الاضطرابات النفسية وصمة اجتماعية

  • 7/3/2016
  • 00:00
  • 30
  • 0
  • 0
news-picture

ربما سمعت الكثير عن عيوب التشخيص النفسي، وأنّه بلا فائدة. لا يخبرك التشخيص إلا بالقليل جداً عن سبب الاضطراب، ولا يصف إليك خطة علاج محددة. وللأسف، ما زالت الاضطرابات النفسية تُمثل وصمة اجتماعية، بدرجة أو بأخرى. لكن الأمر الإيجابي هو أن تُدرك تجربتك، كخطوة أولى للتعامل مع الأمر وتخفيف حدته. لقد رأيت كثيرين تلقوا التشخيص بارتياح بدلًا من الذهول، "أخيراً عرفت ماذا يحدث لي". يسير الأمر هكذا: تُلاحظ فجأة أنّك تشعر بطاقة تسري في جسدك. عقلك يتحرّك أسرع من المُعتاد. طاقتك الإبداعية تبلغ عنان السماء، تشعرك بأنك ستُنجز الكثير من الأشياء الرائعة. ولا تقلق بشأن الأمور المالية. ولا تُريد النوم إلا لساعات قليلة تسترجع بها نشاطك. كل هذا بلا سبب واضح: لم تدخل في علاقة جديدة أو تربح اليانصيب. بعد أسبوع أو نحوه، يبدأ الانزعاج يحل محل النشوة. تبدأ في الشعور بالإرهاق، لكنك في الوقت ذاته مصاب بالأرق. يُلازمك إحساس بالفزع، ثم تبدأ في الانهيار. مجدداً: لم يمت أحدهم، ولم تتعرض لهزيمة أو خسارة ما. كل ما في الأمر أن الدوائر العصبية في مخك استُهلكت. كانت هذه جولة سريعة من المزاج المتوسط، مرتفعاً إلى الهوس أو الابتهاج، نزولاً إلى الدرك الأسفل "الاكتئاب". على الأرجح، إن كان السواد الأعظم من تقلباتك المزاجية له سبب واضح يمكنك أن تُمسك به، فأنت لا تُعاني من "الاضطراب ثنائي القطب". لا يعني هذا أن المصابين بالاضطراب ثنائي القطب لا يتأثرون بالمواقف المحيطة، فقد يحدث هذا كثيراً. لكن الغالبية منهم تمُر بهم أوقات تتحسن فيها حالتهم المزاجية كثيراً، أو تسوء كثيراً، بلا أسباب واضحة. مؤشّران آخران، بالنسبة للمُصابين بالاضطراب ثنائي القطب، ستكون حدة تقلبات المزاجية أكثر بكثير مما لو كنت مجرد شخص عادي متقلب المزاج. كلنا يمُر بأيام سيئة وأيام جيِّدة، وأحياناً تطغى الأيام الجيِّدة على السيئة. لكن المُصاب بالاضطراب ثنائي القطب قد يمُر بمرحلة من تحسُّن المزاج والنشاط تصل إلى أربعة أيام أو أكثر، ومراحل من الاكتئاب الحاد قد تزيد على أسبوعين. هل هناك أشياء أخرى يُمكن أن تسبب التقلبات المزاجية؟ نعم، هُناك اضطرابات أخرى نفسية وجسدية متعلقة بتقلب المزاج. لكن الأمر يتطلب فحصاً دقيقاً، ومزيداً من المعلومات لمعرفة السبب. ربما تريد إلقاء نظرة على اضطرابات الشخصية الأخرى، خاصة اضطراب الشخصية "الحدِّي"، و"النرجسي". إن كُنت غير واثق، فمن الأفضل أن تستشير طبيباً مختصاً. أحياناً تكون هناك بوادر تشخيصية قد تُشير إلى اضطراب ناشئ. يلجأ الطبيب هنا إلى تفقُّد التاريخ العائلي لتتبع أي اضطراب يُمكن أن يساعد في التشخيص، ومن ثم التدخل المُبكر للحد من تطور الأعراض. تذكَّر أن الاضطراب ثنائي القطب ليس شيئاً يذهب عنا فقط لأننا لا نريده، والإهمال في علاج أعراضه يؤدي عادة إلى ازدياد الأمور سوءاً. إن كنت تظن أنك مصاب بالاضطراب ثنائي القطب، وتواجه صعوبات في حياتك، فعليك استشارة من يعرف أكثر. فالصحة العقلية ثمينة، وبالتالي تستحق العناية والانتباه.

مشاركة :