في عالمٍ ازدادت فيه الضغوط على الإنسان، وبات كُلٍ منا يشعر بأن عليه العمل لساعات طويلة حتى يتسنّى له أن يحيا حياة كريمة، ويستطيع أن يواكب الاحتياجات التي تخلقها له الشركات الرأسمالية كل يوم، يتحوّل الإنسان من شخص يعمل حتى يعيش، إلى شخص يعيش لكي يعمل؛ ومِن هُنا تبدأ المشكلة. كثيرة تُنشَر كُل يوم مفادها أن العمل يؤثر على صحتنا الجسدية والنفسية، وبالتالي على علاقاتنا الاجتماعية، وفي النهاية تتأثر حياتنا بالسلب نتيجة لكل هذه التغيُّرات، التي ما إن يدخل الإنسان في دوامتها، يصعُب عليه التخلُّص من المشكلة، ويقضي حياته في توتر وقلق، حتى يبدأ في التفكير في أخذ خطوات جديّة للموازنة بين حياته العملية والشخصية، ويبدأ في عيش حياةٍ صحيّة. فيما يلي، نستعرض معكم 7 من أشهر الأعراض النفسيّة المُرتبطة بالعمل، التي تتسبب غالباً في المشاكل، ومحاولة عرض حلول بسيطة للتغلُّب عليها. 1- القلق من أكثر الأعراض النفسيّة انتشاراً على كل مستويات العمل. تقضي كموظف وقتاً طويلاً جداً في العمل، وليست لديك مساحة من الحرية في ما تقوم بإنجازه داخل المؤسسة، ودائماً ما تقوم باستكمال أعمال مُعلّقة بسبب زملائك، فُيُصبح وجودك في العمل مُرتبطاً دائماً "بالكَم" الذي يتم إنجازه.. كُل هذه العناصر تُعد من أهم مُسببات القلق. الحل: تحدّث مع مديرك، واطلب منه بصراحة تمرير المسؤولية، والاعتماد عليك في أن تخطط أولوياتك بنفسك، وأن تُحَدد لك مهام عملك بكل وضوح حتى لا تضطر إلى إنهاء عمل الآخرين. 2- الانعزال تعمل في بيئة عمل وكأنك على جزيرة مُنعزلة، وإذا طلبت المُساعدة من أحد فلن تُقدم إليك، وليس لديك مُتنفس للتهوين على نفسك. مؤسسات العمل التي يعاني موظفيها من سوء التواصل مع مديرهم أو مع زملائهم هي الأسوأ على الإطلاق، ولا يُمكن أبداً أن تنتظر منهم أن يُنجزوا مهامهم بإبداع واختلاف، إلا إذا كانوا يتلقّون الدعم العاطفي اللازم من زملائهم، والدعم العملي من المُديرين. الحل: حاول أن تخلق علاقات خارج العمل مع زملائك، حتى تتآلفوا في بيئة العمل. كُن مُحدداً وواضحاً فيما تُريد، وإذا كنت لا تستطيع أن تقنع مديرك بأن يُقدِّم المُساعدة اللازمة إليك، فتواجدك حينما يتم اتخاذ قرار يخصك، حتماً سيُقلل من حِدة المُشكلة. 3- الإحباط هل تبذل مجهوداً فوق المطلوب؟ وهل تجعل مديرك يشعر بالفخر؟ كُل هذا دون ترقية أو علاوة، ولا حتى كلمة واحدة من الشُكر أو الامتنان من مديرك؟ إن كان هذا هو حالك، فاعلم أنك مٌعرّض للإحباط أكثر من غيرك من زملاءك في العمل، خاصة إذا كان سنك صغيراً وتحتاج لمن يُبدي رأيه في عملك. الحل: تكلّم مع مديرك عمّا تشعر به من عدم تقدير. حاول مناقشة أهدافك العملية معه، حتى وإن لم تحصل على ما تريد في التو واللحظة، فإن ذلك قد يجعل مُديرك يضع ذلك في عين الاعتبار. 4- الكَدح العاطفي إذا كنت تعمل في خدمة العُملاء أو في المبيعات، فحتماً سيصيبك ما يسميه العلماء "الكدح العاطفي"، والذي ينتج من الانفصال بين ما تشعر به، وبين ما عليك أن تبدو عليه، ويحدث ذلك حينما تُقابل عميلاً مُتطلباً، أو يستخدم بعض الكلمات الجارحة، ويكون عليك أن تُقابل الفظاظة بصدر رحب وابتسامة لا تُفارق وجهك. الحَل: اسأل مُديرك عن كيف تستطيع أن تتعامل باحترافية، ورُبّما دورات تدريبية تُساعدك على تأدية عملك بدون التعرَّض لأذى لفظي أو معنوي. 5- التوتُّر بفضل التكنولوجيا والهواتف المحمولة، أصبح بإمكان مُديرك أن يتعقبك ويتوصّل إليك في أي وقت يُريد، مما يجعلك مُتصلاً بالعمل في أي وقت، ويُبدد حياتك الخاصة والاجتماعية. الحَل: حدد وقتاً مُعيناً تنفصل فيه عن كل ما هو الكتروني، مثلاً من بعد عودتك إلى المنزل، إلى ما قبل نزولك في اليوم التالي، حتى تستطيع أن تصفّي رأسك من مشكلات العمل. 6- الإجهاد هل تعمل لساعات طويلة دون أوقات راحة؟ إذاً، فالإجهاد الذهني والجسدي سيكون رفيق حياتك، وستشعر أن إنجازك لعملك يقل تدريجياً ولا تصبح قادراً على العمل، خاصًة إذا كنت في بيئة عمل تتصف بكثرة الكلام والمُشاحنات. الحل: تكلّم مع مُديرك، وصارحه برغبتك في الحصول على إجازة لبضعة أيام بغرض الاسترخاء من ضغط العمل، أو حتى برغبتك في أن تُغيّر مواعيد عملك أومن مكان جلوسك في المكتب، كُل هذا سيساعدك على شحن طاقتك واستعادة تركيزك مرة أخرى. 7- ضحية التسلُّط رُبما يجعلك مُديرك تعمل حتى وقت متأخر، ويُكلِّفك بمهام يستحيل إنجازها، ووقت مُحدد لا يكفي لأن تُنجز نصف ما عليك إنجازه، ويُعاملك أنت وزملاءك كأطفال في المدرسة دون وضع أدنى اعتبار لرغباتكم، فقط لأنه يستطيع، فقد يؤثر كل هذا عليك بالسلب، خاصة إذا شعرت أنه لا حيلة لك وليس لديك ما تقوم بفعله حتى تحمي نفسك من تسلّط واستبداد مُديرك. الحل: توقف عن الاستمتاع بدور الضحية، واتخذ خطوات واضحة أنت وزملاءك لمواجهته كمجموعة، وإن لم يتغير شيء، فعليكم البدء في رفع شكاوى ضده إلى مديره أو إلى إدارة الموارد البشرية. قد تبدو هذه الأعراض النفسية للبعض أمراً بسيطاً ويُمكن التغلُّب عليه بسهولة، إلا إنها للأسف قد تتعدي كونها نفسية وتبدأ في التأثير على صحتك الجسدية، وقد تتسبب أيضاً في أمراض مُزمنة لأصحابها كالقلب والسكر الضغط. لذلك، تذكّر دائماً أن صحتك النفسية يجب أن تبقى ضمن أولوياتك، وأن عليك أن تلتفت إليها، وإلّا كانت العواقب وخيمة.
مشاركة :