والكويتيون سباقون في كل العلوم، ولنا فخر بذلك، مثال على ذلك العالم الكويتي العجيري. نحتاج هذا التطور والدخول والتعمق في الفكر الفني والثقافي المكتمل والمترامي الأطراف، لنقدم عملا فنياً كويتياً يقرأه الجميع، بكل اقتدار، بعد تشريحه فنياً ومتابعة كل عناصره. لذلك اخترت هذا التخصص لعلي أفيد وأقدم عملا نقدياً يستفيد منه الجميع، بعد تطبيق أسس فنية ومعايير النقد التي تعلمتها، لأننا أمام جيل خطير علينا استغلال فكره وتوجيه ثقافياً لإبعاده عن الانحرافات والتطرف. البعض يعتقد أن النقد إبراز العيوب هل هذا صحيح؟ سؤال مهم، فعلا يعتقد كثر أن النقد هو للذم والتجريح، ولا أعلم لماذا هذه الثقافة التي يمتلكها البعض، ويجهل أن النقد يساهم في إظهار جماليات موجودة في العمل الفني مع تحديد مسار الفنان، حتى لو كانت ثمة سلبيات، فيتم تناولها في إطار أكاديمي للعمل وليس للشخص. قد يكون أحد الأسباب ندرة الدارسين للنقد الأكاديمي، والتخبط لدى بعض الصحافيين في ذم بعض الفنانين التشكيليين بصورة شخصية، فهم لا ينتقدون العمل الفني التشكيلي ويذمون الفنان نفسه لأهداف شخصية تربك الفنان ومسيرته وانجازاته. ولا بد من التوعية بأهمية النقد في تطوير المشهد التشكيلي، إذ يساعد المتلقي في فهم مفردات فنية موجودة في العمل، بالاضافة إلى تشجيع الفنان نفسه على أهمية الدور الذي يمارسه ألا وهو إنتاج أعمال تشكيلية. بم تنصحين الفنانين التشكيليين المبتدئين؟ أنصحهم بالممارسة وجرأة الطرح وثقة بالنفس وبالانتاج الفني التشكيلي، فالفنان الطبيعي لا بد من أن يتدرج في مراحل فنية تبدأ من الصفر. للأسف من خلال مشاركتي في لجان التحكيم، وجدت أعمالاً فنية منسوخة من فنانين غربيين، وهذا بلا شك سرقة فنية. ما أريد قوله: «كل فنان يملك الكثير في داخله، ابحث عن تاريخك وأبحث عن داخلك ستجد مادة فنية غير عادية تخصك أنت يا فنان». مدرسة نقدية بصفتك ناقدة تشكيلية هل ثمة مدرسة نقدية معينة تعتمدينها في رؤيتك النقدية لتحليل العمل الفني؟ يعتمد على العمل الفني ومفرداته، على سبيل المثال إذا كان العمل الفني التشكيلي ينتمي الى المدرسة السريالية التي تعتمد على الأحلام وابتداع عوالم غريبة في إطار اللاتناسق، في هذه الحالة لا يمكن أن أتبع المنهج نفسه الذي أتبعه لدى نقدي لعمل فني مفاهيمي يعتمد على الفكرة لا الجمال. وهكذا.. ما مدى تأثير الصراعات في العالم على المشهد التشكيلي؟ قلبت الصراعات أسس الفن وقواعده بنسبة كبيرة، وأصبح ثمة تحول غير عادي حطم المدارس الفنية التي انطلقت في فترة الحداثة، ولأن الفنان يتأثر بالوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي، فلا بد من أن يكون ثمة تحول في الأسلوب وعدم التمسك بمدارس فنية قديمة. بالاضافة إلى أن تكاثر ثقافات مهجنة ولد لاانتماء وأدى الى ضياع الموروث الشعبي. ما الأمور التي تتشوقين إلى إنجازها ولم تتح لك فرصة للقيام بها؟ لدي مشاريع ثقافية مهمة لمجتمعنا العربي تهم المشهد التشكيلي، وإن شاء الله أجد تسهيلات لازمة لتنفيذها على أرض الواقع. ما التيارات التشكيلية المعاصرة التي ليس لها عشاق كثر في الكويت؟ فنون ما بعد الحداثة. أي خط أتبعتِ في الرسم التشكيلي ولماذا؟ أعشق البحث في ما وراء البورتريه وفنون ما بعد الحداثة التي تعتمد على الدهشة واللامتوقع في الطرح، من خلال فكرة العمل أو المواد المستخدمة، ثمة سمات لما بعد الحداثة صنفتها الفيلسوفة مارغريت روز في كتابها الشهير «فنون ما بعد الحداثة»، ترجمه الدكتور جمال الشامي ونشرته الهيئة المصرية العامة للكتاب. كيف تقيمين الفن التشكيلي في الكويت؟ في الحقيقة ثمة جهود مشرفة من بعض الفنانين الكويتيين الذين يجتهدون في تقديم أعمال تتسم بمفردات جمالية بالشكل والمضمون، من بينهم الفنان التشكيلي المبدع د.عنبر وليد والفنان بدر المنصور.
مشاركة :