حليفا بلير القديمان يعودان إلى الواجهة للدفاع عن قرار غزو العراق

  • 7/7/2016
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

عواصم أف ب، رويترز بوش لا يزال مقتنعاً بأن العالم أفضل حالاً دون صدام. فيما انتقدت صحفٌ بريطانيةٌ ردَّ توني بلير «المتعجرف» على تقرير تشيلكوت؛ جدَّد الرئيس الأمريكي السابق، جورج بوش، ورئيس وزراء أستراليا الأسبق، جون هاورد، قناعتيهما بـ «صوابية» قرار الإطاحة بصدام حسين. وأحدث التقريرُ، الخاص بالحرب على العراق، ضجةً عالميةً لدى صدوره في لندن أمس الأول مستِنداً إلى تحقيقٍ دام 7 سنوات. لكن شيئاً لم يتغيَّر بالنسبة لساسةٍ ومواطنين في بغداد؛ إذ استبعدوا تأثيراً لخُلاصات المحقِّقين رغم تضمُّنها انتقاداتٍ شديدةٍ إلى رئيس الوزراء البريطاني الأسبق. بوش لا يبدي تراجعاً وعلَّق الرئيس الأمريكي السابق، جورج بوش الابن، على خلاصات التقرير بالتأكيد على قناعته. وجاء في بيانٍ أمس الأول للمتحدث باسم بوش، فريدي فورد، أنه «على الرغم من الإخفاقات الاستخبارية والأخطاء الأخرى التي اعترف بها سابقاً؛ فإن الرئيس السابق يزال يعتقد أن العالم بأسره هو أفضل حالاً بدون صدام حسين في السلطة». وأوضح المتحدث «الرئيس بوش ممتن للغاية لعمل القوات الأمريكية والتحالف وتضحياتها خلال الحرب ضد الإرهاب، ولم يكن هناك حليف أكثر صلابة من بريطانيا بقيادة رئيس الوزراء الأسبق توني بلير». لكن فورد أقرَّ بأن بوش لم يتسنَّ له بعد قراءة تقرير لجنة التحقيق البريطانية برئاسة السير جون تشيلكوت. وفي التقرير؛ وجَّه جون شيلكوت انتقادات قاسية إلى بلير، معتبرا أن اجتياح العراق عام 2003 حدث قبل استنفاد كل الحلول السلمية، وأن خطط لندن لفترة ما بعد الحرب لم تكن مناسبة. وانتقدت اللجنة الاعتماد على معلومات ومشورة معيبة وأسس قانونية غير مرضية. وأفاد التقرير الطويل، المؤلف من 2.6 مليون كلمة، بأن بلير وعد بوش في مذكرة سرية بالوقوف إلى جانبه بخصوص الحرب «مهما حدث». وجاء في الجملة الأولى للمذكرة السرية «سأكون معك أياً كان الأمر». واعتبر السير تشيلكوت أن بلاده شاركت في الاجتياح بشكل سابق لأوانه ولم تستنفد الخيار الدبلوماسي. لكن لجنته لم تصل إلى حد وصف الحرب بـ «غير القانونية»، ما يثير خيبة أمل لدى منتقدين. كما عبَّرت عائلات بعضٍ من الجنود البريطانيين الذين قُتِلوا في العراق، وعددهم 179 من أصل 45 ألف جندي مُرسَل، عن سخطها. وأسفر الغزو وما جرى بعده من عدم استقرارٍ وصراعاتٍ بعضها طائفيّ عن مقتل 150 ألف عراقي على الأقل، معظمهم من المدنيين، حتى عام 2009، فيما تشرَّد أكثر من مليون شخص. البيت الأبيض: أوباما تعامل مع التداعيات وردَّ البيت الأبيض على التقرير قائلاً عبر متحدثٍ إن الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، كان يتعامل طوال فترة ولايته مع تداعيات قرار الغزو الذي كان يعارضه. وذكَّر المتحدث، جوش إيرنست، بأن «معارضة الرئيس للغزو معروفة وتم بحثها بكثافة»، مبلِغاً الصحفيين بقوله «الحقيقي أن الرئيس أوباما كان يتعامل مع عواقب هذا القرار طوال فترة رئاسته وسيتعين على الرئيس القادم أن يفعل ذلك أيضاً». وبعد مرور أكثر من 13 عاماً على الغزو؛ لا يزال العراق في حالةٍ من الفوضى خصوصاً مع سيطرة تنظيم «داعش» الإرهابي على أجزاءٍ كبيرةٍ من أراضيه. واعتبر إيرنست أنه يتعيَّن استخلاص الدروس من «الأخطاء» التي ارتُكِبَت في الحرب، قائلاً «من المهم تحديداً للولايات المتحدة -وأنا هنا أتحدث عن بلادنا- أن تتعلم الدروس من أخطاء الماضي». ويتطلَّع قطاعٌ من البريطانيين إلى تقديم بلير، الذي شغل منصبه بين عامي 1997 و2007، إلى محاكمة جنائية. وأتيح للجنة التحقيق الاطِّلاع على وثائق حكومية سرية بصورة لم يسبق لها مثيل. وأظهرت مذكرات أرسلها بلير إلى بوش قبل الحرب وبعدها مباشرةً إبداء الأول عدداً من التحفظات والمخاوف، لكنه ومع ذلك اتخذ قراره بالوقوف مع الثاني «أياً كان الأمر». هاورد: الحرب كانت مبررة وأعاد تحقيق تشيلكوت رئيس الوزراء الأسترالي الأسبق إلى الواجهة. وصرَّح جون هاورد الخميس بأن قراره مشاركة بلاده في الحرب على العراق إلى جانب الولايات المتحدة وبريطانيا كان مبرَّراً في ذلك الحين «ولم يكن هناك أي كذب». وعبَّر هاورد، الذي شغل رئاسة الحكومة في بلاده بين عامي 1996 و2007 وكان يُعدُّ مع بلير من أكثر حلفاء بوش تأييداً للغزو، عن أسفه للخسائر في الأرواح. لكنه استدرك خلال مؤتمر صحفي في سيدني «أعتقد أن قرار الذهاب إلى العراق كان مُبرَّراً في تلك الفترة ولا أتراجع عن ذلك؛ لأنني أعتقد أنه كان القرار الصحيح». وردا على سؤالٍ عمَّا إذا كان يرغب في الاعتذار لعائلات العسكريين؛ أجاب «بالتأكيد أشعر بالأسف للجروح والأذى الذي لحِق بكل شخص»، و»إذا كنتم تسألونني عما إذا كنت أعتذر عن القرار الذي اتخذته، عن لب القرار، فأنا أدافع عن القرار»، مستطرداً «بالتأكيد أدافع عن القرار»، و»لا أتراجع عن ذلك، ولا أعتقد استناداً إلى المعلومات التي أملكها أن القرار كان خاطئاً». وفيما نسب السير تشيلكوت إلى بلير الاعتماد على معلومات استخباراتية عن أسلحة الدمار الشامل العراقية دون التحقق منها بشكلٍ كافٍ؛ علَّق هاورد «المعلومات عن الأسلحة كانت موجودة قبل الغزو» و»لم يكن هناك كذب، كانت هناك أخطاء في الاستخبارات لكن لم يكن هناك كذب». ومع تأكيده احترامه نتائج تحقيقات اللجنة البريطانية؛ شدَّد هاورد «لا أوافق عليها». وكانت أستراليا ساهمت بـ 2000 جندي في التحالف الذي قادته الولايات المتحدة منذ بدء الغزو في مارس 2003. ولم يُقتَل العسكريون الأستراليون خلال أدائهم مهامهم القتالية، لكن كثيرين جُرِحوا أو لقوا مصرعهم في حوادث. صحف: بلير «متعجرف» ولم يبدِ معلِّقو الصحف البريطانية كثيراً من التعاطف مع بلير الذي دعا إلى الكف عن التشكيك في نواياه وجدَّد القول إنه لم يكذب على الحكومة والنواب. وكتبت صحيفة «ذي صن» الأكثر مبيعاً «لكي لا يفقد (بلير) عقله؛ لا يزال عليه أن يردد لنفسه أن العالم أفضل حالاً وأكثر أماناً بسبب انضمامه إلى الهجوم الذي شنه جورج بوش على العراق، إنها قمة الهذيان». ومضت الصحيفة تقول «بلير يُقرَّ بأن التخطيط لما بعد الحرب كان كارثياً، هذا كل ما يُقرُّ به، وهو لا يرى سبباً للاعتذار عن قراره خوض الحرب، ويصر على أنه سيفعل الشيء نفسه مجدداً، إنه لا يزال يعتقد أنه لم يكن لديه خيار، كان بوسعك أن تقول لا يا توني». وبعد نشر نتائج التحقيق صباح الأربعاء؛ عقد بلير مؤتمراً صحفياً على مدى ساعتين اعترف خلاله بارتكاب أخطاء. لكنه دافع عن نواياه، وقال إنه كان سيفعل الشيء نفسه في الظروف نفسها. وركَّزت صحف الخميس على توجيه انتقادات لاذعة لرئيس الوزراء العمالي الأسبق الذي فاز في 3 انتخابات ثم تنحى عام 2007 بعدما تلطَّخت صورته إلى حدٍ كبير مع اندلاع حرب طائفية في العراق. وعبَّر بلير، وهو يكاد يبكي خلال مؤتمره، عن شعوره بـ «الحزن أكثر مما يمكن لأيٍ كان أن يتصور؛ بسبب الحرب». وكتبت المُعلِّقة، آن بركنز، في صحيفة «جارديان» أن «التشكيك في صدق أحد يبدو وضيعاً في مثل هذه الظروف لكني رأيته بمظهر المتأثر سابقاً، ومثل ملايين الناخبين فأنا لم أعد أثق به»، معتبرةً أنه مذنب بإظهاره «عجرفة لم تَضعُف» في تبرير أفعاله. فيما تساءل مايكل ديكون من صحيفة «ديلي تلجراف» المحافِظة «ما الذي نفهمه من هذا (رفض بلير الاعتذار عن الحرب)؟ نداء صادق صادر عن رجل محطم من أجل أن نتفهمه؟ أم أنه مجرد تمثيل وتجسيد بارع للشخصية». بدوره؛ لاحظ جون كريس من «جارديان» أن أداء رئيس الوزراء الأسبق يُظهِر حزنه على نفسه في المقام الأول ويقول (أنا، أنا، أنا) فـ «الحرب لا تعني 179 جندياً بريطانياً ومئات الآلاف من العراقيين القتلى، الأمر كله يتعلق به هو على الدوام». واستشهد كريس بفيلم «حياة براين» الكوميدي قائلاً «كانت عينا توني تُشعَّان بقناعته بأنه شهيد، لم يكن فتى شقياً بل كان المسيح». في حين كتب تريفور كافانا من «ذي صن» أن بلير «كان على الدوام مهووساً بإرثه كرئيس وزراء، ربما كان يحلم أن يكون مثل بطل حرب أمريكي مع كل ما يتصل بذلك من منافع مجزية»، و»بدلاً من ذلك سنذكره باعتباره مَن أشعل عاصفة من اللهب الإرهابي في عالم ضعيف وغير مستقر». التقرير لم يغيِّر شيئاً بالنسبة للعراقيين وبالنسبة للعراقيين الذين يعيشون يومياً عواقب وخيمة لحرب 2003؛ لا يغُيِّر تقرير تشيلكوت أي شيء. وقبل 3 أيام من نشره؛ شهِدَت بغداد أحد أكثر الاعتداءات دمويةً منذ الاجتياح الأمريكي البريطاني؛ إذ وقع تفجيرٌ انتحاري الأحد الماضي في حي الكرادة المزدحم أسفر عن مقتل 250 شخصاً على الأقل. وتبنى «داعش» التفجير، علماً أن جذور التنظيم الإرهابي تعود إلى حركات متمردين ظهروا بعد الإطاحة بصدام حسين واستهدفوا القوات الأمريكية. ويضم التنظيم في صفوفه أيضاً أعضاءً من نظام صدام حسين. وردا على سؤالٍ صحفي؛ أظهر المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية، أحمد جمال، عدم معرفةٍ بالتقرير البريطاني، وتساءل «ما هو هذا التقرير؟»، في إشارةٍ إلى عدم تعليق أهميةٍ كبيرة. ووصفت عراقيةٌ، تبلغ 60 عاماً وتُدعى زينب حسن، التقرير بـ «فارغ»، تعليقاً على مستندٍ استلزم إعداده 7 سنوات. وعلى غرار زينب؛ أظهر كثيرون في بغداد قناعةً بأن المستند لم يأتِ بجديد. واعتبر عباس سلمان مهدي (56 عاماً) أن «من البديهي القول إن البريطانيين والأمريكيين ارتكبوا أخطاءً من خلال شنِّهم الحرب» لكن «هذا التقرير لا يغيِّر شيئاً بالنسبة إلى بلادنا». من جهته؛ توقَّع النائب العراقي، علي العلاق، المنتمي إلى حزب رئيس الوزراء الحالي، حيدر العبادي، ألا يكون للتحقيق البريطاني تأثيرٌ كبيرٌ «بعد كل هذا الوقت» رغم أن سقوط نظام صدام حسين «كانت له آثار كبيرة بغض النظر عما إذا كان قراراً جيداً أم سيئاً». في ذات السياق؛ أبدى عراقيون، تعرَّضوا هم أو أقاربهم إلى انتهاكات، تشكُّكَهم في حديث بلير أمس الأول عن «عالمٍ أفضل وأكثر أماناً بعد سقوط صدام حسين». وعبَّر غيث الغفاري (26 عاماً) عن تطلُّعه إلى إصلاح المسؤولين عن الغزو خطأهم بشكلٍ ملموس، قائلاً «من واجبهم، على أقل تقدير، أن يعيدوا بناء هذا البلد». ووفقاً لوكالة الأنباء الفرنسية؛ فإن واشنطن وحلفاءها اتخذوا قراراتٍ كارثيةٍ خلال الحرب والسنوات الثماني التي تلتها من الوجود العسكري، لكنهم ليسوا مسؤولين عن كل المشكلات الحالية في العراق. وجاء في تقريرٍ للوكالة «يبدو أن الطبقة السياسية العراقية ميالة إلى الفساد والمحسوبية أكثر من ميلها لبناء دولة قابلة تستطيع الاستمرار».

مشاركة :