جعل نايغل فاراج من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي حلم حياته، و اليوم (الإثنين) استقال من رئاسة حزب «يوكيب» المعادي للهجرة ولأوروبا معتبراً أنه أنجز مهمته بعد الاستفتاء الذي قرر فيه البريطانيون الانسحاب. وكان خروج بريطانيا من أوروبا حلماً راود الوسيط السابق في البورصة البالغ من العمر 52 عاماً منذ أن أنشأ «حزب استقلال المملكة المتحدة» (يوكيب) في العام 1993. وقال لوكالة أثناء الحملة التي سبقت استفتاء 23 حزيران (يونيو) الماضي «كل ما تمكنت من القيام به في السياسة يدور حول هذا الاستفتاء، كل شيء إطلاقاً». وتكلل نتيجة الاستفتاء مسار هذا السياسي المعادي منذ البدء للاتحاد الأوروبي، بعد ما أمضى حياته السياسية يندد بالمؤسسات الأوروبية. وهو فشل ست مرات في الفوز بمقعد نيابي في البرلمان البريطاني، لاعتباره شخصية مثيرة للشقاق، لا بل عنصرياً بنظر البعض. وعوض عن ذلك بالفوز بمقعد في البرلمان الأوروبي يشغله منذ العام 1999 من دون انقطاع. ومن ستراسبورغ التي يحب التوجه إليها في السيارة، والتوقف على طريقه عند ساحات المعارك في الحربين العالميتين، يوجه النائب الأوروبي منذ حوالى 20 عاماً هجماته، مستهدفاً نظاماً «فاسداً» و«معادياً للديموقراطية». وهناك قال ذات يوم لرئيس المجلس الأوروبي هرمان فان رومبوي «اسمح لي، لكن من تكون أنت؟ جاذبيتك لا تتعدى جاذبية ممسحة مبلولة بالماء». ولد فاراج في 3 نيسان (أبريل) 1964 في جنوب لندن، وكان في إمكانه جني «أموال طائلة» في الحي المالي من لندن حيث عمل وسيطاً في أسواق المعادن بعد إتمام دراسته في مؤسسات خاصة. غير أنه فضل خوض السياسة من أجل «إحداث فرق»، وإعطاء مغزى لحياته بعد ما لامس الموت أكثر من مرة. وكان في الـ 20 من عمره حين نجا من موت محتوم، إذ صدمته سيارة عند خروجه من حانة، ما أدى إلى بتر ساقه، وبعد بضعة أشهر، أصيب بسرطان شفي منه. وتزوج ممرضة أنجبت له ابنين، كما له ابنتان من زواج ثان مع ألمانية تدعى كيرستن ميهر. وواجه الموت للمرة الثالثة في العام 2010 في تحطم طائرة يوم الانتخابات التشريعية بعد ما اصطدمت مروحة طائرته بلافتة دعائية تجرها طائرة صغيرة لراكبين من صنع بولندي. ونجا فاراج من الحادث الذي أدى إلى إصابته بكسور في ضلوعه وثقب في إحدى رئتيه، غير أنه ما زال يعاني من تبعات، وهو لا يزال يعرج بعض الشيء. وأثبت عن طاقة لا يبديها إلا الناجين حين تولى زمام حزب «يوكيب» فكان طاغي الحضور فيه، وسرعان ما بات يختزل في شخصه الحزب، مسخراً لسانه السليط، وفارضاً جاذبيته الكبيرة على الناشطين الذين ينادونه باسمه الأول «نايغل». ويعتبر فاراج نفسه سياسياً حقيقياً قريباً من الشعب وهو بنى أسطورته متنقلاً بين الحانات حاملاً سيجارة في يد وكوب جعة في اليد الأخرى. غير أن لذلك تبعات وتشكو زوجته بانتظام بأنه «يسرف في التدخين، ويسرف في الشرب، ولا ينام بما يكفي». ولكنه قال في الآونة الأخيرة مستخفاً وهو يأخذ نفساً من سيجارته «أعتقد أن الأطباء مخطئون بالنسبة إلى مخاطر التدخين». وجاء التكريس الأول له في بريطانيا في العام 2014 حين فاز «يوكيب» في الانتخابات الأوروبية، على غرار حزب «الجبهة الوطنية» الفرنسي. غير أن صورته المثيرة للجدل وتصريحاته حول المصابين بـ «الإيدز» الذين دعا إلى منعهم من دخول بريطانيا، أبعدته عن الحملة الرسمية، ولكن ذلك لم يؤثر عليه، بل خاض حملته الخاصة وظل يستأثر بالأضواء بواسطة أعمال لافتة، كما حين أبحر في نهر تايمز على رأس أسطول من مراكب الصيد، لا يضاهيه في هذا المجال سوى بوريس جونسون. وواصل إثارة السجالات بلافتات حملته، مستغلاً من أجل ذلك موضوع الهجرة، إلى درجة تبعث على الاشمئزاز بحسب منتقديه، لكنها مهما يكن قادته إلى النصر.
مشاركة :