لاحظ تجار عراقيون انتشار السلع والبضائع الإيرانية في معظم المحال التجارية، ما بات يشكل ظاهرة لافتة بالنسبة إلى مراقبي النشاط التجاري، فيما دعا متخصصون إلى درس هذه الظاهرة والوقوف على أسبابها وانعكاساتها على مستقبل الصناعة المحلية. وتحدث رئيس اتحاد رجال الأعمال العراقيين راغب بليبل إلى «الحياة»، عن الجوانب «السلبية» التي يمثلها انتشار السلع الأجنبية لا سيما منها الإيرانية، مشدداً على ضرورة «البحث في الأسباب وإمكان اتخاذ تدابير لنهضة الصناعة الوطنية مجدداً، وتشريع القوانين الداعمة لها». وأشار إلى أن خبراء في السوق التجارية المحلية «يعدّون دراسة للسوق العراقية مكرّسة لهذه الظاهرة التي تمس الصناعة الوطنية، لجهة الأخطار التي تهدد حاضرها ومستقبلها». واعتبر أن «وزارة التجارة هي المعنية بالدرجة الأولى بنشاط السوق المحلية، وعليها تحديد الأسباب التي تحول دون توافر المنافسة القوية للبضاعة العراقية مع مثيلاتها الأجنبية وتحديداً الإيرانية». وقال: «لا نبغي الانغلاق وعدم التفاعل مع الأسواق غير العراقية، لكن ليس على حساب فرص تنمية الصناعة الوطنية، وفقاً لسياقات المنافسة والتشديد على تطوير النوعية وتحسينها». وعزا بليبل إغراق السوق بالسلع الأجنبية إلى «غياب الدعم للصناعة الوطنية، إذ لو توافرت المنتجات العراقية ضمن مواصفات الجودة المطلوبة لكان الأمر اختلف، لجهة تشجيع المواطن العراقي على شراء المنتج المحلي الذي أدى تراجعه إلى خسائر كبيرة في الإنتاج الوطني، بحيث لم يعد يشكل سوى 8 في المئة من المعروض السلعي في السوق». وأوضح أن التجار العراقيين يستفيدون من قرب «المسافة بين العراق وإيران لعقد صفقاتهم التجارية وسهولة متابعتها عبر المنافذ بين البلدين وهي تزيد على خمسة رسمية إضافة إلى المنافذ غير الرسمية». ورأى رئيس اتحاد الصناعات العراقي علي صبيح، أن السلع المستوردة سواء كانت إيرانية أو غيرها «أثرت سلباً في المنتج العراقي، بسبب غياب الدعم وقوانين الحماية». واستغرب «تشدد الجهات الرقابية العراقية مع المنتج الوطني وتساهلها مع الأجنبي». ولاحظ أن السلع الإيرانية «غير متساوية في الجودة»، لافتاً إلى أن معظم المنتجات الأجنبية التي تدخل إلى العراق «ليست بالمستوى المطلوب، لأن منتجيها ومستورديها يسعون إلى الربح السريع والسيطرة على السوق المحلية ولا تهمهم النوعية». وقال الناطق باسم وزارة التخطيط العراقية عبد الزهرة الهنداوي، أن «الاستيراد يتم بطلب من طرف إلى آخر»، موضحاً أن «دور الوزارة في العملية ينحصر بفحص البضائع الداخلة إلى السوق». وأشار إلى أن الوزارة «أبرمت مذكرة تفاهم مع إيران في شأن الفحص تتضمن الاعتراف المتبادل، علماً أن ذلك الإجراء يطبق أيضاً مع دول مجاورة أخرى». وأعلن الهنداوي أن «لا مؤشرات دقيقة تدل على أن السلع الإيرانية هي الأكثر انتشاراً في السوق، على رغم أن المعطيات المتوافرة تفيد بذلك». ولفت إلى وجود «فرق من وزارات الصحة والداخلية والتجارة والزراعة فضلاً عن الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية على المنافذ الحدودية». وفي ضوء تزايد الحديث عن ظاهرة الانتشار الكثيف للسلع الإيرانية في السوق العراقية، أوضح مدير الإعلام في السفارة الإيرانية في بغداد أمير الشاهر في وقت سابق، أن هذه السلع «موجودة في العراق منذ مدة طويلة وليست وليدة اليوم». واعتبر أن «حاجة العراق الملحة لمختلف البضائع المستوردة، شجع دولاً كثيرة على الاستفادة من ذلك وليس فقط إيران». وقال إن حجم التبادل التجاري بين إيران والعراق «يزداد سنوياً في شكل مطرد، وصل إلى نحو 12 بليون دولار نهاية عام 2015». وتوقع خبراء اقتصاد أن «يزداد حجم هذا التبادل بسبب تشغيل خط الغاز الإيراني، لأن الزيادة ستكون مقرونة بمبيعات الغاز إلى العراق». ويستورد العراق منتجات إيرانية كثيرة، من بينها الزراعية والغذائية والسيارات والأجهزة الكهربائية، فضلاً عن التيار الكهربائي عبر خطي البصرة وديالى. فيما تفيد معلومات من مصادر معنية، بأن صناعيين عراقيين أنشأوا بمعاونة نظرائهم الإيرانيين مصانع قريبة من الحدود العراقية، وتسوّق منتجاتها حصراً في السوق العراقية.
مشاركة :