العنف الخفي والعنف بالإنابة

  • 7/4/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

عندما يقتل الأبناء ذويهم، فإنه يجب أن تكون لنا وقفه مع هذه الصورة السوداء من الأفكار/ والأخلاق/ والسلوك، هذا المثلث الذي يجب رصده دائماً، وبشكل موضوعي بعيداً عن العواطف والانتماءات الفكرية، حيث تشكل هذه الظواهر العنيفة مرحلة مهمه في التاريخ الاجتماعي السعودي.  إن إضطراب الوسط السياسي في المشهد العربي الذي دفعت اليه المملكة بشكل تلقائي أو ممنهج يتسرب وبشكل تلقائي أيضاً الى الوسط الاجتماعي أي الى -الافراد -ويكون هذا الإضطراب أكثر سيوله لدى فئة الشباب الصغير في العمر كونهم ذو أساس مضطرب فيزيولوجيا وعاطفياً بسبب فترة المراهقة والبلوغ، فيعبر هذا الإضطراب السياسي عن نفسه لدى الشباب على شكل -إضطراب عاطفي-، لا فكري، بسبب الكم الكبير من مشاهد الاقتتال والقتل في دولنا العربية. والمتتبع لطرائق الجماعات التكفيرية في استمالت الشباب الصغير سيجد أن البوابة العاطفية هي الأكثر استخدام ، وعلى هذا الأساس أجدني أقف كثيراً عند المقاطع  الدموية  الذي يحملها الاعلام الجديد في محتواه، والذي يوسع من دائرة الاضطراب العاطفي لدى الصغار، ومن خلال تتبع المهتمين بهذا المحتوى في الاعلام الجديد نجد أنهم فئة تعمل دائما على محتوى طائفي وعنصري نابع من إيديولوجيا دينية أو سياسية، ولهم حضور وحراك طبيعي في المجتمع ، وعن قصد أو غير قصد يقوم هؤلاء بإنتاج مزيد من  الكراهية  تحت أسم الايدولوجيا ،والذي يؤدي الى عنف يمكن أن تستغله الجماعات التكفيرية بتشريعه بوصفه مقبولاً للتداول . بالتأكيد أن العنف التي تزاوله الجماعات والميلشيات السنية، والشيعية هو عنف غير مبرر، لكن ما هو مؤكد أن إبراز، ونقل، وتداول مشاهد العنف وإغراقها بمزيد من الكراهية هو عنف بالإنابة. تتناسل الأسئلة بعد هذه النظرة لمقاطع العنف والاقتتال الديني والسياسي المتداولة في المنطقة، فيكون السؤال الأول هل سيسهم حجب هذه المقاطع الواقعه فعلاً الى التقليل من التأثير العاطفي الذي يولد الكره ومن ثم العنف ؟!  وهل حجب هذه المقاطع هو حجب للحقيقة التي تمارس نفسها في دوائر الصراع ؟!  أي أن حجبها هو تعتيم وتغييب للعامة ؟! لا أكاد أجزم بأن الحجب ومراقبة تداول هذه المقاطع ستخفف من الاضطراب والغليان في المنطقة، لكن ما أكد أجزم به هو أن يجب التوقف من تغليف هذه المقاطع بمزيد من الكراهية، والطائفية والتي يمكن لها أن تعزز من اتساع دائرة الاضطراب. وللأسف عالماً العربي والإسلامي يرجع للوراء تحت مؤثر داخلي أو خارجي الى بعد تاريخي قديم كانت تجز فيه الرؤوس، وتعذب الأجساد تحت وازع هو بعيد عن القيمة الأخلاقية للإسلام الحق. يبدو أن دفع الشباب السعودي الى هوية الأمة الإسلامية يفرض عليهم المشاركة في الصراعات التي تدور حولنا في العراق وسوريا، بشكل يستوجب الوقوف عند إستغلال هذه الهوية من البعض، وأنا أتكلم هنا عن ممارسة الدعاية الدينية التي تزج بالشباب بشكل مباشر أو غير مباشر في الإشكالات الطائفية، وصحيح أننا نتشارك اللغة، والدين مع اشقائنا العرب لكن لا يعني ذلك أن يتم إقحامنا في مشاكلهم الداخلية وصراعاتهم الطائفية، فمن الأفضل إعلاء الهوية الوطنية التي يحاربها اليوم أصحاب الفكر الاممي. وأن يتم إفهام الشباب بأن تدخل السلطة في مناطق الصراع، كالعراق، وسوريا، وليبيا، إنما هو تدخل وفق أطر سياسية ودبلوماسية تحكمها الأعراف والقوانين الدولية. وللأسف يبدو أننا لا بد أن نعي بأن العنف بدء في تحوله من الشكل السياسي والطائفي الى المستوى الإنساني الذي يقتل فيه الابن امه واخوه وقرابته.

مشاركة :