«إن العيد في حقيقته عيـد القلب، فإن لم تملأ القلوب المسرة، ولم يترعها الرضا، ولم تعمها الفرحة، كان العيد مجرد رقم على التقويم». علي الطنطاوي. ساعات قليلة تفصلنا عن عيد الفطر السعيد، أعاده الله علينا وعليكم باليمن والبركات، وهذه فرصة للتسامح وطي صفحة الماضي وبداية صفحة جديدة، ولأن الحياة قصيرة لا تستحق الحقد والحسد على أحد. وصدق الشاعر حين قال: من اليوم تعارفنا... ونطوي ما جرى منا فلا كان ولا صار... ولا قلتم ولا قلنا وإن كان ولا بد... من العتب فبالحسنى فقد قيل لنا عنكم... كما قيل لكم عنا كفى ما كان من هجر... فقد ذقتم وقد ذقنا فما أحسن أن نرجع... إلى الوصل كما كنا والأعياد لدينا جعلت لنشر الفرح والسرور، وهذا هو جوهر جمال العيد. فعيد الفطر، هو شكر لله عز وجل على الصيام. وعيد الأضحى، شكر لله عز وجل على التوفيق بالحج. وحب الجمال موجود في الفطر الإنسانية، وتجد أن الطبع والشرع اجتمعا على ذلك، وأن الجمال من مقاصد شرع ديننا الحنيف، ودلت على ذلك الآيات والأحاديث النبوية الشريفة. وأيام العيد هي أيام سعادة وفرح وجمال وتسامح، وهي أيام الزينة للكبار والصغار... والأطفال الصغار هم من أمهر صناع الفرح والجمال في العيد، وكم هو محزن أن نجد من يذكرنا بالمآسي والآلام في أيام العيد وهي أيام فرح. العيد يا سادة لم يكن لذلك أبداً، وإنما هو من أجل الفرح والسرور وإدخال السعادة على نفوس الآخرين. ومن لا يعرف كيف يكون يحس بالسعادة فليتعلم من الأطفال، فهم خير سفراء للسعادة. الإنسان يعيش فرحة العيد حين يشعر بالفرح في داخله، والسرور يكون بادياً على وجهه، وصدق من قال قسمات وجه المرء انعكاس لدواخله، ومن حق أبنائك عليك والأقربين أن يسمعوا منك كلاماً طيباً لا يعكر عليهم عيدهم وفرحهم. ويقول ابن بطال: «جعل الله من فِطر الناس محبة الكلمة الطيبة والأنس بها، كما جعل فيهم الارتياحَ بالمنظر الأنيق والمعين الصافي وإن كان لا يملكه ولا يشربه». نعم الانسان يسعد بالمنظر الحسن الجميل، ولأن الله فطر النفوس على الإحساس بالجمال. وفي العيد إذا أردنا أن نتعلم صناعة الجمال وفلسفته نتعلمه من الأطفال. ويا لتنا كانت نفوس الكبار مثل الصغار، وبسبب البرءاة التي في قلوبهم، فهم سريعو الغضب والرضا. يبكون وبعد دقائق يضحكون، على عكس الكبار الذين يتذكرون الإساءات حتى بعد سنين ومن الصعب أن يسامحوا، حتى أنك تقابل بعض هؤلاء بكل حب ولا تجد إلا الجحود والصد والنكران. ويقول عنهم الطنطاوي «مسكين جداً أنت حين تظن أن الكُره يجعلك أقوى، وأن الحقد يجعلك أذكى وأن القسوة والجفاف هي ما تجعلك إنساناً محترماً»!. إذاً الأطفال هم من أمهر صناع الفرحة والابتسامة على الإطلاق، وأمام ضحكاتهم وابتساماتهم لا يسعك إلا أن ترمي الأحزان خلف ظهرك. وأمام هذه الابتسامات الصادقة ينحني أكبر وأقوى الرجال. وصدق العقاد حين قال «إن الحزن هو طبيعة النفس البشرية، والفرح طارئ عليها، لذا كانت الابتسامة صناعة شيء ضد طباع النفس». لنتعلم الابتسامة مثل الاطفال حتى نسعد أنفسنا ومن حولنا، ولنتخلص من ضغوط الحياة اليومية، لنزيل آثار القلق والتوتر بالفرح. وقد علمنا الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، عندما قال: «تبسمك في وجه أخيك صدقة». وقال: «لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق»... علينا أن نفرح ونبتسم لأنفسنا أولاً وللآخرين ثانياً، للوالدين والأطفال وكل من نلقاه. akandary@gmail.com
مشاركة :