قال لـ "الاقتصادية" الدكتور عبدالوهاب السعدون، الأمين العام للاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات "جبيكا" إن الاتفاقية التي وقعتها "أرامكو السعودية" و"سابك"، المتعلقة بدراسة الجدوى الاقتصادية لتحويل البترول الخام إلى منتجات كيماوية، ستكون بوابة لإيجاد توازن أكبر في المنتجات الأساسية (وحدات البناء)، الذي بدوره سيوفر أرضية لإقامة صناعات تحويلية جديدة تصبح عامل جذب لكثير من الصناعات التحويلية غير الموجودة في السعودية؛ كصناعة السيارات والمواد الصيدلانية وغيرها من الصناعات التي تحقق قيمة إضافية عالية، والتي بدورها توجد عديدا من فرص العمل. وأوضح السعدون أن شركات عالمية كشركة إكسون موبيل استثمرت في إقامة مشروع مماثل في سنغافورة، وإن كان بحجم أصغر بكثير مما تخطط له "سابك" و"أرامكو السعودية"، اللتان تخططان لإقامة مشروع سيعد الأكبر عالميا، وباستثمارات ضخمة تقدر بنحو 30 مليار دولار. وأوضح أن الخطوة ستكون بمنزلة نقلة نوعية في استراتيجية السعودية لتنويع قاعدة المنتجات في صناعة البتروكيماويات، بحكم أن هذه الصناعة تتسم بكونها معتمدة على الغاز وسوائله، الذي ينتج عنه محدودية في المنتجات الأساسية التي تنتجها الصناعة، والذي بدوره يعكس عدم التوازن في سلاسل الإنتاج. ونوه بأن عملية تحويل البترول الخام إلى منتجات كيماوية من الناحية التقنية ممكنة، ولكن تبقى عملية الجدوى الاقتصادية للمشروع التي تتحكم فيها عوامل كثيرة من بينها أسعار النفط. وتابع أنه بالنسبة للسعودية فإن المشروع يعد خطوة نوعية نحو تنويع قاعدة المنتجات الأساسية، إضافة إلى سد الشح في إمدادات الغاز، الذي يعد مطلوبا كوقود لتوليد الكهرباء والصناعات المعدنية وتحلية المياه، التي لها أهمية استراتيجية بحكم التوسع السكاني والحضري في السعودية، بما سيخفف العبء على الطلب على الغاز الذي يمكن أن يستخدم لإقامة كثير من الصناعات في السعودية. وأضاف الدكتور السعدون، أن المشروع سيكون له انعكاس إيجابي للغاية على قطاع البتروكيماويات، حيث سيتيح فرصة للتوسع في قاعدة المنتجات الأساسية وتحديدا المنتجات العطرية، مشيراً إلى أن المشروع سيحدث وفرة في هذه المنتجات، أما الناحية الإيجابية الأخرى فإن السعودية، بحكم ما هو معلوم أنها تمتلك أكبر مخزون من احتياطيات البترول على مستوى العالم، فهذا يشكل نوعا من الاستمرارية والموثوقية بإمدادات مدخلات الإنتاج للصناعات البتروكيماوية، مضيفا أنه سيكون لها انعكاس إيجابي على النمو المستدام للصناعات البتروكيماوية في السعودية خلال السنوات المقبلة، التي تعد اليوم أحد مراكز الثقل في صناعة البتروكيماويات العالمية. من جانبه، قال لـ "الاقتصادية" المهندس عبدالله الربيعان رئيس اللجنة الوطنية للتجمعات الصناعية، إن القائمين على القطاع الصناعي في السعودية ظلوا منذ سنوات عديدة يطالبون بضرورة تأسيس تعاون قوي بين "أرامكو" و"سابك" من أجل دعم القطاع الصناعي، وقد تحقق ذلك بالفعل بعد الإعلان عن الاتفاقية بين الشركتين، الأمر الذي سيكون انعكاسه إيجابياً على القطاع. وشدد الربيعان على أن المشروع سيدعم صناعات تحويلية مهمة ستحقق عوائد اقتصادية جدية للاقتصاد السعودي، خاصة أن المشروع يعزز من فعالية استغلال الموارد، فضلا عن تنويع مواد اللقيم المستخدمة في صناعة البتروكيماويات. وأشار إلى وجود تغييرات ومبررات اقتصادية محلية وعالمية دفعت كلا من "أرامكو" و"سابك" للإقدام على إعداد دراسة الجدوى الاقتصادية لهذا المشروع، خاصة أن السعودية ظلت دوما تبحث عن مصادر أخري لدعم قطاع الصناعة في ظل التحديات التي تواجهها لتوفير الغاز والتكلفة المتوقعة لإنتاجه، ما جعل الشركتين تبحثان عن لقيم آخر، لذا جاء التوجه لتحويل البترول إلى منتجات كيماوية. ولفت إلى أن تزايد إنتاج النفط الصخري، علاوة على تزايد استهلاك الوقود يعدان من التحديات الاقتصادية المستقبلية، التي وضعتها كل من الشركتين في الحسبان، من أجل دعم اقتصاد السعودية، خصوصا قطاع الصناعة. ونوه بأن المشروع بالتأكيد أخضع لدراسة عميقة من قبل الشركتين، من أجل التوسع في هذا المجال وتحقيق فائدة اقتصادية تدعم خطط واستراتيجية "رؤية السعودية 2030" في الاستفادة من الموارد الطبيعية، والتوجه نحو الصناعات التحويلية عبر توسيع قاعدة الاستثمار والصناعة في السعودية. بينما أكد لـ "الاقتصادية" المهندس سعد المعجل رئيس اللجنة الوطنية الصناعية في مجلس الغرف السعودية، أن القطاع الخاص بحاجة إلى كل خطوة استراتيجية تسهم في توفير المواد الخام للصناعة، آملا أن يحقق ذلك بعد توقيع الاتفاقية بين "أرامكو" و"سابك"، حيث كانت مطالبة الصناعيين منذ مدة طويلة بضرورة الاتجاه والاستثمار في صناعة المنتجات الكيماوية. ولفت المعجل إلى أن السعودية تصدر البترول الخام لعدد كبير من دول العالم بأسعار منافسة وعالمية، فإن باستطاعة السعودية تحويل البترول الخام إلى منتجات كيماوية، وتحويل الغاز إلى غاز مسال. هذه الخطوة تعد البنية الأساسية للصناعات البتروكيماوية. وشدد على أهمية أن يفتح المجال لجميع الشركات الأخرى للاستفادة من هذا المشروع بجانب "أرامكو" و"سابك"، ووجوب استخدام البترول وفق الأسعار العالمية لإنتاج الغاز، وأن يكون المجال مفتوحا لجميع الشركات للاستثمار في هذا المجال. وكانت "أرامكو السعودية" و"سابك"، قد وقعتا اتفاقاً مبدئياً لإنشاء مجمع متكامل لتحويل النفط الخام إلى منتجات كيماوية في السعودية، انسجاماً مع "رؤية السعودية 2030"، حيث سيتم تحويل النفط الخام إلى كيماويات بالاعتماد على تقنيات مطورة، مستمدة من عمليات التكرير التي أثبتت جدواها في كفاءة التشغيل.
مشاركة :