كتب أحد الأصدقاء، بوست يشرح فيه معاناته في عز الظهر في رمضان. وكيف تعطلت سيارته وسط الشارع. وظل يشير لهذا وذاك. أحدهم بشنب عريض في تاكسي، وآخر مفتول العضلات. وهكذا مر الوقت حتى رأته سيدة مع ولدها فتوقفت وساعدته. وما زاد دهشتي على البوست، كمّ التعليقات من الرجال والنساء. فهذا يقول، انه زمن «النساء الرجال»، و أخرى كتبت: «الست اليوم بمية راجل لأنها مضطرة لان تكون قوية وصلبة لمواكبة مصاعب الحياة». وهذا يقول، النساء «قدها وقدود»... الخ. إنه زمن المرأة بجدارة. لكن كلما كتبنا عن الأمثلة والمواقف الحياتية الواقعية التي تشيد فعلاً بصلابة وقوة ومصداقية المرأة انسانياً وأخلاقياً ووظيفياً وعلى مستويات أخرى، لا بد وأن يخرج علينا «ضيق أفق» يتهمنا بالتحيز والعنصرية. إلى معدل تقدم البنات في قائمة المتميزات والناجحات والمتفوقات في الثانوية العامة والجامعة، سنة تلو السنة، وهن «الناقصات عقل». انظروا إلى مدى تطور المرأة في السنوات العشر الأخيرة عربياً وخليجياً، كسيدات أعمال وذوات مشاريع صغيرة من مطاعم وكافيهات وغاليريهات وأتيليهات وصالونات ومصممات أزياء وغيرهن. انهن النساء، اللاتي يشكلن اليوم أكثر من نصف المجتمع. أفلا يكفيهن هذا قوة وهيمنة وسطوة وسيطرة؟ أليس العدد قوة؟ وأليس الانجاز والتقدم والمكسب الشريف قوة؟ بالتأكيد. كتبت احداهن من فترة عبارة من ذهب، قالت فيها: حين يتطور الرجل، ويصبح مفكراً ومثقفاً، فإنه يفيد نفسه ويحقق مصالحه. أما حين تتطور المرأة عقلاً ونفساً وفكراً وثقافة، فإنها تُنهض وترفع معها اسرتها، أبناءها، محيطها الوظيفي والاجتماعي، ووطنها وما بعده. المرأة كيان مركّب، وحياة تحتوي حيوات. إنها تؤثر بفكرها وثقافتها على كل الدائرة المحيطة بها، لأنها المربية الأولى، لاخوتها ثم لأبنائها، لأصدقائها والموظفين العاملين معها. إنها المحرك التربوي والأخلاقي الرئيسي في الأسرة والمجتمع والعالم والحياة. ولولاها لما نجح الطلبة، ولما ازدهرت تجارة، وارتقت أخلاق، ونهضت أمم وسادت عدالة ومنظومة سلام. هل سمعنا يوماً عن امرأة تفجر مسجداً أو مطاراً. هل رأينا امرأة تذبح، وتقتل وتشيع فساداً ودماراً. بالتأكيد لا. وحتى دراما رمضان هذا العام وكل عام، تقوم على بطلات محاميات وسيدات أعمال، أمهات وأخوات وزوجات، يحركن الأحداث. يقدن الأسر للخلاص والمجتمع للخير والمحبة. إنها المرأة، الحياة والسلام.
مشاركة :