الحرف الشعبية في الأحساء تولدت عن حضارات سحيقة ومتعاقبة

  • 1/28/2014
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

عرفت الأحساء منذ قديم الزمن بتعدد الحرف اليدوية وتنوع الصناعات التقليدية لتعاقب الحضارات عليها ولكثرة النخيل فيها التي كانت ولاتزال مصدر الخير سواء في الغذاء أو توفير المادة الخام للكثير من الصناعات المحلية التي تستمد منها أدواتها ومكوناتها المختلفة وقد شكلت الحرف أمانا وغنى للوطن والمواطن ووفرت له متطلباته من الأدوات المتعددة التي يحتاجها في حياته المعيشية. الاهتمام بالحرف كان لمهرجان الجنادرية فضل كبير في إحياء التراث الشعبي بوجه عام والعناية به ودعم الحرف الشعبية وتشجيع ممارسيها كما كان للهيئة العامة للسياحة والآثار دور بارز في الاهتمام بالحرف اليدوية ودعم أصحابها وتشجيعهم على ممارستها وإقامة الأسواق التراثية لهم في إطار اهتمامها بالتراث الوطني ومساندة الجهود الرامية للمحافظة عليه وتوظيفه كرافد من روافد السياحة وإنشاء معاهد متخصصة للحرفيين يتلقى فيها المتدربون دورات تدريبية في الحرف لما تحظى به منتجاتها من الإقبال واتخاذها تجارة دولية مهمة وجاءت موافقة مجلس الوزراء في 2/6/1433هـ على الاستراتيجية الوطنية لتنمية الحرف والصناعات اليدوية لتكمل منظومة هذا الاهتمام وقد اشتهرت الأحساء بتنوع الحرف وكثرتها التي لا نظير لها في منطقة أخرى من مناطق المملكة ومنها الحدادة والصفارة وصناعة الفخار والمشالح والنسيج والحصير والقفاصة والخوصيات والطبول والدفوف والحياكة والتجليد والنجارة وفتل الحبال والندافة والصياغة والخرازة والعطارة والمأكولات الشعبية وغيرها وكانت تلك الحرف في الماضي مصدر الرزق للحرفيين وذويهم وكان ما ينتجه الحرفي من صناعة كافيا للمجتمع الذي يعيش فيه. ترابط الحرفيين يقول الباحث محمد بن إبراهيم الميمان: الحرف التقليدية في الزمن الماضي كانت مرتبطة ببعض لأن الحرفيين يتعاونون فيما بينهم ويساعد بعضهم الآخر لارتباط الحرف فيما بينها ولحاجة الحرفة إلى الأخرى لاستكمال بنائها فالنجار يحتاج للخراز والحداد يحتاج للنجار والصائغ يحتاج للحداد ومن ذلك مثلا احتياج السيور الجلدية لبعض المصنوعات الخشبية واحتياج النجار إلى بعض المصنوعات الحديدية لاستكمال صناعته. ويؤكد الميمان بأن مجتمع الحرفيين متماسك ومتعاون ويسد حاجة بعضه بعضا حيث يقوم الحرفيون سويا بإنتاج ما يحتاجه البيت الشعبي في عصرهم من أخشاب وأعمدة وأبواب ونوافذ ومقاعد وقرب ومراكي وأواني وخلافها وما تحتاجه الفلاحة من أدوات مختلفة. ازدهار الحرف أما اليوم فقد ازدهرت بعض الصناعات الشعبية وأصبحت صناعات حديثة تسير مع التطور الحضاري والصناعي لبلادنا ومنها الصناعات الخشبية حيث تطورت إلى صناعة الأثاث المنزلي والمكتبي عبر مناجر حديثة كما تطورت صناعة المنسوجات والصناعات القطنية والجلدية والحديدية والنحاسية والفخارية وكذلك حرفة الصياغة حيث أنشئت مصانع للذهب والجواهر تصنع الأشكال البديعة المطعمة بالجواهر في مختلف مدن المملكة وقد تم إنشاء المصانع الحديثة والمؤسسات التجارية من أجل تلك الحرف التي واكبت الحضارة وأصبحت صناعات يتم الإشراف عليها من قبل وزارة التجارة والصناعة حتى وصلت المصانع إلى المئات والفائض من صناعاتها يصدر للخارج. مجمع للحرفيين من منطلق اهتمام أمانة الأحساء بالحرفيين تقوم حاليا بإنشاء مجمع لهم بمدينة الهفوف بمبلغ 6 ملايين و500 ألف ريال بهدف دعم الصناعات الحرفية وتأمين البيئة المناسبة للحرفيين وتسويق أعمالهم ويعد معلما معماريا ومقصدا سياحيا مهما في المنطقة كما يجد الحرفيون اهتماما من خلال سوق هجر التراثي المقام في قصر إبراهيم الأثري ومهرجان صيف الأحساء ومهرجان ريف الأحساء السياحي. تميز من جانبهن، عبرت مجموعة من الحرفيات في الأحساء عن سعادتهن بالمشاركة في المهرجانات الوطنية لأنها المعول في تسويق منتجاتهن التقليدية وتحقيق ريع جيد منها مما يجعلهن ينتظرنها بشغفٍ وترقب وتمنين زيادة عدد الحرفيات في المهرجانات نظرا لكثرتهن في الأحساء بما لا يوجد له نظير في جميع مناطق المملكة. وفي لقاءات سريعة لهن مع «عكاظ» قالت العجافة أحلام الحميد (25 سنة): أمارس هذه الحرفة منذ 12 سنة وأجيد استعمال الزينة بالطريقة القديمة والحديثة ويقبل على بيتي عدد كبير من النساء والفتيات لتزيينهن لمناسبات الأعياد والأعراس والخطوبة. وقالت حسينة المنسف (30 سنة): بدأت ممارسة حرفتي منذ أن كان عمري 18 سنة وتعلمتها من خلال هواية الرسم التي أمارسها منذ الصغر وأجيد نقش الحناء بمختلف الأشكال وأحاكي أي نموذج يقدم لي من أي امرأة بدقة ومهارة فنية ويقبل علي الكثير من الفتيات والنساء وقد شاركت في مهرجانات عديدة داخل المملكة وخارجها. وتشير «مدينة المريحل» التي تشتغل بالخوصيات إلى أنها تمارس هذه الحرفة منذ أن كان عمرها 10 سنوات وقد اكتسبتها من أجدادها وعلمتها لابنها حسين الحميد البالغ من العمر (40 سنة) والذي لايزال يحترفها وتصنع من هذه الحرفة الأوعية ومفارش السفرة والمخرف والقبعة والحصير والمروحة اليدوية والمنسف والزبيل وتبيع منتجاتها في الأسواق الشعبية وتشارك بها في المهرجانات التراثية. أما رباب الحميد (20 سنة) والتي تصنع خبز المسح أي الرقاق تقول: «مارست هذه الحرفة المحببة إلى نفسي منذ أن بلغت سن 7 سنوات وقد تعلمتها من والدتي التي لاتزال تمارسها في المنزل وتشارك بها في المهرجانات الوطنية»، مؤكدة بأن الزبائن لا ينقطعون عنها من مختلف محافظات المنطقة الشرقية وخاصة في شهر رمضان المبارك الذي يكثر فيه صنع الثريد وتبيع الخبزة الواحدة بريالٍ واحد وتصنعها من الطحين والماء والملح والسكر أو بحشوات البيض والبقل واللبنة والجبن وذلك حسب الطلب، لافتة إلى أنها شاركت بهذه الحرفة مع والدتها في مهرجانٍ أقيم في لندن ولقيت إعجاب الزوار.

مشاركة :