لماذا التفاخر؟ - يوسف القبلان

  • 1/29/2014
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

قال تعالى: (يا أيها الناس إنا جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير). وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم فان صلة الرحم محبة في الأهل مثراة في المال منسأة في الأثر). هكذا يعلمنا الاسلام المساواة بين الناس فالقبائل لم توجد لكي تتخاصم وتتقاتل وانما وجدت للتعارف والوئام والتكافل وتكامل الجهود لما يخدم الشأن العام من الأعمال الانسانية والخيرية. أما التنافس فهو التنافس البناء في مجالات الحياة المختلفة. الاسلام يساوي بين الناس ويجعل الأكرم بينهم هو الأكثر تقوى وليس الأكثر مالا أو جاها أو المنتسب لقبيلة كذا أو كذا. انطلاقا من هذه القيم الاسلامية العظيمة فان التفاضل بين الناس يكون في الأمور الدينية، أما التفاخر الذي بدأ ينتشر وصار له ساحاته وقنواته فهو يحتاج الى ارفاق المنجزات التي تبرر التفاخر وما هي آثار هذه المنجزات على حياة الناس وهل أضافت شيئا في مجال التعليم أو الطب أو الاتصالات أو البيئة أو الحياة الاجتماعية بشكل عام. الاسلام دين العلم والايمان والبناء واذا كان بعض المسلمين غير قادرين على التخلص من بعض العادات التي كانت موجودة قبل الاسلام ومنها التفاخر بالأنساب فان من المهم أن يضع الخطاب الديني هذه القضية ضمن أولوياته، وأن يستثمر خطبة الجمعة للتوعية وحث الناس على التمسك بالدين وليس العادات المناقضة للدين. ان المشكلة التي أمامنا هي أن بعضنا يجامل العادات على حساب الدين فالدين واضح جدا في مسألة العدالة والمساواة ونبذ التعصب والعنصرية فكيف يسكت الخطاب الديني عن عادات تتعارض مع الدين وتشكل خطرا على أمن المجتمع ووحدة الوطن؟ ان هذا الموقف (الصامت) يؤثر سلبا في دور الدين الاجتماعي والتربوي ويعمل بدون قصد على جعل الدين عبادات فقط وهو أشمل من ذلك. لابد أن يتعامل الخطاب الديني مع هذه المشكلة باعتبارها من المنكرات وهنا أتساءل عن دور هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما أتساءل عن دور الثقافة والاعلام ومؤسسات التربية والتعليم، والمؤسسات الاجتماعية وما هو الدور الذي تقوم به كل تلك الجهات لتعزيز قيم المساواة والعلم والتنافس البناء في ميدان العمل والتفاخر بالإنجازات الحقيقية التي تؤثر في حياة الناس من الناحية الايجابية؟ ما هو موقفنا وماذا فعلنا تجاه هذه المشكلة الاجتماعية الخطيرة، ولماذا يتجنب البعض الحديث عن هذا الموضوع بمبرر الابتعاد عن الفتنة وفي هذا التبرير يقعون في التناقض؟

مشاركة :