هل يوجد إنسان عاقل لا يحب وطنه؟ ربما يكون العقل أو التفكير بحسابات عقلانية تعتمد على ما تراه من وقائع وأحداث، تجيب بأنهم ليسوا بالقليل الذين لا يحبون بلدانهم، يبدأ العدد من الإرهابي إلى المسؤول الكبير المتورط في فساد كبير، فحب الوطن لا يقاس بمنح الوطن لك ولا بالامتيازات التي حصلت عليها نتيجة لاعتبارات غير وطنية.. فعبارة ماذا منحتنا أوطاننا أصبحت نشيدا وطنيا عند أغلب الشعوب العربية للتخلص من ولاءاتها لأوطانها، فوضع الوطن كغنيمة ومكاسب مستحقة جاءت كنتيجة للانتصارات في معارك الحياة، سيجعل مفهوم الوطنية يزيد وينقص وفقاً لاعتبارات المكسب والخسارة، هذا الفهم العقيم للأسف أصبح عند الكثير أو يتبناه الكثيرون من المربين الذين تورطوا وظيفياً في مهمة تربية النشء الجديد، ففي أحس أحوال التربية في الفصل الدراسي والإعلام تظهر في تقديم نماذج إنسانية ناجحة استطاعت أن تصنع لها مجداً شخصياً انعكس على حياتهم وحياة أسرهم دون أن ينال الوطن شيئاً، أو دون الإشارة للفرص الحياتية التي تقدمها الأوطان لأهلها، فكأن الرسائل التربوية المراد توصيلها للأبناء يراد منها أن تكون أنانية في مضمونها، أو تحمل تاريخاً شخصياً للأفراد، ومع تكريس هذه الحالة التربوية في المجتمع العربي أصبح مظهر الكسب والنهب والغزو الفردي يأخذ طريقه أو يبني طريقه على أساسات لا تلتقي مع الوطن واستقراره في طريق. الشخصية القدوة أمر مطلوب وله فائدته التربوية، ان كان قدوة في عطائه وأخلاقه وتضحياته لوطنه، فأغلب ما يقدم لنا من قدوات هم قدوة للمكسب المالي الذي يعرف كيف ينتقل المال من جيب إلى جيب، وكيف يمنع نجاح الآخرين ليبرز هو ، لو ذهبنا الى تاريخنا الآني الذي يكتب الآن واعتمدنا فيه على تضحيات بطولية عالية المعاني الوطنية، لأخذ منها نماذج تربوية تقدم في فصول الدرس والاعلام، المقصد هنا يتوجه لأبطال عاصفة الحزم، الذين أعطوا من لحمهم وعظامهم وحرمانهم لأوطانهم ، سمعنا عن أبطال كثر يتعرضون لإصابات بلغية قاتلة، ويطالبون بإعادتهم الى ساحات القتال ليموتوا فداءً لأوطانهم، فهل هؤلاء الأبطال يطمعون ان يكونوا أصحاب ثروات ومناصب؟ هل احتالوا على بعظهم في ساحات القتال وعقدوا صفقات مع رصاص الأعداء لتتجنب صدورهم وتصيب صدور زملائهم، من هؤلاء فقط تكون القدوات والنماذج التربوية، فلعل وزارة التعليم تنبه لهذا الشيء، وتسحب لدروسها ومناشطها التربوية بعض النماذج من هؤلاء الأبطال، وتسميهم بأسمائهم ورتبهم وتضحياتهم، حتى يكونوا مشاهد تاريخية تتحرك في مدارسنا وإعلامنا وشوارعنا، شبعنا حد التخمة من قدوات المال والأنانية، الذين يشتركون مع نجوم السينما في نهب أوقاتنا الغالية بدون أن يمنحونا شيئاً غالياً يذكرنا بأن التضحية للوطن غالية.
مشاركة :